*لطفي العبيدي
( ثقافات )
وَحيدٌ أَنَا في مُنْتَصف الحُلم
هيَ من تَرَكتْني إلَى مَوعدٍ خُلَّبٍ
أكْرعُ نَبيذَ العُزْلَة البَائسَة …
هَاتِ خَيطَ القَافيةِ
سيُرَتِّقُ المَوتُ لَحْمَ الحُريَّة
إنّهَا تَصعَدُ دُرْجَ القَصيدَة الاخْرى
و المَنْثُورةُ كـنَبْضَ البِلَّورِ فِي صَبَاحاتِ السَكينَةِ
تَذْوي كَـشُعَاعِ مَاضٍ نَحْو بَيَادِر الظلَام
أنَا أتَأمَلُ مَصِيرَ اللَحْظَةِ المَشْنُوقَة
لَحْظةُ الشُرُوقِ بَعدَ انْطفَاءِ الأنَا المَكْسُورَة
إنَّهَا الآنَ تَذْرفُنِي خَوفَا مِنْ شَقاءِ الولاَدَةِ الجَديدَة …
عَلى حَائطِ المَاء
أرسُمُ وَجْهًا كأنَا الآخَر
بـمَلامِحٍ ليْستْ لِي
نَورَسٌ أزْرَق أرَاهُ يَغْرقُ هُنَاك
جَنَاحَانِ يَحْتَرقَانِ شَجَنًا
يَغْتَربُ غَمَامُ البلَاد …
هيَ خَسَارةُ الفَرَاغ
و فَاكهَةُ الشعْر التى تَغيبُ سُدىً
في شَفَق القَلَق
تَتَثاءَب ظلالُ النُعَاس الوَاقَفة أمَامَ جُدُرَان اللاَشَيء
وتَرٌ يَنْزفُ صَوتَك كَمُوسيقَى خَفيفَة الايْقَاع
هلْ لَديك حَيّزٌ من احْتمَال الهُدُوء؟
سُقُوطك المرْخيّ لا يَعْني النُضُوج الكَامل
لاَ تَهْملْ أوْقَات الحصَار
فأنْت وَجْهٌ لا يَكادُ يَبزَغ هُنَا …
الوَرقَةُ البَيْضَاء لا تَنَام
تَتَلَهّفُ لِـرُؤَيةِ الفَرَاشَاتِ البَاكِيَاتِ
تَكسَّرُ مَرَايَا الانْتِظَار عنْدَ مَغِيبِ الحَوَاس
و لا تَنَام,
تَخْلعُ ثَوبًا للسَمَاءِ الشَامخَة
تَقْرأُ شَيئًا مَا كَانَ تَحْتَ جُرْح اليَاسَمِين
و لا تَنَام …
حِينَ يَأتِيهَا حِبْرُ الحُزْن الجَافّ
يَنْتَحرُ هُنَاكَ قَلبُ الشَاعِر ..
وَ لِي نَشْوَة الشُرُودِ
أغَنِّي منْ وَرَاء صَوتِ الكَمَان
يُشعِلُني سَعيرُ الهَذَيَان
فِي لَيْلَة فَرَاغٍ مُمْتَلىءٍ بِـعَزْف الرِيح
أنَا هُنَا لَمْ أبْرحْ غَيْبُوبَةَ الزِحَام …
مُسْتَغِرقٌ فِي سَكِينَةِ الفَرَاغ
تَتَلبَّدُنِي غُيُومٌ أجْهَلُهَا
إنّنِي هُنَا تَقْتُلنِي الصَحْوةُ المَاضيَة
كيْفَ لاَ يَتْركُنِي ضَبَابُ المَرْحَلَة
كأنِّي زَرعْتُ رُؤوسًا غَريبَةً لِلهَوَاءِ المَالِح
سَوفَ أمَرِّغَ عَجِينَ الضِيَاءِ بَعْدَ فَوَاتِ الضَجَر الخَفِّي …
صَرَاعٌ في بَاطني
يَقْتَرِفُ ألَمَ الضَجَّة النَازفَة
وَ لاَ دَمي يُزرْكشُ هَذَا المَدى,
أنْتَ تَسْمَعُني بالامْسِ فَقطْ
كَـوَمْضَةِ ضِيَاءٍ لا يَضيء ,
هيَ تَرَاقبُ ولاَدَتي الأخِيرَة
و تَقولُ … مَتَى يَأتي شِرَاعُ الغيَاب
ليَضيعَ الطَريقُ وَ بَابُه,
لَكنِّي غَدًا سَأحْيَا بَيْنَ حرَابِ الوَقْتِ و الجُنُون …
مِنْ أيْنَ يَنْتهى طريقُ البِدْء ؟
يَرْكضُ الوَقْتُ كَأنَّ المَسَافَةَ لمَ تَكنْ كَثِيفَة الأغْوَارِ
حَمْرَاء لَونُ سَمَائِي العَاليَة ,
مُرْتَجِفُ الجَنَاحِ أتَمدَّدُ خَاليًا مِنَ الهَوَسِ البَاطِنِيّ
فِيْمَا بَينِي و بَيْنَ نَهْدِ الوُجُودِ
أحْضَانٌ مَنْثُورَةٌ بالمُتْعَةِ القَلِقَة
و الشِتَاءُ الهَزيلُ يَتَدَثَّرُ بِي
يَخْرقُ أسْرَارَ عِظَامِي و لاَ يَتَلذَّذ بِـدِفْءٍ وَقْتِيّ
للغَريبِ نَافذَةٌ تَتَضرَّعُ للريح
كي لاَ تَدخُل فِي اللَحْظَةِ القَاتلَة
فَـتُهَشّمُ آنِيَةَ الأمّهَاتِ
وَ بَعْضَ صُوَر الذَاكرَةِ المَسْلُوبَة
هَوَ سَجِينٌ ذُو مَرْحَلةٍ لاَ تُقيّدهُ بَرَاعَةُ السَجَّانِ ,
للوَطنِ حِينَ لاَ ضَوءَ مَنَارةٍ فِي سَاحَاتٍ بَحْريَّةٍ
يَشْرئِبُّ صُرَاخُ اللاَشَيءِ
وَ يَنْدَلقُ مَاءُ الأسَى فِي عُرُوقِ الأبْجَديَّة …
_________
*شاعر من تونس