“عيناها”: قصة حب من إيران اليسارية


*عمّار أحمد الشقيري

في روايته “عيناها”، الصادرة أخيراً في طبعة عربية ثانية عن “المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب” الكويتي (ترجمة أحمد موسى)، يحاكي الروائي الإيراني بزرك علوي أوضاع أبناء بلده في ظل ديكتاتورية رضا شاه بهلوي. العمل الذي صدر بالعربية للمرة الأولى عام 1969، يتتبع نضال الحركة اليسارية آنذاك عبر ثلاث شخصيات رئيسية: ناظر المتحف الفني، والسيدة فرنكيس، والرسّام ماكان، الذي سمّاه الكاتب “فنان إيران الأكبر”، والذي يجسّد بلوحاته أهم المفاصل التاريخية للبلد أثناء حكم الشاه. من أبرز لوحات ماكان، عملٌ بعنوان “عيناها”، يدفع ناظر المتحف إلى تكريس حياته لكشف قصته والبحث عن صاحبة العينين فيه. في الذكرى الخامسة عشر لرحيل ماكان، صاحب اللوحة، يلاحظ الناظر أن امرأةً باسم فرنكيس تحضر إلى المتحف كل عام في مثل هذا اليوم، مشتبهاً بأنها ملهمة اللوحة. ولأن حدسه يأتي في مكانه، يتّفق مع المرأة على سرقة العمل لها، شرط أن تخبره بسرّها وبتفاصيل حياة ماكان الذي لم يكن يرسم وجه أحدٍ من دون أن يعرفه بعمق. 

ند هذه النقطة، ينتقل خيط السرد من الناظر إلى المرأة التي ستروي ذكرياتها مع الفنان. كانت ترغب في تعلم الرسم في شبابها، ما قادها إلى مدرسة ماكان، الذي رفضها لعدم امتلاكها الموهبة، مخلّفاً لديها شعوراً بالحنق. بعد ذلك، يرسلها والدها لدراسة الرسم في أحد معاهد الفنون الجميلة في فرنسا، تحت رعاية قريبها، ضابط المخابرات، آرام. لكنها تستغل جمالها لتعذيب كل من حولها، بمن فيهم قريبها، فتترك الفن لتنشغل بحياة اللهو. هناك، تتعرف إلى الفنان الإيراني خداداد، الذي يقلب شخصيتها ويقنعها بلعب دور مهم في النضال اليساري، للتخلص من حكم الشاه الفاسد، عبر العودة إلى إيران ومقابلة ماكان للعمل معه في صفوف الحركة. خلال وجودها في إيران، تشارك فرنكيس في أكثر من مهمة يوكلها ماكان إليها، وتكتشف أن جسارتها في تنفيذ هذه المهمات لا تنبع من قناعتها بعدالة مطالب الحركة اليسارية، بقدر ما تنبع من غرامها بماكان، الذي ما إنْ يدرك ذلك حتى يضع حدّاً للعلاقة. وتتسارع الأحداث ليُعتقل ماكان على يد آرام، الذي عاد من فرنسا ليشغل منصب رئيس الأمن، فتتدخل فرنكيس لإنقاذه. يكشف بزرك علوي في هذه الرواية آراءه اليسارية، كرؤيته للفن من باب الواقعية الاشتراكية. آراء واضحة تشكّل حصيلة لإرث فكري ونضالي عُرف به الكاتب كأحد أبرز مؤسسي الحزب الشيوعي الإيراني، “توده”، وأحد أبرز “مجموعة الأربعة” الأدبية في إيران، التي ساهمت في تطوير الأدب الفارسي الحديث.
______
*العربي الجديد

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *