*د.بليغ حمدي إسماعيل
( ثقافات )
يُحَدِّقُ فِي الحُسْنِ طَوِيْلاً .. ويَعْتَرِفُ
كَمْ مِن جَمَالٍ يَقْنَصُهُ الفَتَى ، وِمنَ الوَجْدِ يَغْتَرِفُ ..
أَفِيهَا يُفَكِّرُ كَسَحَابَةٍ تُشْبِهُ ” مَرْيَمَ ” ،
ومَرْيَمُ تُمَاثِلُ فَرَاشَةً ،
فَيَصْطَادُهَا عاشِقَاً ، ولَمْ يَدْرِ أيَّ ذَنْبٍ يَقْتَرِفُ ..
تَهْبِطُ مَرْيَمُ؛
وتَظَلُّ بَيْنَ عُصْفُورَيْنِ رَهْنَ الظَّنِّ ،
تَمْشِي وَئِيْدَةً حَتَّى تُومِئَ لِفَتَاهَا ؛ وللرِّيْحِ يَحْتَرِفُ ..
**************************
تِلْكَ ” مَرْيَمُ ” تَمْلأُ فَضاءَهَا بِرائِحَةِ اللَّبَنِ،
فِي دَلالٍ دُونَما تِيْهٍ .. تَصْهَلُ كالحِكَايَاتْ ..
تَبْسُمُ للعَابِرِيْنَ وَتُوَدِّعَهُم مَحْشُورِينَ بالبَوحِ،
هاكُمُو العَابِرُونَ حَيَارَى بِغَيْرِ سَفَرٍ ،
يَمُرُّونَ خَلْفَ بَقَايَاهُم مُجَرَّدِيْنَ كالسَّاعَاتْ..
مَرْيَمُ وَحْدهَا تَمْلِكُ حَقَّ مُصَافَحَةِ النَّدى،
تَتَهَجَّى الضَّوْءَ فَيَخْطفُها مِنْ بَيْنِ اللُّغَاتْ.
إنَّهَا ” مَرْيَمُ ” التي تَفُكُّ ضَفَائِرَهَا غَيْرَ خَائِفَةٍ ،
وتَسْتَبِيْحُ اللَّيْلَ فَيَمْنَحُهَا الصَّمْتَ والرَّغْبَةَ ،
تَبْدُو تِلْقَائِيَّةً كاللَّحَظَاتْ ….
فِي عُطْلَةٍ إجْبَارِيَّةٍ مِنْ أجْلِ ” مَرْيَم ”
أسأَلُهَا : لِمَاذَا أُحِبُّكِ ؟
ولِماذَا أفْتَرِضُ حَتْفِيَ بَعِيْدَاَ عَنِ الكَلِمَاتْ ..
والكَلِمَاتُ مُوْلَعَةٌ بِمِيْمِ الأنُوثَةِ ؛مُلامَسَةٍ ،
ومَسَافَةٍ ، مَوَاعِيْدَ ، مَيْدَان يَتَشَقَّقُ مِنْهُ الوَجَعُ ،
وامْرَأةٍ تَتَحَسَّسُ أبْجَدِيَّتَهَا فِي السَّمَاوَاتْ …
**********
إلى عُطْلَةٍ إجْبَارِيَّةٍ تَأخُذُنِي ” مَرْيَمُ ” جَسَدَاً بَارِقَاً يَرْعَدُ ، ويَرْتَعِدُ،
نُطَارِحُ ـ مَعَاً ـ مَدىً يَأبَى الزِّحَامْ ..
أنَا أتَوَجَّسُ فَقْرَ خَجَلِي ،
و” مَرْيَمُ ” لا تَسْتَحِي مِنْ شَهْدِهَا ،
ولا تَخْرُجُ مِنْ بَيَاضِهَا فِي اِسْتِسْلامْ..
لا أنَا أنَا ، ولا هِيَ كَما اعْتَدّْتُ تَأهُّبَهَا كالصُّبْحِ يَحْتَرِفُ الغَرَامْ،
هَذَا غِيَابٌ عَنِ الصَّحْوِ ، واحْتِفَاءٌ بأُنُوثَةٍ تُشْبِهُ أبْجَدِيَّةٍ ؛
تَقْفِزُ ، تتَغْضَبُ ، تَظْمَأُ ، ولا تَنَامْ ..
إنَّهَا ” مَرْيَمُ ” التي تُعَانِدُ صَحْوَها وَقْتَ النَّشِيْدِ،
لَكَأنَّ قَلْبَهَا يَقْسُو عَلى الضَجَرِ ؛ يَلْعَنُهُ ،
ويَكْتَسِي بأسْرَارِهِ الأزَلِيَّةِ،
لِي مِنَ اللُّغَةِ اسْمُهَا ، ولَها مِيْمُ الأنُوْثَةِ…
*******************