دعاء وصفي البياتنه*
لمّا أتى خبرُ الفتى
صاحَ البنفسجُ والنّدى
وتَلعثَمَ الزّيتونُ واللّيمونُ أجهشَ
بالسؤال،يرنُّ في قـَصَبِ الأزقةِ شاهقا؟
هل مات حقـًا أم سيأتي لاحقا
ليفرّطَ الرمان ياقوتًا يلوّن حنطة في الوجه
ترسم خدّه؟!
هل مات حقّا؟؟
أم تأخّر عن مواسمِنا لينسى اسمَنا
صاحَ البنفسجُ والندى :
نعشٌ هناك تطوفُ حوله دمعةٌ
والأمُّ تنهضُ بالزّغاريدِ الّتي
تعلو إلى حدِّ الأباتشي، لا تخافُ البندقية ْ
الأمُّ تعزفُ جرحَها بالنّايِ
تحرقُ نفسَها
وتقبّلُ الوجهَ المخضَّبَ
كي ترافقـَه التحيّةْ
الأمُّ تصرخُ فجأةً
خَزّانُ دمعٍ شقّ أفئدةَ الهواءِ
فسالَ صوتُ القلبِ وانكسرَ التجلّدُ لحظةً
يمّا حبيبي لا تغادرْ
نظرةٌ من رمشكَ الغافي
يعيدُ الوقتُ نظرتَه لموتِكَ من جديدٍ
فلتعدْ
لا لستَ أنتَ الآنَ
لستَ الآنَ أنتْ
فالموتُ أحمقُ
حين يسري خبْطَ عشواءٍ
يلمُّ الوَرْدْ
يا شالِ طيري عالنّعش بِدّي أنوح
خليه يبطّئ بالمشي لابكي عليه
دمعاتي كُلها بالمساجدْ زغردتْ
بدّي أرَبِّط روحي في غَفْوِةْ عينيه
النّعشُ يربتُ فوق أكتافِ الرّجالِ
لتركضَ الأقدامُ فوق الأرضِ طبلاً لا يحدّده المدى:
أحدٌ أحدْ
بلدٌ بلدْ
جُرحٌ يسيلُ من الجدارِ من الحديدِ مِن الصّدأ ْ
يرتجُّ إيقاعُ النفوسِ مع انتظامِ النّعشِ
ينهمرُ الصدى
فالسكّر الفضيُّ يغرسُ في الهواءِ
نقاوةً ترقى بحنجرةِ المشيِّعِ
كي يصيرَ المئذنة ْ
والسّكرُ الفضيُّ يلهبُ في الهواءِ
حماسةً تهوي بجنديٍّ لقبرٍ لا تريدُه مقبرةْ !
النعش يمضي واثقـًا
نيشان وردٍ قرب مسرحه الأخير
يفزّ عطرًا
والتّرابُ يسفُّ نفسَه بالبكاءِ ككربلاءَ
فكيف يحجبُ سيّدًا من أرجوانٍ من شبابٍ
من سماءٍ من بنفسجَ من ندى
صاح البنفسج ُ والندى
لا تخش وَحدتك الجديدة يافتى
لا لن يودعَكَ الإلهُ وما قَلى
لا لا تعاتبْ دودةَ القزِّ التي مكثتْ هنا
عمرًا لتنسجَ ثوبَك المخضرَّ من سُوَرِ الكتابِ من الرؤى..
يازريف الطّولْ لا تبعدْ عنّا
طلةْ وجهكْ نورْ والنّظره لَمْعهْ
شُفْت اليوم الغيمْ بعيونه دمعه
رُحْت اشوف عيونكْ ما شفتك أنا
ينمو بخارٌ من بعيدٍ
يرتدي وجهَ الشّهيدِ وصوتَه
الصّوت يعلو عاليًا يرتجُّ يخترقُ الأنا:
وأنا أنا
وأنا السّقوطُ الحُرّ من السّماءِ،، فادفنوني في السّماءِ
وأنا التمركز في استقامة جثّتي
وأنا صلاتي
وأنا أنا
مع كل خطٍّ باتجاهِ الموتِ أحيا
فوق إسفلتِ الشوارعِ أزرع جثّتي
فوق هندسة الرصاصِ أصيرُ فنانا نبيًا طائرا
ما كان قصدي أن أكونَ كصورتي
ما كان قصدي أن أكون نبيا
لكنَّ فلسفةَ الإلهِ حقيقة ٌ
جعلت سقوطي
عبقريا……