*دانييل أوبرهاوس/ ترجمة: محمد الضبع
كان لدى خورخي لويس بورخيس كما يعلم عشاق قصصه العديد من الأفكار. وبعض تلك الأفكار كانت فانتازية مستحيلة في وقت كتابته لها بين عشرينات وخمسينات القرن الماضي. ولكن صفاتها الأسطورية جعلتها تصمد أمام الزمن، والآن بدأ عشاق بورخيس في القرن الواحد والعشرين بوضع توقعاتهم الفلسفية قيد التجربة. كان بورخيس يتحدث دائمًا عن أهمية المجازات واحتمالاتها اللامحدودة في اللغة. ووضع بورخيس اعتقاداته النظرية التي تنص على أنه بالرغم من هذه الاحتمالات اللامحدودة للغة الشعرية، إلى أن هناك أنماطًا مجازية استمرت في الظهور والتكرار.
أفضل مثال على فكرة المعادل المجازي هو العلاقة بين صورتي “النجمة” و”العين”. والآن في موقع يدعى “الشعر للروبوتات”، يحاول الباحثون وضع نظريات بورخيس تحت الاختبار، ويطرحون أسئلة من نوع: هل من الممكن تعليم الآلات تلك القيمة الشعرية في اللغة البشرية؟.
ماذا لو وظفنا الشعر والمجاز في قاعدة بيانات؟ هل يمكن لبحثك عن مفردة “عين” أن يظهر لك نتائج تحتوي على صور ل”نجمة”؟ للإجابة على هذا السؤال بدأ الباحثون بجمع القصائد من المستخدمين حول العالم، والذين كان عليهم أن يرسلوا بالنصوص التي لا تتعدى 150 كلمة. ثم يأتي بعدها الاختبار: هل بإمكان الآلة أن تجد العلاقة الشعرية التي يجدها الإنسان بين الكلمة والصورة؟
إن كانت نظرية بورخيس عن وجود المجازات بأنماط معينة صحيحة، فسوف تنجح الآلات في هذا التحدي. إن تمت هذه التجربة لن تكون مجرد قفزة في حق الذكاء الاصطناعي الذي سيتمكن من كتابة الشعر والاحتفاء به وحسب، بل ستكون أيضًا فرصة لإنشاء محركات بحث ذات لغة شعرية، في اتساع فني عميق وتطور مبهر لمحركات البحث التقليدية المملة. في سنة 1989 كتب نورمان كوسنز مقالًا يتحدث فيه عن زحف الآلات وأن علينا الحذر من سلبها لإنسانيتنا. ولننجح في فعل هذا، اقترح أن يرافق كل عالم أو تقني يعمل على صيانة الآلة شاعر ليعمل معه. حتى نتمكن من أنسنة الآلة، نحتاج إلى أكثر من العلماء في مقر العمل، نحن بحاجة إلى الفنون والإنسانيات أيضًا. هذا هو الجمال الحقيقي لما يحدث الآن من حولنا.
صحيفة الرياض