*محمد عبد الرحيم
القاهرة ـ «القدس العربي»: أقام المركز الفرنسي في القاهرة في ما يُشبه الندوة الاحتفالية، بمناسبة صدور الترجمة الفرنسية لرواية «الجليد» للروائي صنع الله إبراهيم، التي صدرت طبعتها العربية الأولى في عام 2010 عن دار الثقافة الجديدة في القاهرة.
ما بين الأمل والنتيجة
«لم يكن الاختيار صعباً بسبب محدودية المعروضات. فوقفت في طابور الشراء أتأمل صورة بريجنيف المعلقة على الجدار. اختفت إحدى البائعات اللاتي يرتدين معاطف بيضاء. وانهمكت أخرى فى حديث طويل مع ثالثة. أخذت إيصالاً بما أريده، ثم انتقلت إلى طابور آخر للدفع وحسبت البائعة ثمن مشترياتي على الحاسبة الخشبية: 031 كبيكا بيض، 03 كيفير «لبن رائب»، 463 فودكا و08 خبزاً. دفعت وأخذت إيصالاً بالمبلغ ثم انتقلت إلى طابور ثالث لأستلم مشترياتي.
تجربة صنع الله إبراهيم
بدأ جاكمون حديثه بالإشارة إلى عالم صنع الله إبراهيم الروائي، هذا العالم الذي لم يقتصر على المجتمع المصري، لكنه يكشفه من خلال مجتمعات أخرى، فمن بين 13 رواية كتبها إبراهيم، تدور 6 روايات منها خارج مصر.. لبنان، عُمان، الولايات المتحدة، فرنسا، الاتحاد السوفييتي، ألمانيا الشرقية.
هذه الأعمال ترتبط بتجربة صنع الله الشخصية، فهو يكتب ما يعرفه وما عاشه فعلياً، لذا تأتي هذه الكتابة مختلفة عن الكثير من أعمال أخرى.
لماذا الآن؟
السؤال الأول الذي وجهه جاكمون لصنع الله إبراهيم هو التوقيت الزمني والفارق ما بين معايشة التجربة والكتابة عنها، فـ»الجليد» تتحدث عن موسكو عام 1973، وتمت كتابتها عام 2010، كذلك «برلين 69»، صدرت عام 2014. فلماذا الآن، ولماذا الصمت طوال تلك الفترة؟
أشار صنع الله إبراهيم إلى أن هذا من قبيل الأسئلة صعبة الإجابة.. ربما المزاج النفسي، أو الظروف السياسية، والكثير من العوامل كالمناخ العام، وحالة الكآبة أو السعادة التي يحياها الناس، ذلك من خلال ملاحظاتي ــ يقول إبراهيم ــ وأسئلتي حول ما يحدث. من ناحية أخرى هناك إحساسي بما أشاهده، ربما موقف ما أريد الاحتفاظ به او استعادته، ولا يكون ذلك إلا بالكتابة، لكن في البداية لا أقوم بأرشفة ما يحدث بهدف استغلاله في مشروع روائي أو بهدف صياغته في عمل فني. فالتجربة الروائية عموماً يتحكم بها العديد من العوامل التي لا أستطيع التحكم بها.
موسكو وبرلين
ويُشير إبراهيم إلى أن الروايتين تطرحان سؤالاً حول محاولة تمت في منطقة ما من العالم، حاولت تحقيق أفكار معينة، خاصة بوضع البشرية .. الاشتراكية والمساواة، وهي محاولة فشلت كما يبدو. وبالإحالة إلى ما حدث في مصر، فالثورة بالفعل مستمرة، ولا تدخل النتائج في المفهوم الفكري للثورة، فهي كتقييم اجتماعي فشلت، لكنها ليست نهاية العالم، فالفكر الثوري يؤدي لإمكانية محاولة جديدة وهكذا.. فهناك حالة ترابط بين هذه المجتمعات التي كانت مسرحاً في يوم ما لأفكار فشلت، لكنها لم تنته.
تنوع الأسلوب ومعياره
طرح جاكمون سؤالاً آخر حول أسلوب الكتابة لدى صنع الله إبراهيم، الذي اختلف في رواية «برلين 69»، خاصة أن إبراهيم تنوعت أساليب السرد لديه، فمن السارد بضمير الأنا، كما في رواية «الجليد»، إلى السارد من الخارج في «برلين 69»، من ناحية أخرى أضاف إبراهيم أسلوب السخرية الواضح في روايته الأخيرة، عن الأسلوب التقريري في «الجليد»، فما الذي يُحدد الأسلوب السردي ووجهة النظر السردية؟
التوثيق والذاتية
وأخيراً لمح يشار جاكمون إلى الفارق بين أعمال صنع الله إبراهيم السابقة، وبين عمليه الآخيرين، من حيث خفوت الهَم العام، وتضخم الهم الذاتي، وهو ما يستدعى مناقشة حالة التوثيق التي يتميز بها أدب صنع الله إبراهيم.
_______
*القدس العربي