*لطفية الدليمي
أيها المعلم الساحر هذا هو شعارك الذي انطلقت منه خلال سنوات الثمانينيات وأنت تواصل الكتابة عن مهمة السينما في عالمنا المعاصر ودور الثقافة في مواجهة الساسة والمستبدين ، كنت تتحدث حينها عن مشاريعك الخاصة للحركة السينمائية اللاتينية وكان أكثر مشاريعك إلحاحا وحضورا في نشاطك و مقالاتك هو مسعاك لتأسيس المدرسة العالمية للسينما والتلفزيون مزامنة مع إنشاء مؤسسة السينما العالمية في هافانا ووضعت أموالك فيهما بعد فوزك بنوبل ويتفق هذا الأمر مع خطابك الانساني والثوري وحينها أطلقت مقولتك الشهيرة “عندما لاتكون السياسة ممكنة، تحَوّل إلى الثقافة ” وعندما سمعتك قلت لنفسي : لو نلت جائزة ما سأسهم بأمر مشابه، ألسنا معا من برج العطاء، برج الحوت ؟؟ فلن آكل أكثر من حاجتي ولم ولن أتزين بالذهب كما تفعل النساء فكل ما يتبقى منّا هو أفعالنا ومواقفنا.
كان مبتغاك من هاتين المؤسستين تعليم فنون السينما –نظريا وعمليا- لشباب أميركا اللاتينية وشباب العالم وهي فكرة انبثقت من حوارك مع صديقك فيديل كاسترو بعد حصولك على جائزة نوبل ،وقد أثارت صداقتك لكاسترو كثيرا من الأقاويل في أميركا اللاتينية والعالم ، لكني أعلم جيدا أنك كنت عاشقا للثورة والعدالة الاجتماعية والحريات في أعماقك ، وكانت صداقتك لكاسترو صداقة أدبية حسب ، كنتما تتسابقان في قراءة مختارات من الكتب قديمها وحديثها ، فكنت تقترح لكاسترو كتابا في المساء وتظن أنه سيقرأه خلال أسبوع فإذا به يفاجئك صباحا بأنه أكمل الكتاب خلال ساعات الليل وبدأ مناقشته معك بمتعة قاريء شغوف لا تفوته كلمة أو إشارة مرت في الكتاب.
ذلك اليوم وبينما كنت أهيء المقبلات الشرقية وأنت منهمك بإعداد مأدبة من صيد بحري على الساحل – قلت ضاحكا أنك تجيد عمل هذه المقبلات التي تعلمتها من مرسيدس ذات الجذور العربية و سألتك وأنت مشرق بالبهجة :
– ماهو أول إجراء إتخذته لتنفيذ حلمك السينمائي؟؟
– كتبت كتاب ( كيف تحكي حكاية)عن فن كتابة السيناريو السينمائي ليكون وثيقة عملية ومرشدا بين أيدي الطلاب .
– اطلعت على الكتاب القيّم مترجما الى العربية ،وأعلم أنك بدأت عملا آخر يخصّ السينماعن مغامرة المخرج التشيلي ميغيل ليتين المنفي المطارد من سلطة بينوشيه ، ليتين الذي عاد ودخل تشيلي سرا لينجز مشروعا سينمائيا يستحق المجازفة ،فتنكر بزي رجل أعمال ودخل تشيلي وماعلم بالأمر سوى بعض الأصدقاء ، ثم غادر تشيلي وهو يحمل في حقيبته مائة الف قدم من أشرطة سينمائية عن بينوشيه ونظامه.
– أجل أنا رجل ثوري وعاشق للسينما وقد أغرمت بمجازفة ليتين لذا اخذت الطائرة من المكسيك الى مدريد للقاء ميغيل ليتين وسجلت ثمانية عشرة ساعة من حوار معه امتد على مدى اسبوع كامل ثم اختصرت ستمائة صفحة من السرد لتصبح مائتين وخمسين صفحة يرويها ليتين نفسه بضمير المفرد المتكلم وصدر الكتاب بعون من الأصدقاء في تشيلي وأقدمت السلطة الفاشية على حرق 15 الف نسخة من الكتاب من ميناء بالباريسو.
– قيل انك ابتهجت لدى سماع هذا الخبر فبينك وبين بينوشيه ثأر قديم فقد منع كتبك وقلت عندما يستاء منك عدوك فهذا يعني أنك على صواب.
– نعم فرحت لأن حرق ال15 الف نسخة من الكتاب دليل على غباء الديكتاتورية فزيارة ليتين لم يعلم بها أحد إلآ عندما أحرقوا الكتب فانكشف تسلل ليتين إلى تشيلي.
يتبع
_____
*المدى