في مقامِ الوجعِ العاشِر


سميحة المصري *

( ثقافات )



.. تلكَ المقاعدُ الشاغِرةُ ليستْ لنا ….



.شَنْشَلَتْني حَرائِقُكَ…

وأنا أسيرةُ طريق خَذلته الأقدام 

وحِرزُ الحُب بَلعته حَيّةٌ لن تعطيكَ على نفسِها ميثاقَ أمانْ .

.دعنا نتقاسمُ الفَجرَ كما نتقاسمُ الوسائِد والأحلام ..

يا غَدي .. لأمكثنَ في الليالي المقمرات 

ولأنكثنَ بوعدِ الدآديء المُعتمات 

ولأكتبنَ وتريات بُرتقالية بعيدة الأنواء 

ولأسلّمنَ لها ميثاقاً قرميديَ الظِل

تأخذُ لونَ الليلك حين يفورُ قِدرها ، فتتليلك وتليلكه 

وتصيرُ قبّة من لؤلؤٍ فتلألؤه 

وتصبُ في محفلِ اليواقيتِ سُندساً فتسندسُه 

ريّانة ، ملءَ الماء ، كَعقيقٍ ما عقَّ الأصل 

سوناتا في نيسان أو في فصلٍ مُتَفَصّلٍ على هوى وصية مكتوبة بقلمٍ خانَ 

وهو يقلبُ خارطة الخيانات المُنْتَقاة على الهوى الذي ببساطة سالَ وجْده 

كدمِ العنبِ الأحمروهو يتمشى في فم المشتاق … 

ما أصعبَ مَشهَد ما بينَ اللحم والنار ..لمّا الماء منهما هوى !



قويٌ هوَ ..مثل كليمُ الله ..

عتيقٌ هوَ .. مثل صلاة الكهول الطافِحة بالأمل 

الطالعةُ الى فوقِ الفوقِ تحتَ السماء المُنخفضة 

متجاوزة شجرات البرقوق المسبحات 

الهاذيات بالأرائك ، والفواكه ، والتوق الى ترتيلٍ منْ أجلِ الخروجِ منَ المِحراب الذي فيه ينثرونَ الياسمينَ ويسكتونْ …

هو متعتقٌ مثل أباريق الجنّة ، الراكدة هناكَ منْ أزمان 

وهذا الحنينُ يَمشي بخيطٍ للوصلِ بينَ مدينتينا 

والدرويشُ لا زالَ يغسلُ جُثّةَ الشعر ليشيّعها 

ويا لَنكهة التشييع !

فقفْ معتدلاً أمامَ ذات الصور وذات الإرث .. 

قفْ من الغيبِ إلى الغيب 

وحدّث الجرارَ عن تلكَ الفُتوق ورُتّاقها والكُسور وجبّارها

قفْ أمامَ الشاردينَ من سِكَكِ الليل المُتثلج إلى الضفاف ِ

ليسترخوا من البردِ الباذخِ ..في الدفءِ الباذِخ

وتَمرغْ في السماءٍ السفلى واروِ للمسافرين بنزاهةٍ 

عن أدبي حينَ أجوع وثمَّ اطحنُنُي وأنا ممتنةً لي ولكَ

عن المطارقِ ورأسي ..من أجلِ أن يضحكَ المَغيب …….



أقسمتُ عليكَ بِقَسَمِ الماء.قَسَم الواثقِ من قَسَمِهِ 

فتقٌ في جدارِ الروحِ قَد قُدَّ من قِبلٍ .. أأرتقه ؛ !

كيفَ والرعدُ يقْرعُ شُبّاكي وأنا أعددُ لكَ أسماءَ الحقول 

وأسماء الشَقائِق وأُحدّثُ الرسولةَ عنِ الرعيان 

أاطلبُ تقشيرَ أماسينا من نكهتها وشَلشَلة دمشها ؟

فلتَتأسْطرْ إذاً .. يا خامسَ االفصول في مقامِ الوجعِ العاشِر 

أو فاطلبْ من سيدةَ الطين العِطر المُنعصرَ من خيالِ العِنب 

لــ تَرُشَ به دين الورد الزهري الذي تدين به ..

هذا المُحلّى بالسكّرِ وقَديد المشمش وقتَ تمامهِ 

إنّي بَشّرتُ بالوجعِ الرابعِ وقدَدتُ قميصَ التاسع من دُبرٍ 

قدْ أعماني هذا الساجرُ قدْ احرقني وحقيبة قلبي خاويةٌ 

مزّقها الشكُ تناهبها النسيانُ ويقينُ العاشِق لا يكذب ..

قدْ صاحَ الديكُ ومركبةُ الحيّ مُعطلّة 

ساقيةُ الحيّ مُعطلّةٌ ودليلُ الحيّ كوثنٍ مَهبول 

البارِحة نسيتُ المفتاحَ الصغير في ثقبِ البابِ العِملاق 

ففتحَ الصيادُ الماكر قلب الباب ، قد سرقَ الميثاق 

وضربَ الحارسُ بناقوسِ المعْبد وأنا في سهوي 

آهٍ .. قد نفدَ الحبرُ ونفدَ ملحُ العهدِ وبحثتُ في ناري عن رمادٍ 

لــ أُسجلكَ بهِ قصيدةً حَرّى وأرميكَ في البحرِ الأصفر 

لتبذرني عاماً 

وتحصدني في العامِ الآخر حتى أُسجلَ أسفارَ العائدين ..

وأُحضرُ الحصّادين وأستوفي اغنياتهم وموسيقاهم من ليلاتكَ 

منْ أمسي 

منْ أنساغِ عافيتي ..

في مقامِ الوجعِ العاشِرِ سأبوح بِسٍرّ الأسرار

وسأفتحُ ردهات الأقدار للمُصلين / والعُشاق / والزّوار / وأخوة الطرق / والمَجانين / وحُفاة الرؤوس …

من يتسولُ يا نَحنُ … موتاً أو عِشقاً 

قل لربابنةِ السُفن قد تعبتْ أشرعتهم 

فليقسِموا الحُبَ على الأزمنة الكبرى 

هي لؤلؤة وحيدة تتنفسها كل الرئات ..كيف النجاة !! كيف النجاة !!!

لا تتقاسم الفرحَ مع الموتى ..هذا انذهالٌ وانشداهٌ لا تلمّه على قلبكَ

لا تُهشّم بمطرقةٍ حبات الماء ولا تُفرقها لا توقفْ ماءَ الجبل النازل للسهلِ 

لمَ أثثت الريح وأسرجت فوقها جياداً ؟ أللسراب ! يا مجنون 

الضبابُ هيتَ لك ..وغزاةُ المسالخ وكل الجموع هيتَ لك 

ومغارفُ الدم والأقفال ايضاً هيتَ لك

والحبُ الباهت بأسعارٍ زهيدةٍ هيتَ لك 

وانا أتفرجُ على أسعارِ حرائقكَ في الأسواقِ

وعلى المساطبِ والمساكبِ يا خجلي من موعدكَ وقت الشفق

سماءٌ هنا وسماءٌ هناكَ مكسّرة 

والخَرسُ المرتعدُ هيتَ لي والقلبُ واقفٌ على عينيهِ 

قد نزحَ الى عزلتهِ ..قدْ قُدَّ

من دُبرٍ 

قدْ قُدَّّ 

من وطنٍ 

وحقائبي خفيفة الزوّادة ومدوناتي ساكتة بشكّها ويقيِنها 

كيفَ أُدينكَ ولا دينَ للموتِ ولا عافية ولا خلاص …! 

كيفَ أُدْنيكَ من أزلٍ ظمآن مطرود للأبد 

كل عشقٍ هو وجهكَ وكل فرحٍ هو وجهكَ

ووصايا مُزورة كانتْ تلكَ التي لم تكتبها من أجلي 



وأقولُ لك ما يقوله المارّونَ في الشوارعِ للمارين 

وما يشربهُ الجالسونَ في المقهى مع الغرباءِ الجالسين 

وأقضي سويعات النهار في مداراتِ الغُرباء مرةً 

واكملُ في الليلِ كتابة الأشواق 





والحنين على عجلٍ 

أنا اتصببُ ياقوتا من ندوبٍ في كلِ الأماكن 

من يقايضني الندوب بِفراديس ..بفوانيسَ ؟ 

من يهذي بنشيدٍ مُرتجلٍ بنقاء 

منْ يقبضُ على حلمٍ بلسانِ مُحِب لم يأفلْ سحره 

منْ يفصحُ عن سرِ الرمزِ المُتقدس في هذي القصيدة 

من يسكبه في قدحٍ من سُكّر 

من يعتذرُ لكمأةِ القصيدةِ ولسربِ البُندق المُنتظر 

لا قيامةَ ..لا تُصدقوه 

قد أضجرَ شهوده ومريديهِ بكذبهِ .. هذا الموتُ 

فــ على رسلكَ / الكل أسيرٌ والموتُ وحده هو الحُرّ المنفلتُ الطليق 

قدْ نهضتْ اغنيةٌ صامتةٌ من الدُوارِ وقامتْ تراقصُ هذا الدائخ الى انْ غاب



غِب سيدي الموت / الليلة ابكيتني بصمتٍ مرتين . لن ابوحَ بسرهما للقصيدة …

اصواتُ سنونواتٍ قادمة من كعابِ التلال..وغزلان تركضُ فزعةً .

ارم كثيراً من اوهامكَ في الصمتِ ..

وتحررْ من اروقةِ نساءِ الحيّ..

لعلَ الأقدار تعتصمُ كفيروزاتٍ في قلبِ القصيدة 

على رسلكَ قد ذهبَ الوجعُ العاشر في الصمت ..

أمنَ العدل أن يتناهى هكذا …!!!! 

مثلَ زجاجٍ ضربوا قلبه بحجرٍ 

كانَ يليقُ به احتفالكَ الذي من أزلٍ لم ينضج ……

يا سيدي ..ثَمِلَ الوجع العاشر من أزمانكَ 

فَاسْتَبِحْ ما تَبَقّى منَ الوَثَـــــــــــــــنْ 

* شاعرة من الأردن تعيش في الإمارات

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *