( ثقافات )
عن دار مسعى للنشر والتوزيع في البحرين صدرت طبعة جيب جديدة ومنقحة من رواية (الفَتيت المُبعثَر) للكاتب العراقي محسن الرملي، وقد تزامن ذلك مع صدورها بالإسبانية في مدريد بعنوان (وداعاً أبناء العمومة)، حيث زينت غلافي كلا الطبعتين لوحات للفنان العراقي المقيم في كندا قحطان الأمين.
وبهذه المناسبة صرح المؤلف محسن الرملي، المقيم في مدريد، لوكالة الأنباء الإسبانية وإذاعتها الخارجية بأنه يحب هذه الرواية وكأنها رواية كاتب غيره ذلك أنه يحب أعمال الآخرين أكثر من أعماله، على حد تعبيره، وقال:”من عادة أغلب الكتاب أنهم يتحاشون تقديم وإعادة طبع أعمالهم الأولى باعتبارها البدايات، لكنني وعند مراجعتي لهذه الرواية والقيام بترجمتها إلى الاسبانية أعجبتني جداً وصرت أعتز بها أكثر، كما اكتشفت فيها العديد من الجوانب المهمة على صعيدي الشكل والمضمون”.
وأضاف:”إنها ترصد بذرة بداية التفكك والخراب الذي حل بالعراق سياسيا واجتماعيا وكبلد، وفيها بدايات التساؤل عن مفهوم الوطن بالنسبة للمواطن العراق، والذي وجدته يستمر في رواياتي اللاحقة (تمر الأصابع) و(حدائق الرئيس)، كما أن فيها طزاجة وبراءة في الأسلوب والتجريب الفني”. وقال:” يعجبني فيها أيضاً أنها رواية قصيرة ومع ذلك تضم الكثير من الشخصيات والمواضيع. كم أتمنى العودة إلى كتابة روايات قصيرة مثلها”.
هذا وقد قوبلت الطبعة الإسبانية للرواية بالاستحسان، ففي مقال للكاتبة المكسيكية آليثيا تالابيرا، الحائزة على جائزة ديماك للسيرة الذاتية، قالت بأن هذه الرواية قد مستها من الأعماق بما فيها من حكايات الحزن والآلام العراقية حيث يرتدي الموت فيها مختلف الأقنعة إلا أنها مكتوبة بلغة شعرية مما يخفف من وطأة هذا الوجع. وفي السياق نفسه كتبت الشاعرة الاسبانية روسا ماريا بيرلانغا مقالا بعنوان (الرملي وجمال وصف الموت في روايته (وداعاً أبناء العمومة/الفتيت المُبعثَر) إضافة لخبر الاحتفاء بصدورها في صحيفة (الصوت الحر) الاسبانية و(شبكة الرؤية) التشيلية.. وغيرها.
يذكر بأنه ومنذ صدور الطبعة الأولى لهذه الرواية القصيرة في القاهرة، قد حظيت بالقراءة والاهتمام. وحازت ترجمتها الإنكليزية على جائز أركنسا الأمريكية لعام 2002. وتم تدريسها في العديد من الجامعات كميشيغان وهارفرد الأمريكيتين والقاضي عياض المغربية وجامعة لندن، فكما يرى البروفسور كاميران راستيغار من جامعة كولومبيا الأمريكية في مقاله عنها بمجلة (جمعية الدراسات الشرق أوسطية) : “أن أساتذة الرواية العربية المعاصرة والتاريخ أو السياسة العراقية أو الإقليمية الحديثة، سيجدون في هذا النص، بلا شك، ما يستحق لاتخاذه مادة في دروسهم”. وقال عنها الناقد د.صبري حافظ:”تقدم لنا (الفتيت المبعثر) تجليات المأساة العراقية من خلال أُسرة متعددة الشخصيات المتنوعة المواقف والمضارب والأهواء كصورة مصغرة للوطن العراقي برمته، بتنوعاته الثرية والموقفية على السواء وحتى الأكراد لا تنساهم”.
فيما وصفها الناقد الأمريكي هارولد برازويل، بأنها :”رواية تصوّر حياة عائلة كبيرة تحت نير الدكتاتوريّة، وتضيء الصورة الغائمة للتعقيدات التي عاشها الشعب العراقي. إنها رواية مؤثرة وذات ثيمة مكثفة، وتميّز نفسها عبر شيء هو أكبر من شهادة سياسية أو من مجرد فضول ثقافي”. وقال الروائي السعودي عبده خال:”في (الفتيت المبعثر) نجد التجسيد الحقيقي لأثر الطاغية على الناس من خلال رواية اتخذت من الريف العراقي فضاءً لأحداثها وجعلت من صراع السلطة والمثقف محوراً”.
وعن أسلوبها كتب الدكتور وليد صالح الخليفة الأستاذ في جامعة مدريد قائلاً:”إن لغة الرملي في (الفتيت المبعثر)؛ لغة مبدعة وخلاقة ومركزة، خالية من الحشو الزائد وساخرة في كثير من الأحيان، فالكلمة في هذه الرواية لا تبني بل تؤسس”. فيما اعتبرها الشاعر عيسى حسن الياسري:”إنها اللوحة البانورامية لمحنة الإنسان، تآزرت على استكمال آليتها الفنية والتقنية موروثتان: ميثولوجية وشعبية ظلت تكتوي بجحيم الحرب حتى استكملت نضجها.. وخرجت من حدودها المحلية الضيقة.. لتتسع إلى محنة كل البشر”.