*نصر جميل شعث
إلى خان يونس وباسم النبريص
1
أحزن على أشياء كثيرة
منها، مثلاً، قلّة الحيلة.
طاقات كثيرة أهدرتها
في منع الخيال
– من الوصول إلي –
بألواح من الزجاج
معدّة لنوافذ بيوت جديدة.
في الفرح أهدم الكون،
وفي الحزن أهديه جزءاً من فتاته
ليرى أنه صغير.
وأقرأ جسدي،
أكثر الجروح فيه من
أعمال المنزل.
2
أنا حافّة حادّة،
قوتها في عجزها لا تقطع الشلال.
أنا جماعة على قارب،
تتحدث عن أحوال النهر في السابق.
وقد كنت في النهر نهراً
لا فكرة لديه عن رسومه في الخارطة.
الآن،
أنا إلى جانبه
أعدو..
وتُعرّجُ مساريَ الأشجار.
3
مهنتي كضحية انتهت
منذ قراءتي قصة الطوفان.
ها أنا أنظرُ إليكَ
بتركيز ليس لأنكَ صغيرٌ
وبعيدٌ عن العين ومتعبٌ لها،
ولكن لأنّ العالم واسع.
أيها النابع من سأم
أيها المتيقظ
كجرح في الرؤيا
وكخطأ في أوّل وصفٍ لأعمى
مدرّبٍ على الهواجس
نادِ على الرسم،
بناتُ الغيب ضِعنَ في البياض.
4
أطفأتَ نجمكَ
لتسمعَ
على الأرض
من يشبهونكَ..
على ذيول ذئابهم وحام –
بصمة بيضاء مكررة،
وفي ترابهم زمنٌ مرميٌّ إلى جانب الدرب
كمحراث
فكّه الفلاحُ من الحصان،
نَبتَ عليه عشبٌ
عاد
وأكله الحصان.
5
إذا تكشّفَ ولدٌ في الليل، قالت:
اسم الله عليك..،
وغطّتـه.
وإذا كشّف الولد عجينها الصباحي، قالت:
اسم الله عليك..،
وغطّته.
أيّها الشعر
يا سواد العين ومحيطها الأبيض،
نم قليلاً،
وتكشّف كطفل
في الليل.
6
ليس شعراً
أن ترسم الصقرَ زينةً على كتفك.
امحه ..
وهيّا أرني قدرتك،
أرسمه وهو جائع.
7
أرى العصافيرَ
وأتحدّث عنها بحكم العادة.
وفي مناماتي لا أراها
رغم كثرةِ الشجر ..
ربما تحليقي
في النوم هو السبب.
***
1
آكلُ في العتمة
وحدي
وأشبع..
وأمام المرآة لا؛
رغم أننا اثنان.
2
ليس بي حاجة لأكل،
ولكنني آكل
لأغسل الإناء.
3
نخرج من المرآة
بسرعة،
إلا من يُصرّ
على رؤية ظهره.
4
المرآة على جسد الباب.
ما معنى أن ترى نفسك،
والباب مغلق؟
5
مثلما يرى الماء نفسه في المرآة،
يرى الهواء نفسه
في النافذة المفتوحة.
6
وأُغلِقُ البابَ والشبّاكَ
كي لا يخرجَ البخارُ،
كي لا أراني في المرآة،
وكي تصبحَ الغرفة سحابةً بيضاءَ
وأنا غير موجود فيها.
7
الشبّاكُ لا أستطيع فتحَه،
زجاجُه صارَ مِرآةً
يرى فيها الثلجُ نفسَه،
وأنا الشاهدُ
على هذا الكمال
لا أراني.
8
هذا الليلُ صافٍ
كمرآةٍ أكملتْ حلمَها بغياب الأجساد والأشياء
وظهرِها الداكن عنها.
*شاعر فلسطيني مقيم في النرويج / العربي الجديد