
علي السوداني *
ألهنود والصينيون والفرس والكرد والإنكليز والألمان والسويدويون والبرازيليون والمكسيكيون واليابانيون والكوريون والاتراك والروس والفرنسيون والطليان والرومان والأسبان واليونانيون والصربيون وكل خلق الله فوق أرضه ، يعتزّون ويفخرون ويعتدّون بقوميتهم من دون التعالي على الآخرين وهذا هو التعريف الرحيم المسالم الأخلاقيّ لمفهوم هذا الحبّ الطبيعي .
من هذا الباب وهذا المفتاح فإنَّ على العرب وهم أمة عظيمة خلقتْ جزءً هامّاً من شكل ونتاج الحضارة البشرية القائمة ، أن يفعلوا ذلك كما فعله نظراؤهم في الانسانية . سيخدعونكم الأجانب أو بعض المرضى من أهل الدار الذين رضعوا من عصير مزاد الغزاة ، ويقولون لكم إن العروبة حاضنة الاسلام هي الآن عبارة عن ماكنة لتفريخ الإرهاب والتخلف والفتن والكراهية . قولوا لهم إنّ توصيفكم هذا ينطبق على قلة واضربوا لهم مثلاً منهم ، إذ أشعل الأمريكان وأوربا وذيولهم ووكلاؤهم على المستعمرات والمحميات التي لم يغب عنها النهب ، الحربين الكونيتين اللتين قتلتا نحو ثلاثين مليون انسان ، وهم أول من استعمل القنبلة الذرية والكيمياوية واليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض في قتل البشر والحجر والبيئة . وكانوا مارسوا قطع الرؤوس وحرق الأجساد ودفن الأحياء في مدد عصورهم المظلمة ، واستعبدوا البشر الجياع واستعمروهم ونهبوا ثرواتهم وآثارهم ومارسوا عليهم أحطّ وأقسى أصناف التمييز العنصري حدّ انقراض بعض أهل الأرض الأصليين ، وإنّ تواريخهم البعيدة والقريبة تعجّ بصور مروعة وصلت حدّ يافطة معلقة بباب مطعم أمريكيّ تقول بمنع دخول السود والكلاب . إنّ الأيام دول ، وأيام كنّا ننوّر الأرض بالعلم والفنّ والأدب والطبّ والهندسة والرياضيات والفلك والفلسفة ، كانوا هم في نومة مظلمة ومسبحة عملاقة من فضائح وفظائع حتى وصل الخزي والمرض والدونية والوضاعة وفقدان الآدمية والشذوذ المعلن ، وصل بورثتهم ومن تلقّح بجينات تأريخهم المرعب في أحايين كثيرة من مفاصله وثنياته ومنعرجاته ، أن يقوموا بالتقاط صور تذكارية يظهرون فيها وهم يبتسمون ويضحكون ويرسمون شارات النصر ، صحبة جثث ضحاياهم والمعذّبين بسجن أبي غريب ببغداد بعد خرابها تحت بساطيلهم الهمجية .
نعم إنّ امتنا الجميلة مريضة الآن ، لكنّ المرض ليس أبدياً ، ومن غير العدل أن يتم اختصارنا بمشهد قطع رأس بريء ، وربما حتى هذا القطع الوحشيّ المروع هو من انتاجهم وماسونيتهم ومطابخهم السرية القذرة التي لا تخجل من قتل مليون بريء من أجل السيطرة على العالم ، بعدها ستذهب ماكناتهم الدعائية وظهيراتها بقوة الدولار القاسية ، صوب حفر صورة الرجل البريء مقطوع الرأس في مخيال الناس الجمعيّ ، ونسيان ملايين الضحايا الأبرياء الذين لم تقطع أمريكا وذيولها رؤوسهم ، بل هرست أجسادهم بالنووي والمنضب والكيمياوي والفلور والفسفور الأبيض . للشعوب كلها حق الفخر والاعتزاز بقوميتها ، مشروطية أن لا يصير هذا الاعتزاز درباً صوب الشوفينية والعنصرية والتعالي على الآخرين .
أمّا بعض الحلّ في ديارنا ، فسوف يكونُ سهلاً وجميلاً ومريحاً ، إنْ تمكّنتْ الصفوة العاملة المفكرة النزيهة الشريفة الشجاعة المسندة بقوة الوعي والحجة ، من إعادة رجل الدين إلى مسجده ، وشيخ العشيرة إلى بطن ديوانه ، ويا دار ما دخلكْ أشرار .
– الزمان
					
									 ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!
ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!
				 
			