* ريتشيل قولدبيرغ / ترجمة: محمد الضبع
قبل عدة سنوات كنت متورطة في زوبعة عاطفيّة مع كاتب شهير، (وعندما أقول زوبعة فأنا أقصد إعصارًا وانفجارًا عاطفيًا). لن أخبركم باسم الكاتب، لأن الهدف من هذه القصة ليس التشهير، أو محاولة التباهي بالاسم (في الحقيقة، أنا محرجة جدًا من الرجل بطرق عديدة). لذلك كي تحقق هذه القطعة هدفها، سنفترض أن اسم الكاتب صامويل.
بدأت علاقتي بصامويل كما تبدأ كل علاقات الحب العظيمة: أصدقاء مشتركون يخططون لجعلنا نلتقي خلال فرصة سانحة. قام بعض الأصدقاء بدعوتي ذات ليلة سبت لأشاهد معهم مبارة رياضية. قلت لهم “أحتاج أن أدرس، لا أستطيع الذهاب معكم.” نظرنا جميعًا بصمت إلى كتبي الجامعية وهي مغلقة، ومغطاة بقطع الأوريو الملقاة في كل مكان.
كانت ردة فعلهم: “سوف تأتين معنا، وسوف تُعجبين به. إنه كاتب.”
“كاتب؟ حسنًا لأجلكم فقط يا رفاق بإمكان دراستي المهمة أن تؤجل.”
وفي الطريق، أخبرني أصدقائي أن كتابته كانت “خليطًا بين أسلوب تكر ماكس وهنتر س. ثومبسون.”
كان ذلك بحد ذاته إعلانًا لظهور عدد من الإشارات الحمراء. ولكني لم أبالي وكنت مغرمة بفكرة الخروج مع كاتب شهير، أتناقش معه في أمور تخص الكتابة، وأستمع لأفكاره الرائعة.
كان صامويل رجلًا عاديًا، لم يكن نسخة تقليدية من صورة الكاتب. كان يملك ثلاث شاشات في غرفة المعيشة كي يتمكن من متابعة مباريات كرة السلة المختلفة. كان يرتدي بنطالًا قصيرًا وقميصًا أبيضًا. بدأت خيالاتي بالتبخّر شيئًا فشيئًا، تلك التي جعلتني أحلام بذهابي معه للإقامة في ڤيلا في إسبانيا، حيث ينشغل هو بالنقر على الآلة الكاتبة مرتديًا ربطة عنق، بينما أسبح أنا في البركة مع الدلافين وآكل الزيتون للأبد. ولكن علي أن أعترف بأن تصوّري عن حياة الكاتب لم يكن واقعيًا منذ البداية. وكان من الواضح أن هذا الرجل لن يستطيع تحقيق أحلامي.
تخلّيت عن حلم ذهابي إلى إسبانيا، وبدأت بالتعرّف عليه، ثم بدأنا بالخروج معًا. كنت مندهشة من درجة شبهه بغيره من الرجال. لم يكن هذا أمرًا سيئًا بالطبع. ولكني أدركت إلى أي درجة كنت قد زيّنت صورة الكاتب في رأسي بالتفاصيل الرومانسية. كان يملك رغبات رجل عادي، ورائحة رجل عادي، وشقة رجل عادي. هنالك بعض الاختلافات كي أكون عادلة، جاءت مع كونه كاتبًا، أحيانًا يلاحظه الناس في الأماكن العامة، وكانت تلك تجربة غريبة. كان يشعر بالإطراء، وبالانزعاج في الوقت نفسه. كان معتدًا بذاته لحد بعيد، وبإمكان غروره أن ينتشر في أي لحظة. تلك كانت أول تجربة لي مع الشهرة، وبدت كأنها إحدى تلك الأشياء التي تعتاد عليها دون أن تتجاوزها أبدًا.
لم يكن صامويل يذهب للعمل. لقد كان يعمل، ولكنه لم يكن مجبرًا على الالتزام بدوام معين، بإمكانه أن يكتب صباحًا، أو بإمكانه أن ينام حتى الظهيرة. ولكنه أخبرني عن سنوات عمله الشاق التي سبقت نجاحه الكبير. لن أنسى إخباره لي بذلك الوقت عندما أرسل مسودة كتابه إلى ١٠٠٠ ناشر، وتم رفضها من قبل ٩٩٩ ناشرًا، ليوافق عليها الناشر الأخير.
أفضل أجزاء علاقتي به، هو حديثنا المستمر عن الكتب التي نقرأها. كان قارئًا نهمًا، قام بالقراءة في كل موضوع وكل حقل معرفي. كانت مكتبته مليئة بكل ما يمكن تخيله، من غودارد إلى مذكرات باميلا أندرسون إلى تشيخوف.
كان يقول لي دائمًا: “إذا أردتِ أن تصبحي كاتبة، فعليك أولًا أن تكوني قارئة.”
بغض النظر عن طبيعة الكتب التي كان يؤلفها، والتي كانت متعلقة بالحياة الليلية ومشاهد الحفلات، كان يقضي معظم وقته في القراءة. كان الجميع يظن أنه كان يخرج كل ليلة بسبب طبيعة موضوعات رواياته،. ولكن الحقيقة كانت أنه متابع جيد للمباريات، يحتسي الجعة الباردة ويستمتع بالقراءة في المنزل. أظن أن هذا أكثر ما فاجأني.
القصص التي كتبها في رواياته، والتي كانت مستوحاة من أشخاص ومواقف حقيقية، لم تكن قصصًا عاشها بنفسه بالضرورة. وفي الحقيقة، كان يحاول أن يبتعد عن توريط نفسه في قصصه كلما زاد اهتمام القرّاء بها. كان الأمر واضحًا، لم يكن صامويل يمثّل رواياته. وهذا جعلني أعيد التفكير في درجة ربطي لشخصية الكاتب بأعماله.
_______
*مدونة “معطف فوق سرير العالم”