جابرعصفور: من يدعي فساد وزارة الثقافة “فاسد”.. وجوائز الدولة لا تحكمها أهوائي


حاورته : إسراء عبد التواب*



كان يباشر عمله من مقر المجلس الأعلى للثقافة، ربما أراد أن يستريح من الأوراق المكدسة وهو يودع مكتبه للجلوس علي أريكة بعيدة في أحد اركان مكتبه الهادئ ليأخذ قسطا من الراحة قبل بدء حوارنا ، كان يتنهد بعيون حمراء لم تذق طعم النوم لفترات طويلة: ” المنصب صعب قوى فوق ما تخيلت “.. لاحقته ” البوابة نيوز ” : ” هل ستتقدم باستقالتك من المنصب لو تعارضت مواقفك مع السلطة؟” رد في ثقة ” بالطبع ” ، رافضا كل الاتهامات التي وجهت له كمثقف تنويري ، مؤكدا أن من يتهمه بذلك فليعود إلى مواقفه ليعرفه جيدا ، وقال عصفور إن الكثير استغل مفهوم الحرية بشكل غير مسئول للتجريح في أخلاق ونزاهة الغير قائلا ” هذا ما دفعني لتقديم بلاغ ضد” الشناوي” ، لافتا إلي أن أي مثقف يؤمن بالديمقراطية هو مثقف علماني وان العلمانية لا تعنى الكفر ولكنها تساوى الإيمان في الدولة المدنية ، معلنا أن من يدعي فساد وزارة الثقافة فاسد ، وأن الجوائز لا تحكمها أهواء عصفور .. والي نص الحوار . .. 

أين دور وزارة الثقافة فيما يتعلق بالإرهاب ؟ وهل تعتقد أن الحل الأمني كاف للمواجهة ؟
المعركة مع الإرهاب ليست معركة أمنية فحسب وإنما هي بالدرجة الأولي معركة ثقافية وعلي هذا الأساس ينبغي تغيير الثقافة الموجودة في المجتمع وتحويلها إلي ثقافة تنوير وثقافة دولة مدنية ديمقراطية حقيقية

هل هذا ما دعاك إلى دعوة الدكتور السيد ياسين لصياغة مقترحات سياسة ثقافية ؟ 
هذا أمر مختلف لأنني أري أن المنظومة الثقافية مسئوليتي أنا شخصيا وعملت أغلبها بالتعاون مع الوزارات المعنية بالشأن الثقافي والتي من بينها وزارة التربية والتعليم، التعليم العالي والشباب، البحث العلمي، والقوي العاملة، ووزارة الأوقاف

لكن ما تراه من تغيير لا يلمسه الشعب المصري على أرض الواقع. فما زالت ثقافة التطرف حاضرة ؟
سيظهر ذلك مع استمرار العام الجامعي لأننا داخلين في أنشطة مشتركة مع وزارة التعليم العالي

هل سيتم دعوة مفكرين تنويرين لتنظيم فعاليات داخل الجامعات للقضاء على الإرهاب؟ 
سيتم دعوة عدد كبير وترشيح شخصيات ثقافية بمساعدة المسرح الجامعي سنتعاون مع وزارة التعليم العالي لتنظيم ندوات مشتركة، وكذلك تنظيم أماكن للقراءة فضلا عن أهم من ذلك هو أن الأثر الثقافي لا يظهر بسرعة ، ولكنه يأخذ وقت. 



هل مقالك بالأهرام حول المنظومة الثقافية والتنوير هو من جاء بك لتولي منصب وزير الثقافة ؟
هذا كلام صحيح 

أبديت إعجابا برفاعة رافع الطهطاوي وكان يؤمن أنه لا يمكن بناء ثقافة بعيدة عن السلطة ..هل تسير على خطاه بهذا النهج ؟ 
الثقافة لا يقتصر بنائها على الدولة ،فيمكن أن تبدئي من الداخل وأيضا يمكن أن تنجحي من الخارج وأنت بعيدة عن السلطة ،وحتي الإصلاح الثقافي للدولة لا يمكن أن يحدث تأثير حقيقي دون مشاركة المجتمع المدني.

هذا يعني أن المجتمع المدني سيكون شريكا مع الوزارة لبناء المنظومة الثقافية ؟
المنظومة الثقافية قائمة على التفاعل بين وزارات الحكومة من ناحية والمؤسسات الخاصة في المجتمع المدني من ناحية أخرى. 

– ولكن ينظر لك البعض على أنك مثقف تم تدجينه داخل السلطة ،وما تقوله عن بناء ثقافة خارج السلطة غير حقيقي ؟
أنا بأ ستعجب لم أكن يوما مثقفا تنويريا داخل السلطة ،ومن يريد الدليل على ذلك فليعود إلي تصريحاتي لتؤكد أنني مثقف لم يتم حتى الآن تدجينه داخل السلطة ،ولا أزال عند مواقفي فأين إذا التدجين ؟!

إذا كنت مثقفا لم يتم تدجينه بعد داخل السلطة فهل ستمتلك الجرأة للاستقالة من منصبك إذا تعارضت مواقف السلطة مع قناعاتك الشخصية؟ 
نعم أمتلك الشجاعة وسأفعلها. 

نريد أن نعرف أي المواقف من جانب السلطة ستجبرك على الاستقالة ؟
كل ما يتصل بأفكاري الأساسية أولا إذا وجدت مواقف تتعارض معها سأستقيل ثانيا إذا كانت هناك مواقف من الدولة تتعارض مع ما أؤمن به حينها سأتقدم باستقالتي. 

الشباب نغمة يتغنى بها كل مسئول لكننا في الواقع لا نرى تحمسا من جانب أي قيادة على أن يشاركوا في خلق المنظومة الثقافية ما رأيك؟
الشباب موجودون بنسبة معقولة جدا 

هل ترضيك نسبة تواجدهم؟ 
ترضيني الآن ولكني أتطلع للمزيد لأنه ليس من السهل أن تبحثي عن قيادة تتحقق فيها الكفاءة والنزاهة بين الشباب. لأن هذا مسألة صعبة.


كلامك يعني أن الشباب لن يعملوا في وزارة الثقافة إلا تحت مظلة “كبار السن” ؟ 
القضية ليست قضية شباب وخلاص لازم يكون في شباب تتحقق فيه النزاهة ،فالمسألة ليست مسألة عمرية .المهم أن يكون هذا الشاب على دراية وخبرة

ولكن هناك قيادات داخل الثقافة لديها خبرة ودراية ومتهمة بالفساد من جهات عديدة. كيف تواجه تلك الاتهامات ،وما هو دورك لمواجهه الفساد؟ 
من يردد أن هناك فسادا بالثقافة أنا شخصيا أراه فاسدا إلى أن يقدم إلي الدليل على وجود فساد أنا واضح زي الشمس من يرى أن هناك فسادا في الوزارة فليقدم لي دليل على الفساد حتى أحيله إلى النيابة.

بخوص المسرح القومي ومستندات الفساد التي قدمت بشأنه.. ماذا فعلتم ؟ 
تم مراجعة تلك المستندات من جهات مختصة ، واتضح إن لا في فساد ولا يحزنون، وكلها شائعات. 

هل تتابع ما ينشره ألتراس الثقافة من وقائع فساد داخل الوزارة ؟ 
آه متابع وأحيانا بأستفيد مما يقومون بنشره ،وأقوم بالتحقيق فيه 

إذا لماذا لا تتواصل مع أعضاء “ألتراس الثقافة” للتعاون للتحقيق في الفساد المنسوب إلى بعض القيادات ؟ 
ليس لدي مانع من ذلك بالعكس. مكتبي يتابع ما ينشروه على صفحتهم الخاصة. 

بصراحه هل ما زال يؤرقك النقد ؟ 
إطلاقا بالعكس لابد أن نشكر من أهدى إلينا عيوبنا، وأنا لا أضيق بالنقد. لكن كإنسان لا أقبل التجريح. 

هل هذا ما دفعك إلي تقديم بلاغ للنائب العام ضد الكاتب الصحفي طارق الشناوي؟ 
تقدمت ببلاغ للنائب العام ضده لأنه مس نزاهتي بوضوح ليس لدى اعتراض على السخرية أو الانتقاد .لكن عندما مس نزاهتي وألمح إلى أني أقلت رئيس المركز القومي للسينما سابقا لمحاولة التستر علي فساد .هنا كانت النقطة الفاصلة ،فأنا لا أقبل من أحد أن يطعن في نزاهتي. 

ولكنك في منصب وزاري ودورك كمثقف أن تحمي حرية التعبير والنقد لا أن تواجهها ؟ 
هناك فرق بين أن تتهمي أستاذ جامعي وبين أن تنتقديه فالحرية لا تعني أننا نتهم الآخرون بغير وجه حق. 

ولكنك عدت وتراجعت فلماذا قمت بسحب البلاغ ؟ 
لأن أصدقائي نصحوني بذلك وقالوا اترك الأمر لنقابة الصحفيين ،وهي من تتخذ القرار ،ووافقت على ذلك وتسامحت ولكن لو كررها مرة أخرى فلن يكون هناك تسامح. 

ولكن الوسط الثقافي قرأ البلاغ الذي تقدمت به ضد” الشناوي” على أنه رسالة تهديد لكل من يهاجمك؟ 
هذا ليس صحيح أي حد يمس نزاهتي لابد أن يكون لدي رد فعل المنصب شيء والطعن في النزاهة شيء آخر أنا مع الحرية مئة في المئة .لكن ليس كوني مع الحرية أن أطعن في أخلاق أحد .ما علاقة هذا بالحرية..! بل هو استخدام غير مسئول للحرية. 


مؤخرا أثارت تصريحاتك بشأن الفن والصور العارية حساسية حزب النور، وشن رئيسه ضدك حملة هجوم وصفك فيها بالمثقف الغير مسئول وانك لا تفرق بين كونك علمانيا وبين مسئوليتك كوزير للثقافة.. هل تعتقد أن الصدام بين التيار الديني وأي وزير ثقافة سيظل صراع أبدي؟ 
أي مثقف يؤمن بالديمقراطية هو مثقف علماني .. كلمة علمانية مشتقة من كلمة ” علم” ،في القاموس العربي تعني هو الشخص الذي يؤمن بأن في الحال الدنيا لابد من وجود حلول دنيوية ،وهذا إيمان بمقولة ” على ابن أبى طالب” التي قال فيها “
اعملوا لدنياكم كأنكم تعيشون أبدا” وهذا هو المعني فالعلمانية لا تعنى الكفر. وحزب النور استغل تصريحاتي من أجل الدعاية للانتخابات البرلمانية القادمة.

هذا ما يتفهمه المثقف ويعرفه جيدا، ولكن المصطلح السيئ لكلمة “علمانية” ما زال موجودا ويستغل من التيار الديني لتكفير خصومه. أين دوركم من تصحيح المفاهيم في الشارع المصري؟ 

مسئوليتي لا تقل عن مسئوليتك أن تلك الكلمة تعني الإيمان بالدولة المدنية. فهل الإيمان بالدولة المدنية كفر ؟ .العلمانية تساوي الإيمان في الدولة المدنية، وسُئل الشيخ الدكتور أحمد أبو كريمة في إحدى الحوارات كيف ينظر لمعني الكلمة فقال أنها تعني من يؤمن بالدولة المدنية ،وهذا عالم من علماء الأزهر ،ودوري كمثقف وكوزير ثقافة خلال المرحلة القادمة أن أصحح المفاهيم في الشارع المصري ،وعلي كل واحد في مصر أن يصحح المفاهيم الخاطئة ،ونتعاون مع وزارة الشباب والسياحة والتربية والتعليم. 

إذا عدنا إلي فكرة تصحيح المفاهيم الخاطئة في الشارع المصري ، لماذا لا تقوم وزارة الثقافة بإنتاج أفلام سينمائية لمواجهة التطرف وكل ما هو غير أخلاقي بالشارع المصري؟ 

دورنا هو دعم الأفلام في المركز القومي للسينما ،ليس إنتاج أفلام .فمثلا هناك مخرجين شباب لا يستطيعون تمويل أفلامهم نساعدهم نحن على ذلك .المركز القومي للسينما المفروض أن يدعم هؤلاء

إذا لماذا لا تقوم الوزارة بإنتاج أفلام تؤكد الهوية المصرية ويكون لديها رسالة وتوجه وطني؟
لا أريد أن تقوم الوزارة بالإنتاج هذا يتولاه القطاع الخاص، دور الدولة أن تدعم هذه الأفلام ولكن لن أدخل في ذلك.

ما هي الجهات الفنية التي ستقدم لها “الثقافة ” الدعم المادي لها خلال الفترة المقبلة ؟ 
أنا على استعداد لدعم كل الجهات بما فيها ” الفن ميدان” وغيرها من الجهات التي تحتاج إلى دعم 

لو تطرقنا إلى المجلس الأعلى للثقافة ما مصير اللائحة التي وضعت لهيكلته؟ 
هناك محاولات لتغيير بنية المجلس وما يطلب منه سوف نتبناه.

هل ستطرحون اللائحة على المثقفين؟
اللائحة هي صنع أعضاء المجلس الأعلى للثقافة وسوف نطرحها لحوار مجتمعي. 
هنلاقي لائحة ترضي الوسط الثقافي؟ الوسط الثقافي لن يرضي عن شيء. 

وبالنسبة للجوائز؟ 
الجائزة لا تعطي حسب أهوائي الجائزة تعطي بالأصوات ،ومن الممكن جدا أن يحصل أي أحد على الجائزة ،ومن الممكن ألا يستحق وهذا أمر طبيعي ،ولكن لدي صوت من الأصوات ،وابتداء من اللجنة القادمة كل ما نقترحه هو أن يكون لدى الأعضاء قبل التصويت شاشة معروض عليها المرشح ونبذة قصيرة عن أهم إنجازاته ،وأشعر للأسف أن بعض الناس ظلموا في جوائز الدولة التقديرية في العام الماضي. 

وما مصير منح التفرغ التي خضعت لسنوات لمنحها لأشخاص طبقا للمجاملات ؟ وهل حقا قمت بإلغائها؟ 
لم أقوم بإلغائها ،ولكن السلطة العليا ستكون مسئولية اللجنة ،وليس لدي أي سلطة ،ولم أستخدم سلطة الوزير فيها لأني لم أرى حتى الآن أن اللجنة تحابى بالعكس اللجنة كانت عادلة ،وهي منحت التفرغ الاستثنائي 

ما المقصود بالتفرغ الاستثنائي؟
وهو التفرغ الذي كان يتم بموافقة الوزير وليس بموافقة اللجنة، ولم أوافق حتي الأن على أي منحة من هذا النوع.

لو عدنا لأزمة علاج الكتاب؟ لماذا لا تقوم وزارة الثقافة بدورها بتحمل تكلفة العلاج ؟ 
لا يوجد لدي ما يمنع إنسانيا أن يتدخل وزير الثقافة لعلاج كاتب هذه مسألة طبيعية و إنسانية. إنما الدور الحقيقي والرسمي هو دور اتحاد الكتاب 

هل ترى أن اتحاد الكتاب مقصر بهذا الشأن ؟ 
ما أعرفش هو مقصر ولا لاء ،وما أعرفه عندما يأت لدي أديب كبير ويشتكي فهذا يؤكد قصور الاتحاد. 


لو تطرقنا إلى قصور الثقافة هناك جدل دائر بشأن إلغاء انتداب الدكتور مسعود شومان لرئاستها بعد قرار المحكمة بعدم قانونيته في المنصب .لماذا لم يتم دراسة موقفه القانوني قبل انتدابه ؟ 
مسعود شومان قبل مجيئ كوزير تقدم إلي منصب الهيئة العامة لقصور الثقافة ،واللجنة التي كان يرأسها الدكتور صابر عرب وزير الثقافة السابق منحته هذا المنصب ،وعلى حسب الإعلان الذي كان موجودا ، فوافقت على أن يكون منتدبا حتى يتأكد من أنه يصلح ،والناحية القانونية كانت موجودة ولكني أردت أن أتأكد من أنه سيينجح ،وفي تلك الفترة عندما انتدبته ليكون قائما بأعمال رئيس هيئة قصور الثقافة اتضح أن هناك قضية حول صلاحيات تعينه رئيسا لإدارة مركزيه قبل ترأسه الهيئة ،وأنها قضية قديمة ،والمحكمة حكمت بأنه لم يكن يستحق أن يترقى إلى منصب وكيل وزارة لأنه رئيس إدارة مركزية ،وما يترتب على أي تعيين باطل فهو باطل ،وبعد هذا الحكم أصبح مديرا عاما .لأن المحكمة حكمت أن ترقيته من مدير عام إلى رئيس إدارة مركزية باطل ،وما يترتب عليه من تعينه في منصب رئيس قصور الثقافة باطل ،فاحتراما لحكم المحكمة أوقفنا قرار الانتداب ،وهذا ما حدث بدقة ،وعشان الهيئة لا تتوقف قمنا بتعيين الدكتور سيد خطاب، وأتعجب من الضجة التي حدثت بشأن إلغاء انتدابه. نحن نحترم القضاء ..

دائما ما تتركز المشاكل في قصور الثقافة. ما تعليقك على الهجوم عليها باعتبارها منبعا للأزمات؟
قصور الثقافة هي المشكلة الحقيقية في وزارة الثقافة ،ورأيي أنها الواجهة والمشكلة الحقيقية في الوقت ذاته لأهميتها البالغة لأنها تتعامل مع الناس في الشارع ،ولكنها مشكلة لأنها صعب ضبطها ،فهي تمتد من حلايب وشلاتين للإسكندرية ،وعدد قصور ضخم ،ولا يوجد رقابة حقيقية عليه حتى الآن وهذه هي مشكلتها 

على ذكر حلايب وشلاتين هل سنجد قصرا للثقافة هناك؟ 
سنقيم قصرا للثقافة هناك وسنفتتحه الشهر القادم. بتكلفة بسيطة وعملت تعديل وبدل أن نقيم قصر ثقافة ضخم التكلفة نقيم قصر ثقافة منخفض التكلفة.. المهم أن يؤدي لنفس الوظائف


* صحفية من مصر
(البوابة نيوز )

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *