ايزيس خليل
الرقابة ملفّ شائك عادة ما يثار قبل الماراتون الرمضاني كل عام. ولكن ماذا عن فرض رقابة أمنية ذات طابع انتقامي على شريحة من الفنانين والكتاب في مصر؟ سؤال يطرحه الكاتب المصري بلال فضل، بعد منع مسلسل «أهل إسكندرية» للعام الثاني على التوالي. العمل من إخراج خيري بشارة، وكتابة فضل، ومن بطولة هشام سليم، عمرو واكد، وبسمة. وكان من المقرّر عرضه هذا العام على قناتي «المحور» و «الحياة».
يقول فضل لـ «السفير»: «تعرضت للظلم الشديد للمرة الثانية، ومنع مسلسل «أهل إسكندرية» خطوة انتقامية من بعض أعضاء فريق عمل المسلسل، المعارضين لنظام حكم السيسي في مصر. فقد صرّح رئيس الوزراء المصري في لقائه مع وائل الإبراشي أنّ العمل منع بسبب إساءته لجهاز الشرطة المصرية، وأنّ المصالحة بين الشعب والشرطة تمّت بعد أحداث 25 يناير، وأنّه من غير المفضل فتح جراح قديمة».
نشر فضل بياناً على صفحته على «فايسبوك»، يشجب فيه ما تعرض له طاقم العمل على مدار عامين متتاليين من رقابة أمنية فرضت على المسلسل.
تدور أحداث العمل في حقبة ما قبل ثورة 25 يناير، وبالتحديد في العام 2010. يحاول المسلسل رصد ملامح الفساد في الدولة المصرية، بدءاً من وزارة الداخلية وخصوصاً جهاز الشرطة، ومروراً بوزارة الإعلام، ورجال الأعمال وغيرهم، في إطار اجتماعي.
يستكمل بلال فضل في بيانه بخصوص المنع: «خلال السنة الماضية، حاولتُ مع المخرج خيري بشارة وبعض الزملاء، السعي لحلّ أزمة المسلسل وعرضه في قنوات فضائية، ولم نلق أي تجاوب من مدينة الإنتاج الإعلامي، في نفس الوقت الذي كان يردد فيه البعض أن لا أحد يريد شراء المسلسل، مع أن كل المسلسلات تباع ولا يوجد مشكلة في تسويقها أبداً أياً كان مستواها الفني». وأضاف: «حين قمنا بتوسيط شركة مختصّة لتسويق العمل، قيل لمديرها صراحة: «الموضوع أكبر مننا والمسلسل في أوامر إنه يفضل في العلب».
وأشار فضل إلى أنّ تلفزيون «العربي» ــ يقدّم الكاتب المصري عبر شاشته برنامج «عصير الكتب» ــ تقدّم بعرض رسميّ إلى مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، لشراء «أهل اسكندريّة» وعرضه، لكنّ طلبه رفض. «خرج بعدها مسؤولون من المدينة للقول في الصحف أنّ تنظيم الإخوان الإرهابي حاول أن يشتري المسلسل بمليون دولار، لكن المدينة رفضت بكل إباء»، بحسب البيان. ويضيف فضل: «لا أفهم ما إذا كان صاحب التصريح حول الإخوان قال ما قاله لإثبات ولائه والحصول على ترقية مثلاً، ولكن لو كلّف نفسه دقائق وقرأ ما أكتبه يومياً من شتائم في جماعة الأخوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لما قرّر أن ينسب هذا الاتهام الكاذب لقضية منع المسلسل».
لم تعد الصراعات مع جهاز الرقابة على المصنّفات الفنيّة في مصر، كسابق عهدها، بل تطور الأمر إلى حدّ تدخّل الدولة لمنع أعمال قد تجد فيها أموراً مسيئة لها، فتحجبها عن عيون المشاهدين. ذلك ما يعيدنا إلى السؤال الدائم، حول ما إذا كان للدولة / السلطة الحقّ في منع الكتب والسيناريوهات وممارسة الوصاية على صانعيها؟ من الواضح أنّ الإجابة نعم في عهد السيسي، بعدما ظنّ الجميع أنّ ملف الحريات في مصر وصل إلى برّ الأمان، بعد ثورة 25 يناير. ولكن ما يحدث الآن هو مخالف تماماً لكل تلك الأحلام الوردية، من خلال التضييق على كتاب الدراما والسينما، ورسّامي الغرافيتي، ومغنّي الأندرغراوند…
السفير