*واسيني الأعرج
فوجئت، كما فوجئ الكثير من أصدقائي وقرائي بعنوان الحوار (المنشور 14/10/2014) الذي أجرته معي في عمان الإعلامية آية الخوالدة: واسيني الأعرج: «داعش» نتاج الثورات العربية والأفضل البقاء مع الديكتاتورية ومحاربته. وهو عنوان خطير يبرر داعش والدكتاتوريات العربية القاتلة ويحط من قيمة الثورات العربية.
أعدت قراءة الحوار فوجدت أن هناك خلطا واضحا بين رأيي والآراء التي كنت أستعرضها عن وجهات النظر الفرنسية والعربية في الثورات العربية. كان السؤال كالتالي: كونك تمتلك الثقافة الفرانكفونية، كيف وجدت تناول الكتاب والصحافيين في الغرب للأحداث الجارية في الوطن العربي؟ فكانت الإجابة كما يلي: اغلب التيارات الفرنسية تعتبرها ثورات ربيع عربي، وحتى في بعض النصوص العربية تعدها ربيع (ا) عربي (ا) حقيقي (ا)، لكن هنالك وجهات نظر أخرى(:) فهي من الممكن أن تكون ثورات عربية لتغيير الأنظمة والفساد ولضخ العدالة ألاجتماعية لكن في الوقت نفسه، هنالك قوة ضاغطة قد تكون محلية أو دولية بدأت تسير بالثورات نحو مسار آخر غير المسار الذي كانت تريده، وإلا كيف يمكن للثورات أن تأتي بداعش؟ إذن من الأفضل أن نبقى مع الديكتاتورية نحاربها ونقاومها… واضح من الإجابة أنها استعراض لآراء غيري وليست وجهة نطري كما هو في العنوان، ناهيك عن كون الفكرة وردت في شكل تساؤل وليس تأكيدا. رأيي واضح ومعروض في سلسلة المقالات الأسبوعية المنشورة في «القدس العربي». بالعكس. الثورات العربية في جوهرها تطلع إنساني طبيعي ولا يمكنني أن أستهين بكل الدم العربي الذي سال من أجل الحرية. وداعش نهضت من عمق إخفاق الثورات العربية وتحولها إلى حروب أهلية طاحنة وتمزيق الأوصال، وتدمير الدولة الناظمة. فهي ثمرة من ثمرات الديكتاتوريات العربية الهالكة. وهي أيضا آلة مخبرية لمراكز الأبحاث الدولية، مثلها مثل القاعدة، للمزيد من التدمير الذاتي وقتل أية بذرة للأمل والتغيير في العالم العربي. تدمير التاريخ والحضارة ووكل المنجز الإنساني العودة إلى البدائية الأولى. وهذا بالفعل ما يُهيّأ للعرب في الدراسات المستقبلية.
_______
*القدس العربي