يا “رجال” جسد المرأة ليس حقكم


* د.سحر الألفي

خاص- ( ثقافات )

تلعب الظروف النفسية والاجتماعية دورا أساسيا في تكوين شخصية المرأة داخل المجتمع، وفي الدول العربية عموما ومصر تحديدا مرت المرأة بظروف صعبة بالغة التعقيد حين كان الأب مشغولا بجمع الرزق والسعي إلى صنع مستقبل أفضل للأسرة وربما يضطره الأمر في ذلك للسفر طويلا، حين ذلك كانت تتولى المرأة شوؤن الأسرة كاملة بمفردها.
أما الآن وبالرغم من مطالبات المساواة والانفتاح ونيل المرأة الكثير من الحرية المنشودة المزيفة، واقتحامها سوق العمل بالفعل أصبحت تلعب دورا كبيرا لكن دون هدف واضح، إذ حادت عن المسار الأساسي، وكما قال الأسلاف ((صاحب بالين كذاب)) وصارت صاحب بالين وربما ثلاثة وربما أكثر.
لم يكن هذا خطا المرأة وحدها بل هي ضحية لانفتاح غير مدروس ولتقاعس الرجال عن أدوارهم، سواء كان الأب أو الأخ أو حتى الزوج، مما نتج عنه حلقة مفقودة في التواصل الإيجابي مع الحياة .
ومن جانب آخر وجدت حواء صعوبه بالغة بالتوفيق بين العادات والتقاليد وموروثات الأجداد وبين تطبيق مبادئ الانفتاح والنزول إلى سوق العمل وبين دورها الأساسي في المجتمع كأم ومربية لاجيال ستحاسب عليها ، مما جعل المرأة تنكمش على ذاتها وتضيق دائرة علاقاتها بالمجتمع، إضافة إلى الإطار المرسوم لها مسبقا باعتبارها أنثى فنتج عن ذلك ازدواجية في السلوك الاجتماعي تجاه المرأة. 
وفي ظل غياب الدور التوجيهي والدعم المعنوي لها وغياب التثقيف الحقيقي وتطوير المفاهيم والمبادئ والمناهج التربوية تعالت أصوات العيب والصواب والخطأ، وبالتالي تفاقمت المشكلات في حياة حواء هذا الزمان وأصبح العلاج الوحيد كالمشرط بيد طبيب متخصص. 
لقد تملك المرأة الشعور بالظلم والإحساس لحرمانها الفرصة الحقيقية لإثبات ذاتها بالشكل الواقعي والعادل،في حين يرى البعض أنها أخذت أكثر من حقها، فبدأت هنا المرأة تدخل في نفق مظلم وتعيش تجربة الغربة النفسية الداخلية خاصة بعد ارتفاع معدلات العنوسة والطلاق بمجتمعاتنا؛ لأن المجتمع يتعامل مع المطلقة على أنها المذنبة الوحيدة وهي من تتحمل مسؤولية فشل الزواج، وكذلك العانس تعيش في سجن داخل نفسها أشبه بنفق مظلم إن جاز التعبير، وتعامل كحالة مرضية.
من هنا بدأت رحلة المرأة إلى عالم المجهول رغم نيل حقوق هي جوفاء لا تعني ولا تثمن بحسب رؤيتي، ولا سيما أنها تعاني م نعدم القدرة على الانخراط في مجتمعات ذكورية تنظيرية ما زالت تتناول ثقافة الاستمتاع بجسد المرأة على اعتبار أنه حق مباح للذكر، متناسين عقلها الذي نضج تحت وطأة ظلم وانفتاح مجتمعي وتطور تكنولوجي غير عادل.
وسأتناول الحلول بغض النظر عن المشكلة ومدى ضخامتها فكل منا يستشعرها،فالحلول بحسب رؤيتي تكون جذرية تأهيلية للبنات من الصغر والشابات المقبلات على الزواج، ولا بد أن نمنحهن فرصة التعبير عن ذاتهن ولا نتجاهلهن، وأن نقوم بتوعيتهن للدور المنوط الذي سيلقى عليهن إما برغبتهن أو بتواكل الزوج أو للظروف المعيشية الصعبة، وللحديث بقية ما دمت أنا حية !!.

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *