لم يثن الفقدان الكلي أو الجزئي لحاسة البصر عددا من المكفوفين الأردنيين عن الإبداع ورسم لوحات جميلة، معتمدين في ذلك على حواسهم الأخرى وقدرتهم على التخيل.
وقد نظّم الفنان التشكيلي الأردني سهيل بقاعين، بالتعاون مع أكاديمية المكفوفين “حكومية”، معرضا تشكيليا في العاصمة الأردنية عمّان بعنوان “قارئ اللون”، ضمّ أعمال 21 طالبا جميعهم يعانون من مشاكل في البصر جعلت بعضهم لا يبصر كليا.
طارق (11 سنة) وُلد وهو يعاني من وجود ماء على العينين، وفقد بصره بعد أن أجريت له عدة عمليات في سن الثالثة، إلا أنه من الذين يمارسون هواية الرسم.
تجربة ومشاعر
وعن بداية هذه التجربة، يقول إن زيارته الكعبة الشريفة وشعوره بهيبة المكان وقدسيته، جعلته يرسم ذلك عقب عودته إلى عمّان مباشرة، لافتا إلى أنه اعتمد في رسمه على ما وصف له من مشاهد.
ويشير طارق إلى أنه يلون لوحاته عن طريق حاسة الشم، فكل لون له دلالة لديه، فالأحمر يتذكر أنه يشير إلى رائحة الطماطم ويرسم به الورود، والأخضر إلى النعناع ويرسم به الأعشاب، والأصفر إلى الليمون ويرسم به شعاع الشمس، والبني تشير رائحته إلى نبتة القرفة البرية ويرسم بها وجوه الناس وسيقان الأشجار.
من جهتها، تقول الطالبة أسيل بشار (عشرة أعوام)، وهي مصابة بضغط بالعين يحجب عنها الرؤية بشكل جزئي، إنها تحب أن ترسم لوحات “الأميرة فخر النساء”، وهي والدة الأمير رعد بن زيد (ابن عم الملك طلال والد ملك الأردن الراحل حسين بن طلال).
رسائل وأهداف
ويشعر الفنان التشكيلي سهيل بقاعين بالفخر في هذا المعرض الذي أقامه لأطفال أرادوا أن يرسلوا للعالم رسائل تقول إنهم قادرون على إيصال أفكارهم المليئة بالمحبة والحياة والشوق للطبيعة وتلمسها، حسب قوله.
ويرى بقاعين أن هؤلاء الأطفال يرسمون بشكل جميل ومبدع، وبيّن أن بعضهم فقدوا بصرهم والآخرون يرون بشكل جزئي، لكنهم يرسمون ببصيرتهم ما يعجز عنه المبصرون.
ويقول مسؤول العلاقات العامة في أكاديمية الطلبة المكفوفين أحمد قوقزة إن المعرض مكّن الطلبة من اكتساب معرفة جديدة استطاعوا من خلالها التعرف على الألوان، بعدما كانوا يظنون أن الألوان جميعها سوداء أو بيضاء.
ولفت إلى أن المشاركين أصبحوا “أكثر قدرة على رسم الأفكار، حيث كانت رسومهم في السابق لا تحتوي على أفكار، بقدر ما كانت خربشات فقط، لكنها اليوم مليئة بالرسائل المختلفة.
____-
*الجزيرة