لا تنتظــرهـــــــا 2


*سميحة المصري

خاص- ( ثقافات )

وَتَجـــيء ….
بوسامةِ إسبانيٍ عَتيـــد ، بِحكمةِ يونانيٍ عَريقٍ
وورودٍ نوروزيةٍ فارسيةٍ … بعَربةِ حوذيٍ فخمةٍ
بروائحَ هنديةٍ ، فرعونيةٍ ، بحضورٍ عَبقري الهَيبة ..
بقصيدةِ شاعرٍ عربيّ .. وبغَيرةِ رجلٍ شرقيّ
بِعراقةِ طائر السيمورج فوقَ مُنتهى السُفوح..
بمزاجٍ مَلَكيٍ ، بِثَراءٍ مَلكيّ ،
غيرَ الذي تكونُ فيه بحضورِ ثَراءآتٍ اخرى
امثلْ بينَ يديّ مساءكَ أميراً مُتَوّجاً ..لتنتظرها …..
ولكن : لا تنتظـــرهـــــــــــا..!
هي … خَضراءُ الله , اللامَوصوفةُ ،،،مَدَدْ
هي .. بيضاءُ الله ،مَدَدْ ، مَليكةً ، تسدلُ أمْسها على حاضِرها
بيدٍ تحضنُ الأمس وأخرى تحضنُ الكون ..
قَبسٌ على يسارِ قَميصك المتشحِ بالأزرقِ الفخمِ البحريّ السمائي ..
كَلّلها باعتذارٍ ، وبعطرٍ، وبجيوشٍ من خُزامى وأسرابٍ من اللوتس
ولا تَنتظرها الا بضوءٍ منَ الله …
لا تنتظرها في سَبتِ الخديعة حيثُ تُطفأ انوارُ العاشقين 
ولا في أحد النبي موئلَ الطواوييسِ ومهبط الفراشات
ولا في ثلاثاء العَسسِ حيث يتقاصرُ ظلّها وتتهيأ أنتَ ، ثم تتهيأ أنت ..
ثُمَّ تكسو السريالية الأغاني !
ولا أربعاءَ التطيّرِ والعواصفِ . والحلم من أجلِ الهباءِ والبدادات
ولا أحدَ يسألُ عنكَ قبلَ أن تنامَ ، وبعدَ أن تَصحو
ولا الخميس حيث تُرفع منارات العشق ليلاً
وانتَ لمْ تُرمّم أرواحكَ الأربعة بعدُ
ولا جمعةَ المُنتهى والهدءآت وفتحِ الصناديقِ المعبأةِ بالحنين ..
لا تنتظرها خلفَ الأبوابِ المواربةِ فهي مصابةٌ بفوبيا الأبواب
ولا تتركِ المفاتيحَ مُعلّقةً على مسمارٍ بجانبِ الشُباك
فهيَ لا تفقهُ علومَ المسامير ولا سِيَرَ المَفاتيح
يا صديقي الحَيّ جداً ..أيها السادرُ في التذكّرِ والانتظارِ
لا تنتظرها في حفلِ الزفافِ الذي سيكونُ غداً
فَلَرُبّما لا تحضُرُ ، قد كانَ كلبٌ عقورٌ وسيّدُهُ الأسود
يستبدلانِ هاجسها الورديَ بخيبةِ أملٍ وثنية
لِيَشدّوا رُسْغها الى الجدارِ ، مُباهينَ بأشرعَةٍ ليستْ لهم
ينسيانِ بأنها بيضاءُ الله
وخضراءُ اللهِ وسليلةُ جود الله
وتلكَ التي تُحاربُ أوثاناً كفرتْ بجيادِ الله 
أيا أنتَ المُنتَظرُ ……..
مرّتْ أمامكَ ألفُ عربةٍ وأنتَ تنتَظرها
وألفُ امرأةٍ وستونَ وجعاً
وخمسونَ وتسعٌ منَ السِنين ……
ومَرّ المواظبونَ على الخلودِ !
ومَرَّ الهِكسوس وثمودَ الأولى ، وقومُ نوحٍ وجدّتكَ ،
وديميتر، وأبو لهبٍ ،وعُزَيرُ وصاحبُ كَليلة ودمنة
وابنُ زيدون ، والراقِصُ مع الذِئاب
وغرناطة، والهادي آدم الذي شَدا لكَ ” أغداً ألقاكَ ” 
ولكنها لم تمُرّ …يا ويحَ قلبكَ كمْ كانَ أخضرَ مثلَ خَضراءِ الله
يا لِشؤمِكَ ، ما هازمك وَجدٌ الا هزمكَ !!!
يا لِغبارِكَ ما غابرتكَ ريحٌ الا عفّرت سَكينتكَ … ما أغبرَك !
عُدْ ، فلا بثينةُ على الدربِ ولا دعدُ ولا يزالُ ميعادُ هندٍ ( بعدَ غَدِ) ….
بقصيدةٍ ثكِلتَ قوافيها وتركتَ ضَغينتها ..
وبخجلِ الندوب العَتيقة على خدكَ وإصبعيكَ
هِمْ ، واتركْ على الطريقِ مَنارات الرمادِ أثراً
قَدْ آنَ أنْ تستريحَ …
لا تنتظرها فها أنتَ : تَجِفُ * تُهلْوسُ * تَفْرُكُ أُذنيكَ
تَنسى * تيأسُ * تتواطؤُ مع يقينكَ * تَحتملُ * لا تحتملُ
يَعلو نبضَكَ * تلعنُ ذاكرتَكَ * تَهدرُ حِبركَ ، تُشاوِرُ حَبْرُكَ …!
يتنفسُ المكانُ في حلقكَ
ألم تَعِدْ بأنكَ لنْ تنتظرها فَلِمَ عَيَيتَ ، ثُمَ عَييتَ ..!
الم تَعِدْ بخيالٍ لِمَساءينِ منَ الفيروزِ والحنّاء ؟
ألم تَعِدْ بليلةٍ منَ الصَمتِ الجليلِ أمامَ اعترافاتٍ مثلكَ تَبكي ؟
ألم تَعِدْ بِنُسخَةٍ من أحلامٍ مُجمّدةٍ تَأخرَ بريدها
ما حِكايةُ الليل الطويل إذاً ……………..
ما حكايةُ الهاتفِ الفقيرِ يُنيخُ صوتهُ ، ما حكايةُ وجْهكَ الأول والثاني
وذهابُ دهشاتكَ حينَ تُفرط في الغيرةِ وينفرطُ عقدَ الروح
ويزولُ حجابُ الصوفي اللاهثِ فيكَ
المُنفرطِ من أثرِ القُربِ ، وشدّة البُعد
كنْ أنيقاً ، مُهندماً وأنتَ تُلملِمُ الخيبةَ عندما تنتهي صَلاحيةُ موعدها ..
لمْ تكنْ أكبرَ الخسارات أنْ تنتظرها ولا تَجيء ..
ولَمْ تكُنْ أولَ الصفعاتِ ولا آخرَ الحماقات ولا آخرَ الخيانات
لا تنتظرها حتى لو وهبتكَ في الإنتظارِ كلَّ هذا الفرَح
لا تنتظرها هناكَ فليسَ وراءَ الهناكَ الا أنتَ وهي ..
وما في الانتظارِ غيرَ الضَياع المُر…
عُذْ بِكَ منْ رِدّةٍ مُحتَمَلَة لِجَمركَ ، عُذْ بكَ من أرواحٍ تامّةِ الألم
وتَوَقّفْ بنيرانكَ (الباردة) وانتظاركَ عندَ مفرق المَدى
قُلْ من بينِ مجرات الأسوارِ والأبوابِ .. لنْ أنتظرها
أنا وقصائدها الحَردانةُ مِثلي
وضَميري المُتسكعُ منذُ ألفِ ليلةٍ وألفِ قَهوة
منذُ ألفِ نكسةٍ ، في بقايا المدنِ التي لا أحصنةَ في شوارعِها
قلْ: اريدُ أنْ أُدوِّنَ آخرَ قصيدةٍ قبلَ أن أُفارقَ الحياة
و أقرأَ آخرَ فنجانَ قهوةٍ لأُفارقَ العِرافَةَ
ولا أُريدُ أنْ أُبعَث حُبُاً من جديد ..
يا سيدتي / البحرُ الليلةَ نهرٌ جداً والليلكةُ مبتهجةٌ جداً
فتعالي …من الوقتِ المستَعمل الذي كانَني وكُنْته وكُنّاه
تعالي نقتسمُ ما تَبقّى من المُقَسّم ونُجَزّيء ما تَجزأ من المُجزّأ …!
تعالي نستبيحُ المَدى
ذهبوا كلهم وبقيتَ أنتَ ” ذهباً “
زالوا كلهم وبقيتَ انتَ زُلالاً
لم تزلْ …
هامش
قبلَ أنْ تذهبَ / وزّعْ دمكَ بينَ / على / القبائلِ 
ولا تنتظرها الا وحدكَ ..مع جيوشِ خُزاماك
وبعدها ، اكتبْ قصتكَ القصيرةَ جداً والفجيعة جداً .. والفاضلةَ جداً
وقلْ : ستعودُ ربةَ المَحَبّات الى الليلِ …
هكذا دائماً يموتُ الكبار ..وحيدونَ ، بِجرّة ألم ..
.. كلّ شيءٍ لا زالَ على حالهِ فَخُذْ كَأسكَ ولازوردكَ
ونيّة الارتواء ، وانزعْ كلّ اللاءاتِ منَ القصيدةِ..
وانظرها من الشَرفةِ ، كُنْ وقوراً ، كنْ صبوراً
وحضّرْ ما يليقُ منَ الشعرِالمُتَعَتّقِ والموسيقا والشموعِ… والليل …
ولا تنسَ : انزع لاءآت القصيدة ..
لا يقدرُ الحنين أنْ يتواطأ مع الكذبِ ،، فللحنينِ سُهوبٌ تُحَلّقُ سَفراً في الزمنِ ولَحاقاً به …..
قلْ هوَ الحنينُ حتى يَسجدَ البوحُ …
فانْتَظِــــرهــــــــــــا …..

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *