الواقع المعزز يمهد لثورة بعالم الأجهزة القابلة للارتداء



في مقالته الصادرة عام 1945، أشار المخترع والعالم الأميركي “فانيفار بوش” إلى تصوراته المتعلقة بما يشبه طرازا أوليا لما بات يعرف بأنظمة الواقع المعزز في هذه الأيام، عندما تحدث عن نظام رأسي مزود بكاميرا خاصة تسمح للإنسان بالتقاط الصور وتسجيل البيانات الصوتية وإعادة الاستماع إليها أثناء العمل في المختبر.

وخلال العقود التي تلت مقال “بوش”، تعاقبت الابتكارات في مجال الواقع المعزز، حيث ظهرت بعض التقنيات التي من شأنها تعزيز الواقع الفيزيائي، لتحويل العالم المحيط بالمُستخدم إلى واجهة حاسوبية، وقد شهدت صناعة تجهيزات الواقع المعزز في السنوات القليلة الماضية تطورات مهمة ساعدت على إنتاج أنظمة بتكاليف مقبولة وأحجام صغيرة وتقنيات إظهار مبتكرة.
ويعبر مصطلح “الواقع المعزز” (Augmented Reality) عن تقنية تسمح بتراكب واجهة رقمية متناغمة مع العالم الفيزيائي الذي يراه المستخدم، على خلاف “الواقع الافتراضي” الذي يتطلب ارتداء خوذة خاصة ومستلزمات أخرى مرتبطة بالحاسوب الذي يسمح بمحاكاة عالم افتراضي يمكن للمستخدم التفاعل معه والاندماج فيه.

تطور ملفت
وفي تسعينيات القرن الماضي، بدأت هذه التقنيات بالدخول حيز الاستخدام، حيث تم استثمارها من قبل عمال التجميع في شركة صناعة الطائرات “بوينغ”، الذين تم تزويدهم بأنظمة رأسية تعرض صور محوسبة بشكل متراكب مع المشهد أمامهم مما يساعدهم على وصل الأسلاك بالشكل الصحيح دون ضرورة العودة إلى ملفات التركيب الخاصة بالطائرة.
وبفضل التطور الملفت الذي تشهده أنظمة الحوسبة المحمولة وتقنيات معالجة الرسوميات، تحولت تقنيتا الواقعين المعزز والافتراضي إلى تقنيات قابلة للارتداء ومتاحة للمستخدمين بأسعار مقبولة، ففي الشهر الماضي، أعلنت شركة “أوكولوس في آر” -التابعة لفيسبوك- عن عزمها شحن خوذتها للواقع الافتراضي “أوكولوس رفت” للمستهلكين اعتباراً من العام القادم.
كما تعتزم شركات على غرار “أتش.تي.سي” وسامسونغ طرح أنظمتهما الخاصة مع نهاية العام الجاري، بينما لم تحدد كل من مايكروسوفت و”ماجيك ليب” مواعيدا مؤكدة لوصول أنظمتهما الخاصة في عالم الواقعين المعزز والافتراضي.
ويرجح الأستاذ المساعد في جامعة ستانفورد -غوردن ويتزستين- أن يتضاعف الاعتماد على تقنيات الواقع المعزز بشكلٍ كبير في المستقبل، لتتحول إلى وسائل يعتمد عليها في التواصل والأعمال وعرض المعلومات وتشغيل الألعاب.

استخدامات متعددة
وأكد أن هذه التقنيات ستغير طريقة التواصل بين الناس بشكلٍ جذري، الأمر الذي يؤكده كذلك روني آبوفيتز، المؤسس والرئيس التنفيذي في شركة “ماجيك ليب”، الممولة من غوغل وتعمل على تطوير نظارات متعددة الاستخدامات، تعتمد على تقنية الواقع المعزز.
وتجري مايكروسوفت أبحاثها للتوصل إلى تطبيقات جديدة ومتنوعة لنظارة “هولولينز” التي تم وصفها بأنها أول حاسوب لاسلكي يدعم عرض المجسمات بتقنية “هولوغرام” متيحا للمستخدم التفاعل معها.

وتشتمل التطبيقات التي تعمل مايكروسوفت لدعمها في نظارتها على مجالات عدة من بينها التعليم والصحة، حيث تتعاون الشركة مع جامعة “كيس ويسترن” لاستغلال “هولولينز” في مجال التعليم الطبي بحيث تسمح للطلاب بمشاهدة مجسمات لأعضاء جسم الإنسان وتحريكها والتفاعل معها، كما تخطط وكالة الفضاء الأميركية لاستخدام “هولولينز” في مساعدة باحثيها على التحكم بحركة المركبات على المريخ بشكل بسيط وعبر حركات الجسد.
ولسوء الحظ، تعاني أنظمة الواقع المعزز من عقبات متنوعة، حيث يجب أن يتم دمج العتاد الصلب الخاص بالجهاز دون أن يؤثر ذلك على حجم الجهاز ووزنه، وبشرط أن يتوفر المنتج النهائي بتكاليف مقبولة، وأن يكون منخفضا باستهلاكه للطاقة الكهربائية، كما تواجه بعض الصعوبات التقنية المتعلقة بدمج البيانات التعزيزية أمام عين المستخدم ليراها بالشكل الأمثل دون أي خطأ.
__________
البوابة العربية للأخبار التقنية

شاهد أيضاً

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب مولود بن زادي في كتابه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *