(ثقافات)
منذ عدة سنوات بدأت الفنانة التشكيلية الأردنية نور العزام الخوض في تجربتها في رسم مقتطفات من الطبيعية وتفاصيلها وتجسيدها على ألواح الكانفس بمزيج من الألوان الأخاذة والتي تحدث تفاعلا لدى المتلقي بالرغبة في التأمل الطويل بالتفكير بماهية الخطوط المرسومة وحدودها التي تتعدى حدود ما يشبه الحلم.
فالوقوف الطويل أمام لوحاتها يتبع جاذبية معينة قد لا تكون جميلة بالضرورة لكنها تحث على ضرورة التفكير والتفسير لوقع وحضور الطبيعة الذي يظهر بصورة غريبة ومتماسكة وبألوان مسيطرة تحدث تفاعل قوي بين العمل والمتلقي. لابد من معرفة أن نور هي إحدى الفنانات الللواتي تقوم تجربتهن على التأمل المستمر لمقاطع الطبيعة الترابية والمائية والنباتية بالاضافة الى الصخور و الحجارة والسماء وتحويل كل مقطع صغير الى عالم ملون يبعث إحساس مشع يفسر مدى قوة وغنى الطبيعة وقدرتها على السيطرة على التفكير البشري.
اوضحت نور بأنها لن تننتهي من رسم الطبيعة وتنتقل لموضوع جديد ويصعب عليها أن تصحو من غفوتها في تأمل الطبيعة لأنها تعتبر أن هذه تجربتها الرئيسية التي تسيطر على شغفها الفني و قد تنتقل فيها من جانب لأخر وتحدث لديها تطورات في طريقة ترجمة الرموز نفسها وقد تستخدم تقنيات مختلفة في نفس الموضوع لكنها لا تستطيع أن تحدث قفزات في تجربتها الفنية لتنتقل للبحث في موضوع آخر لأن هذا الأمر قد يحدث خلل في توازن تجربتها الحالية فالتجريب في حقول مختلفة والخروج عن النمطية قد يثير المتعة والتسلية ويثبت لها أنها شخص متنوع وقد تتلقى نسبة تشجيع عالية من المتلقي لكن عند التقييم الأكاديمي من خلال الخبراء و النقاد قد تظهر فجوات كبيرة في العمل الفني وذلك الأمر المحبط لذلك فهي تفضل أن لا تتعدى على تجارب الاخرين حتى لوكانت تجيد تقليدها خلال أشهر قليلة لأن كل موضوع يحتاج لشغف بالدرجة الأولى حتى نتقبل تجسيده بإحساسنا ولسنوات طويلة من التجريب والبحث والممارسة حتى نستطيع اشباعه ومن ثم نتحرر منه للانتقال لشغف فني وموضوع أخر لكن بقناعة تامة تنبع من الداخل.
ترى الفنانة نور العزام بأن الرسم هو عالم ينطبق فيه الاحتراف كما ينطبق فيه ترجمة الاحساس بالألوان وبالنسبة لها فهي تستطيع الرسم الواقعي للطبيعة وهذه كانت بداياتها لكنها لا تسعد به ولا تحب أن تعرضه لأنها تشعر أنه إحساسها الموجود في هذا العمل هو احساس تقليد ومحاكاة بالدرجة الأولى وإبراز لجمال الطبيعة لكنه لاينتج عن تفاعل عميق بالرغم من أن تقليد الواقع يحتاج لمهارات فنية عالية وتركيز شديد على قوانين الظل والضوء والتكوين وانسجام عناصر العمل وغيرها في حين تتواجد هذه القوانين بنسبة أقل بكثير في الفن التجريدي فهي تختزل من صفات الطبيعة وتستبدلها بلمسات تجريدية ليكون لديها فرصة لإدخال إحساسها على العمل الفني فهي تتأمل التراب والجبال والسهول والطرق وأوراق الشجر بعين وإحساس خاص بها قد لا يراه الآخرون بنفس المنظاروليس بالضرورة أن يكون تفاعل إحساسها مع الألوان جميل لكن هذا الاحساس هو تجريد الطبيعة من صفاتها الذي قصدته .