*ترجمة: آماليا داود
خاص- ( ثقافات )
نشرت مجلة جامعة إكسفورد ” شيرويل”، رسالة الطالبة ” لون ويلز” التي وجهتها إلى شخص حاول اغتصابها تحت عنوان “حان الوقت لنتكلم”، وكانت الطالبة الشجاعة تنازلت عن حقّها في عدم الكشف عن هويتها بعد محاولة الاعتداء؛ بهدف “التواصل مع ضحايا آخرين”.
__________
” ثقافات” تنشر نص الرسالة كاملة:
” لا يمكنني أن أكتب عنوان بريدك على هذه الرسالة؛ لأنني لا أعرف اسمك، لكنني أرغب بتوجيه سؤال واحد لك:
عندما تم تصويرك بواسطة كاميرات المراقبة في المحطة، وأنت تتبعني إلى الحي الذي أسكن فيه، متحينًا اللحظة التي ستهاجمني فيها؛ عندما هاجمت وجهي بيديك مسببًا لي الاختناق. عندما أوقعتني على ركبتيّ ما تسبب بنزيف في وجهي. عندما قاومتك محاولة إبعاد يديك لأتمكن من الصراخ.
عندما جررتني من شعري وهشّمت رأسي برصيف الشارع وأنت تأمرني بالتوقف عن الصراخ. عندما شاهدتك جارتي وبدأت بالصراخ فنظرت لها في عينيها مباشرة وواصلت ضربي.
عندما قمت بتمزيق ملابسي الداخلية وبقوة وأمسكت صدري، لم تكن غايتك حقيبتي بل جسدي، وعندما فشلت في الحصول عليه لأن عائلتي وجيراني خرجوا لمساعدتي، هل خطر في بالك أن تفكر بالأشخاص في حياتك؟!.
المحيط الذي أعيش فيه لن يشعر بعدم الأمان أثناء المشي في وقت متأخر ليلًا، سوف نستقل آخر حافلة متوجهة إلى منازلنا،ـ وسوف نمشي وحيدين في شوارعنا، ولن نستسلم لفكرة أننا نُعرّض أنفسنا للخطر بمجرد فعل ذلك.
ومجتمعك إذا كنت لا تراه أمامك كل يوم. أنه هناك، في كل مكان.
لقد قللت من شأن مجتمعي أم هل علي القول مجتمعنا؟، ويمكنني أن أقول شيئًا عبر هذه السطور على غرار: ” تخيّل لو كنتُ إحدى أفراد أسرتك أو محيطك؟”، لكن عوضًا عن ذلك سأقول: “لا يوجد حدود للمجتمع؛ لكن هناك شواذ وأنت منهم”.
وقالت “لون ويلز” إنها لن تتحول إلى ضحية، أو تغيِّر من تصرفاتها ، و”إن الاعتداء الوحشي الذي تعرضت له، لم يفقدها الإيمان بمجتمعها الذي سوف يتماسك تمامًا كالجيش”.
وأضافت: ” أنا لا أعرف شيئاً عنك، لكنني أعرف هذا:
لم تهاجمني وحدي في تلك الليلة؛ فأنا صديقة وحبيبة وطالبة وقريبة أحدهم، وجارة وموظفة كل هؤلاء الناس الذين يشكلون تلك العلاقات. هم مجتمعي، وأنت قمت بإهانة كل شخص فيهم.
سنواصل معا مثل الجيش، وعندما يتم تهديد أي عضو في مجتمعنا سوف ندافع عنه، ولن تفوز أبداً”.
__________
والرسالة كانت بداية لحملة شيرويل # لست مذنبة #NotGuilty ؛ والتي تدعو الضحايا إلى مشاركة قصصهم عن الاعتداء وتوعية الناس بأهمية عدم إلقاء اللوم على الضحية.
وقالت” لون” في حديث مع إذاعة بي بي سي: ” شخصيًا، بالكشف عن هويتي ووجهي شعرت بأنني أشجع الآخرين على التحدث عن الاعتداء الذي تعرضوا له وأن يتحلوا بالقوة”.
وأضافت: ” هناك ظاهرة خطيرة بإلقاء اللوم على ضحايا الاعتداء بسبب سيرهم في وقت أو مكان معين، أو انتقاد ثيابهم، بالتالي تصبح الضحية هي الملامة على الاعتداء، وهذه الفكرة تتجاوز الخطأ كثيرا، وكضحايا نحن دائماً على حق”.
وقالت إنها تتمنى لو أن جملة ” الضحية بريئة ” تتحول إلى جملة تتردد في كل منزل.
وعن الحملة التي أطلقتها عبر تويتر والدعم الذي تلقته من الناس تقول: “هذا مجتمع رائع ، لقد أكدتم لي وجهة نظري من خلال دعمكم. تذكروا أن قضيتي هي واحدة من قضايا أخرى كثيرة، كثيرة جدا، لدينا العديد من المعارك لكسبها”.
وكتب البعض عن هذه الرسالة أنها تتضمن مواساة لكثير من ضحايا الاعتداء الجنسي، في حين وصفت “كريستينا اودون” المحررة السابقة في صحيفة هيرالد الرسالة بأنها :” درس استثنائي في الشجاعة من طالبة في جامعة اكسفورد عمرها 20 سنة”.
وقالت ربيكا واتسون لصحيفة الغارديان، إن هناك ثلاث طالبات من جامعة أكسفورد سوف يتكلمن عن الاعتداء الذي تعرضن له وقالت: “هذا رائع. ردة الفعل جاءت سريعة. لقد كنت و”لون” نخشى أن تفشل هذه الحملة، بالرغم من أهميتها، ولم نكن نتوقع هذا.
نؤمن بشكل قوي بأن الكتابة هي العلاج للأحداث المؤلمة، ومن الطبيعي جداً أن نكتب لإيجاد مغزى لمثل تلك الأحداث.
وقالت، إن ردة الفعل على رسالة “ويلز” مثيرة للدهشة حيث أشعرت ضحايا العنف الجنسي بالقوة ، وأضافت :” من المؤسف أن ردة الفعل اللاواعية هي الشعور بالذنب، وأكره القول السائد: ” انتبهي للباسك، والأماكن التي تذهبين إليها، عوضًا عن القول: لماذا يحدث هذا؟.
وهناك مثل هذا التأكيد في وسائل الإعلام تجاه تلك الأحداث؛ إذ تطرح بطريقة تحصل فيها على الاهتمام كقصة مروعة لا أكثر، وبالطبع الحدث مرعب لكن منطق الناس أنهم طيبون، وأن هذا الحدث المرعب يحدث مع قلّة من الناس، فدعونا نركز على الانتماء للمجتمع أكثر من الاتجاه نحو تحصين أنفسنا ضد هكذا أحداث.
رسالة “ويلز” ومشاركتها علانية لتجربتها مع الاعتداء الجنسي، ليست الأولى لطالبة جامعة تشارك تجربتها فالسنة الماضية قامت الطالبة فرانسيسكا ابيل بالخروج عن صمتها عندما قرأت أن 88% من حالات الاعتداء لا يتم التبليغ عنها، وندمت لأنها لم تتخذ أية ردة فعل أثناء تعرضها لحادثة مشابهة عندما كانت في عمر الـ17 لخشيتها من عدم “أخذها على محمل الجد”.
وعن عنوان المقال قالت أبيل إن هناك العديد من الضحايا الذين رفضوا الكشف عن وجوههم، وإنه الوقت المناسب لتغيير موقف المجتمع من الاعتداء الجنسي.
و كتبت: ” نعم؛ هذا المقال هو لجذب الاهتمام ـ أنا أرغب بجذب الاهتمام، وأنتظر تفاعل المزيد من الناس مع هذه المشكلة، على الرغم من أننا نعيش في بيئة تقدمية إلا أنه لدينا مشكلة خطيرة جداً”.
___________
*المصادر: BBC and Gurdian