فاطمة بنت محمود*
(ثقافات)
إحتفالا بستينية الثورة الجزائرية إنتظم ملتقى أوراس للفكر والأدب في طبعته السادسة بتنظيم و إشراف جمعية ” شروق” الثقافية لولاية باتنة التي يترأسها المبدع طارق ثابت والذي دام خمسة أيام كاملة من 07 إلى 11 ديسمبر إستضاف عدة شعراء عرب من العراق (الشاعر عبدالرحمان جعفر الكناني) وفلسطين ( الشاعر صلاح عبد القادر السافوطي ) و اليمن ( الشاعر أحمد عماد الدين القرون ) و المغرب (الشاعرة ريحانة بشير ) و ليبيا ( الشاعر جمعة الفاخري ) و تونس (الشعراء عادل الجريدي و زكية الجريدي و فاطمة بن محمود ).من الجزائر الشاعران عبد السلام لخضر و إسماعيل الغربي اضافة الى شعراء طلبة أدهش بعضهم الحضور بجودة قصائدهم
يُسمّى الملتقى بإسم ” أوراس ” وهي سلسلة من الجبال الشاهقة التي تحيط بالمدينة و التي تعتبر عاصمة الثورة الجزائرية إذ منها إنطلقت أول رصاصة في مواجهة الإستعمار الفرنسي و قد إختارت إدارة الملتقى أن تستهلّ نشاطها برحلة إلى إحدى المناطق الأثرية الأمازيغية لزيارة إستكشاف مقبرة قديمة جدا لملوك أمازيغ تعود حضارتهم إلى القرن الرابع قبل الميلاد و فيها قبور على شكل أهرامات كبيرة دائرية الشكل، ثم زيارة الى متحف الثورة الجزائرية و فيه كان الضيوف العرب على علاقة بأجواء التاريخ الجزائري القريب و التي ضمّت صورا وبقايا من القنابل و الأسلحة التي استعملت في الحرب الجزائرية الفرنسية اضافة الى طواقم مختلفة من أدوات حاجياتهم اليومية مثل الأكل و ملابس الثوار ومجسّمات المواجهات الحربية و أشكال التعذيب التي تعرّض لها الأهالي و نماذج من مراسلات الثوّار فيما بينهم بما يؤكد هذا التعلق الشديد الرسمي و الشعبي بالثورة الجزائرية واعتبارها رمزا وطنيا يصالح الجزائريين مع ماضيهم و يوطد علاقتهم بحاضرهم . ثم كان الإستقبال الرّسمي من طرف بلدية المدينة و من ثمّة إفتتاح أشغال الملتقى في دار الثقافة بمدينة باتنة و تم فيه تكريم الكاتب و المبدع اليزيد ديب .
الأمسية الشعرية الأولى كانت في مدرّجات جامعة باتنة إستهلّت بمداخلة نقدية قدّمها الشاعر العراقي عبد الرحمان جعفر الكناني بعنوان ” الثورة الجزائرية في الشعر العربي ” و الأمسية الثانية ترأسها الدكتور أحمد البزيّو في مدرّجات ملحق جامعة باتنة في مدينة البَريكة .. الحضور الطلابي في الأمسيتين كان غفيرا إضافة إلى دكاترة و أساتذة الجامعة والتفاعل كان مميّزا خاصة في مدينة بَريكة حيث اختتمت فعاليات هذه الدورة بقراءة البيان الختامي و فيه مجموعة من التوصيات للمحافظة على هذا الملتقى و تطويره من ذلك التأكيد على تدويله ليصبح رسميا ملتقى عربيا للشعر و ضبط جائزة شعرية عربية له و دعمه ماديا كما تمّ تكريم الشعراء العرب من طرف عميد كليتي باتنة والبريكة الدكتورين عبد السلام ضيف و الشريف الميهوبي.
إختتام الملتقى تزامن و إفتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي لذلك تمّ دعوة الشعراء العرب ضيوف الملتقى فكانوا ضيوف شرف في إفتتاح المهرجان الذي تضمن عرضا كاريغرافيا ناجحا بعنوان “الكرسي”، و في مختلف فعاليات هذا الملتقى كانت المتابعة الإعلامية متواصلة ومتنوعة و كان الشعراء العرب محل اهتمام و استقبال من طرف المسؤولين الكبار في المدينة و في الجامعات و هذا ربما يؤكد اختيار الإبداع كأحد أشكال التواصل بين السياسي و المثقف. و لعلّ من يتابع الحراك الأدبي في البلدان المغاربية يلاحظ الدور الكبير الذي تقوم به الجمعيات الثقافية بعيدا عن المنظمات الرسمية لاتحادات الكتّاب وهو دور يساهم كثيرا في تنشيط الساحة الأدبية و تفعيلها بما يوفر مساحة إضافية للمبدعين للتواصل فيما بينهم و التعريف بنصوصهم الأدبية.
*شاعرة وصحفية من تونس