قصائد ..كبرت


*جابر طاحون

خاص- ( ثقافات )
الموت
الحكايات عن الموت كثيرة سيلفيا بلاث
رغم أن تجربته تلزم لتفسيره
و لا أحد عاد من موته ليقول لنا شيئاً
أتصوره أحياناً
ذئباً يجلس آخر الليل يتحسس أنيابه
التي نشبت في لحم البشر
أحياناً
لا يقوي على إفزاع الناس
تماماً كأي مهرج لم يعد قادراً
علي إضحاك أحد
أجده لا يخذل أحد: “سأجد للجميع متسعاً، فاصبروا “
يزيد يقين من يظن أنه وحيد،
يميته وحيداً دون نفع أحد حوله
كأنه لم يكن يوماً
كأنه ما جاء إلى هذا العالم
حتى الذين يسيرون و حسب
لا غاية لهم
يضع نهاية لسيرهم
لن تصدقي أني أعتبره سخياً ؛
الذين كـكومبارس ينظرون إلى الحياة من النوافذ
يوفر لهم قبوراً مهيبة بأسمائهم
يُبطّئ المارة السير بجوارها 
وينظرون إليها بخشوع غير أنه حنون
الذين هزمتهم الحياة
يأخذهم في كنفه
وينهي غربة ظلهم عن الجسد
لأكن صادقاً سيلفيا
أنا أكره الموت
لأنه يزيد المدى الخالي من الحاضرين
فطر قلب أم على ابنها
وحرم امرأة من حبيبها
كل هذا غير الولد الذي كان عون أبيه
النهايات دائماً سخيفة
فما بال الموت!
عيون الموت الواسعة تلهينا عن الحياة سيلفيا
أنا بحاجة إلى شجاعتك
لا إلى ولوج الموت
بل لأعيش الحياة. 
ليس صحيحاً
ليس صحيحاً أنهما 
صديقان حميمان 
فيما يبدو يمتلكان النظرة الجائعة نفسها
إلى الحياة.
ليس صحيحاً أنهما عاشقان 
هي تشعر بالأمان بين ذراعيه
هو يخفي دموعه بين ثدييها
وداعه لها وحدها قبل السفر 
لأنه يريد شيئاً يستحق أن يعود 
لأجله 
أيضاً، يوفر لها سبباً للانتظار.
حكاياتها عن شابٍ 
حاول في الباص
أن يتحسَّسها
لا تتوقف
رغم كونها عاهرة قديمة
تقسِمُ أنه حاول بصدق
وتفرح كثيراً
بتقبيل يدها من رجل لا يعرف ماضيها. 
كبرت
افترقت و صديقك 
تزوجت ابنة الجيران واحداً غيرك
سافرت البنت التي تقاسمت الحلوى معها
الحلوى التي تؤلم أسنانك الآن عند تناولها
كبرت 
وكبرت أختك ولم تعودا تتشاجران 
تزوجت وأنجبت 
يسألك ابنها من يقول لك يا “خالو” عن المال 
وأنت من كنت تسأل عن المال حتى وقت قريب 
كبرت 
تجذَّر و اسودَّ الشعر الأصفر النابت في وجهك
مات صديقك الذي كنت تهرب معه من المدرسة
توقفت عن “التأتأة “
و أصبحت أكثر ميلاً للصمت
زاد انحناء ظهرك للأمام
تبذل جهداً لتحافظ على توازن مشيتك
كبرت 
وعرفت معنى الموت 
في طفولتك لم تكن تحمل هماً 
لم تكن لديك حسابات لأي شيء 
لم تكن تفكر نادماً في الماضي 
لم تكن قلقاً بخصوص المستقبل
كبرت 
و لا أحد يغفر لك أخطاءك
لا أحد يمنحك فرصة ثانية
فقدت كل لذة كنت تملكها 
وأنت طفل .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *