تغريد ابوشاور *
(ثقافات)
أبانا الذي في السماء ، رب الكون ومليكه :
قبل الأمس مرت العذراء من هنا ؛ فأنجبت كنعانيا قمحي اللون نوراني المحيا.
و أنا أنجبت بالأمس “فينوس الصغيرة”، غزالية القوام زمردية العينان ، ولكنني لم أهبها للمعبد كما كنت أفعل دوما؛ فأضيْع صغاري لألم شتات دجاجات أربيها في حوش الناسك مقابل أن يعلمني ماذا تعني السماء؟ . وأما اليوم وقد مللت من مراوغة الناسك بتعليمي أسرار السماء هربت بصغيرتي لمعبد لا يضاء بعيون الصغيرات ولا تقاد شموعه بدموع أمهاتهن . في المعبد استوى كنعان على سُوقه ،وهام بصغيرتي التي لم تكن تعلم بولعه بها؛ لانشغالها بلملمة صور نرسيس من مرايا البحر وباتت تقضي جُلَّ نهاراتها تكسو عُريَّ صدره بشعرها ، وتقطف حمرة خديها فاكهة له ؛ ليتعافى جسده الذي بات نحيلًا من تعلِّقه بفهدةٍ إفريقيةٍ كان قد التقاها على ضفاف النيل ذات فيْض .
هناك حيث كان الناس يقدمون للنهر أسمن نعاجهم ، وأجمل جميلاتهم.
الفهدة الإفريقية ، لم تغادر النهر هربا من قداسة الواجب ، بل لبست بؤسها وتتبعت خطوات شقراء، لا ظل لها في صحرائها.
رجل الخطوات الشقر مرَّ سريعًا من هنا ،وتاه طويلًا في الصحراء يبحث عن حجازية العينين وبرقع أسود.
صباحٌ آخر، توزِّع فيه الجغرافيا نثارة أرواح العابرين وتنفث خطاياها في دروبهم ، وتترك المعابد بلا شموع ، والأنهار بلا تذكارات ،و الكتب بلا قصائد .
صباح أخير لا فجر فيه ، ينعتق فيه العبد من جماله فيصير قشة على وجه الماء ، و يتسرب فيه الورع من أكف الداعين ، ويتعتق الوجع في جباه الصبايا ، والرمد في عيون الرجال .
أبانا ، إلهنا : ماذا سينقص الجغرافيا
لو زاد عدد البائسين
* كاتبة من الأردن