حفيدة شوقي وطه حسين مفتونة بالحضارة الهندية القديمة


*حسّونة المصباحي

تقول أمينة طه حسين أوكادا “أنا فخورة بأن أكون مشرفة على هذا المتحف الذي أعتبره أفضل هدية تلقيتها في حياتي، كما أنا فخورة بانتمائي إلى عائلة من أرقى وأشهر العائلات المثقفة في مصر”.

وهي محقة في ما تقول بشأن أصولها العائلية، فمن ناحية الأب هي ابنة نجل عميد الأدب العربي الراحل طه حسين الذي كان قد حصل على شهادة التبريز في الآداب الفرنسية، وعمل مسؤولا عن قسم التربية والثقافة في منظمة اليونسكو.
وأما من ناحية الأم فهي حفيدة أمير الشعراء، أحمد شوقي، وكانت والدتها تتقن الفرنسية والإيطالية ومن هذه الأخيرة نقلت إلى العربية أعمال بعض الكتاب الإيطاليين، وكانت في السهرات والجلسات العائلية تحب أن تقرأ قصائد الشعراء الفرنسيين بلغتهم الأم.
أمينة والإرث العائلي
في حوار أجرته معها “لاروفي الفرنسية”، تقول أمينة طه حسين أوكادا “من حسن حظي أني نشأت في وسط متميّز بالقرب من أناس متميّزين من ناحية الأب كما من ناحية الأم.
وهي ذكريات تذكّيها حرارة الصيف التي تضفي على المحيط نورا خاصا جدا، ومازلت أرى تلك المنازل التي فيها كبرت، وتلك الحدائق الرائعة قرب نهر النيل، التي أقمت فيها ممالك خيالية، ومازلت أرى تلك النباتات الفائضة والوفيرة، وإني إلى حدّ هذه الساعة أغمض عينيّ لأرى وأشمّ تلك العطور التي تهيّجها الشمس. كل هذه الذكريات انهالت عليّ وأنا أغادر القاهرة إلى باريس”.
وعن جدها طه حسين، تقول أمينة “عندما توفي جدي في شهر أكتوبر من عام 1973، كنت آنذاك في الخامسة عشرة من عمري. وكان من عادة جدي وجدتي أن يقضيا عطلة الصيف بين إيطاليا وفرنسا.
أما أنا فقد كنت أقضي العطلة في مصر ثم ألتحق بهما في إيطاليا لأقضي معهما بضعة أسابيع”. وتضيف قولها «أنا أتذكر الجولات الطويلة في نهاية الصيف صحبة جدي الذي كان قد أصبح عجوزا على ضفاف بحيرتي “غارد” و”ماجور”.
هناك تقاسمت معه اللحظات الأكثر حميمية، لقد كان يمتلك خيالا هائلا، ولا أزال أحتفظ بذكريات واضحة وجلية وحيّة عن القصص التي كان يرويها لي وأنا صغيرة. وهي قصص خارقة مستوحاة من “ألف ليلة وليلة”. في ما بعد اهتمّ بتربيتي كمراهقة بدأت أنظر إلى العالم من حولي بشيء من الجدية».
وتتابع أمينة قائلة “أنا لا أشعر بالإرث العائلي كثقل، بل أشعر أنه هدية تمنحني أجنحة أحلق بها عاليا حتى ولو أنني أجد نفسي مرغمة على أن أكون في مستوى هذا الإرث الذي منحني حرية مطلقة ولكنه لم يجبرني على أن أتبع خطى تلك الشخصيات الكبيرة التي أحاطت بي وأنا في المهد”.
تشير أمينة إلى أن زيارتها إلى موطنها الأصلي أصبحت نادرة ذلك أن مصر التي نشأت فيها طفلة ثم مراهقة تغيرت كثيرا مثلما تغيّر العالم بأسره، وعلينا أن ننتظر ماذا سيفعل الزمن بها في المستقبل.
الحضارة الهندية
في فترة الشباب، اهتمت أمينة طه حسين أوكادا بالحضارة الصينية القديمة، ثم بالحضارة اليابانية، وفي الثمانينات من القرن الماضي تعلمت اللغة اليابانية وشرعت تقرأ مؤلفات الكتاب اليابانيين الكبار.
ويعود عشقها إلى الحضارات الآسيوية القديمة إلى أنها قرأت في فترة الشباب كتاب”الريح الموسميّة” للكاتب الأميركي لوي برومفيلد.
والكتاب عبارة عن رواية ضخمة تدور أحداثها في الهند. وقبل ذلك كانت قد فتنت بمجموعة من التحف الفنية الآسيوية كانت توجد في بيت جدها أمير الشعراء أحمد شوقي الذي كان قد اقتناها من لندن.
وقد سمح الإشراف على متحف “غيمي” للسيدة أمينة بأن تكون على علاقة يومية بالفنون الهندية القديمة. وهي دائما تعمل على أن تطلع الزائرين على المزيد من التحف الفنية خصوصا خلال المعارض المخصصة لذلك. غير أن التحفة الفنية التي تبقى معجبة بها أكثر من غيرها هي تلك التي تجسد النصف الأعلى لامرأة تستند إلى جذع شجرة. تقول في هذا الشأن “هذه التحفة تروق لي كثيرا. وهي تمثل بالنسبة إليّ جوهر الجمال الأنثوي الهندي.
وفي الهند هم يقولون بأنه لمّا تستند امرأة جميلة إلى شجرة، وتضع رجلها على جذعها، فإنها تدفع النسغ إلى الصعود إلى الأعلى لتمنحها الخصوبة. ومعنى هذا أن الخصوبة محتفى بها من خلال هذه التحفة الفنية التي تستحوذ على إعجاب جميع زائري المتحف”.
________
*العرب

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *