خواطر وأفكار السلطان عبد الحميد الثاني



فيصل خرتش*


يلخص كتاب «السلطان عبد الحميد الثاني» دور الضعف للإمبراطورية العثمانية، انه يصوّر خواطر وأفكار السلطان عبد الحميد المبعد عن الخلافة، وهو تفسير لوقائع المصائب والمظالم التاريخية في الشرق، إذ يلقي الضوء على الأحداث الجارية والتي كانت تدار من خلف الستار بشكل مخيف، كما أنّه تصوير دقيق من قبل الشخص الذي عاش هذه الأحداث وعاناها ورآها عن كثب، وهذه الخواطر تبرز مدى حنكة وذكاء السلطان عبد الحميد.

صراع


إنهم يتهمونه بالخور لأنه لم يشارك في الحركات القومية، لعلهم ينسون المآسي التي تعرض لها: لقد خلع عمه عبد العزيز عن العرش، ثم انتحر بشكل غامض، ثم جُنَّ أخوه مراد وسُجن.

وحول شكاوى الأرمن يقول السلطان: «إننا نتهم بتعذيب الأرمن واستغلالهم، لقد تقلد الأرمن أعلى المناصب الوظيفية في الدولة بما فيها منصب الوزير الأعظم، وهم لا يؤدون الخدمة العسكرية والبدل النقدي الذي يؤدونه رمزي، تجارتهم في وضع ممتاز، إنهم منقسمون إلى أرثوذكس وبروتستانت وكاثوليك، والصراع بين هذه المذاهب لم يهدأ يوماً، فكيف يمكنهم أن يؤسسوا دولة مستقلة؟

لا مجال لإنكار أن الأرمن في ولايتنا الشرقية محقون في شكاواهم، ولكنهم يحتمون بالدول الكبرى ويصرخون لأتفه الأسباب، أمّا الأكراد فهم أقوياء وجبابرة، غلاظ شداد، رعاة، يعيشون في هذه الولايات منذ أقدم العصور، لذا فهم ينظرون إلى الأرمن نظرتهم إلى الأجانب. هل الأوضاع في روسيا أحسن من أوضاعنا؟ وهل الأرمن هناك في تحرك كما يتحركون في بلادنا؟» وحول المشكلة اليهودية في عام 1895، يقول:

«لدينا عدد كاف من اليهود، فإذا كنّا نريد أن يبقى العنصر العربي متفوقاً، علينا أن نصرف النظر عن فكرة توطيد المهاجرين في فلسطين، وإلا فإن اليهود إذا استوطنوا أرضاً تملكوا كافة مقدراتها في وقت قصير، وبذا نكون حكمنا على إخواننا في الدين بالموت المحتم».

انطباعات


وفي مكان آخر يقول: «إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً، فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي، لقد خدمت الملّة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة فلم أسوّد صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين، لهذا لن أقبل تكليفكم بوجه قطعي أيضاً». في مشكلة الهدايا، يقول السلطان:

«فالموظف الذي يتهم باللاأخلاقية وقلة الشرف بسبب انتظاره الهدية، لا يمكنه أن يعيش على الراتب الذي يحصل عليه من دولتنا، لذا فإنه يرى المبالغ التي يعطيها له الناس مقابل عمل يؤدّيه لهم وكأنه حقّه الطبيعي…

كما يعتبره الناس أمراً طبيعياً، هذا التعود جعل من الهدية عرفاً ومؤسسة وطنية». وحول إيفاد الضباط إلى البلاد الأجنبية، يقول السلطان: «إن تلقي أولاد الباشوات العلوم العسكرية في بروسيا يكلفنا كثيراً، لكنه يولد انطباعاً حسناً في الخارج، فعلى هذا النحو نبرهن على أننا لم نبخل بشيء في سبيل إبقاء جيشنا في المستوى المطلوب».

وعن الحرب التركية الروسية 1898، يكتب السلطان عبد الحميد: «بعد هذه الحرب المرعبة، بذلت ما في وسعي لرفع معنويات رجال الدولة وإنعاش الأمة، ودعوتها للقيام بالمهام الملقاة على عاتقها كي تتخلص من المأزق الذي وقعت فيه». ويصب اهتمامه حول خط بغداد، فيقول: «لقد آن الأوان أن نفكر جدياً في أمر إنشاء خط حديد بغداد، يجب علينا أن نبدأ العمل رغم أنف الإنجليز..

فبفضل هذا الخط سيعود طريق أوروبا- الهند إلى سابق نشاطه، فإذا أوصلنا هذا الخط بسوريا وبيروت والإسكندرية وحيفا، نكون قد أوجدنا طريقاً تجارياً جديداً، لن يقتصر على درّ الفوائد الاقتصادية، بل سيتعداها إلى الناحية العسكرية فيدعم قوّة جيشنا هناك».

مطبوعات


وعن الرقابة على المطبوعات يقول: «يتوجب على الدولة أن تمنع المنشورات والكتب من أن تؤدي إلى الإضرار بأفكار الشعب، فوصول الروايات الفرنسية المترجمة إلى متناول الحريم وإفسادها للعقول والأفكار هو أمر مؤسف غاية الأسف، فكل هذه الأسباب تجعلنا نستمر في فرض الرقابة على المطبوعات».

وعن المشاكل الدولية يورد «إن صراع الدول الكبرى في سبيل كسب صداقتنا أمر يسرنا، إذ يقلل من الصعوبات التي تعترضنا في حلّ مشاكلنا السياسية».

وعن المرأة جاء في الكتاب على لسانه، «إن كل المدارس الخاصة تشكل خطراً كبيراً على بلادنا، وقد كان خطؤنا جسيماً إذ سمحنا لكل دولة في كل زمان ومكان بإنشاء المدارس التي يرغبون بها.

والآن نجني ضرر ما زرعنا، إنهم يعلمون الطلاب أفكاراً معادية لبلادنا. المرأة عندنا تهب نفسها لبيتها وترتبط بزوجها، أمّا الأوروبية فحريتها الزائدة تحرمها من صفات الأنوثة. ويجب على الرجل أن يفهم بأن المرأة ليست غرضاً من أغراض الزينة في بيته بل هي شريكته ورفيقة عمره».


– البيان

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *