*د. علاء جراد
متى كانت آخر مرة قرأت فيها كتاباً؟ وكم كتاباً تقرأ في العام؟ هل القراءة جزء أساسي من برنامجك اليومي؟ والأهم ما نوعية الكتب التي تقرأها؟ وهل تسهم القراءة في إدخال تغيرات إيجابية على أسلوبك وتعاملك مع الآخرين؟ تشير الكثير من التقارير، آخرها صدر مطلع هذا العام، خلاصتها أن معدل قراءة الفرد في الدول العربية هو ست دقائق في العام، بينما في الغرب يصل إلى 12 ألف دقيقة، أي أن الفرد في الدول العربية يقرأ صفحة واحدة في العام، بينما في الولايات المتحدة يقرأ الفرد 11 كتاباً، وفي بريطانيا سبعة كتب. وعموماً لسنا بحاجة إلى تقارير أو إثباتات تفيد بأننا أصبحنا لا نقرأ.
بالتأكيد هناك من يعشقون القراءة لكنّ عددهم محدود جداً. لقد فوجئت خلال ورشة عمل كنت أحاضر فيها بأن شخصين فقط من مجموع 60 شخصاً يعرفون موقع «أمازون» Amazon لبيع الكتب، علماً بأنهم جميعاً حاصلون على مؤهلات جامعية ويتحدثون الإنجليزية، ووضعهم المالي والوظيفي ممتاز. والسؤال المحير هو لماذا لا نقرأ؟ وهو سؤال جدير بالدراسة. لا أتصور أن قلة الوقت هي السبب لأن لدينا وقتاً في نهاية الأسبوع وكذلك قبل النوم وبعد ساعات العمل. ولا أتصور أن الموضوع يرجع إلى قلة الإمكانات لأن المكتبات متوافرة في كل مكان، وكذلك أصبح من النادر عدم وجود إنترنت في أي بيت. صحيح أن هناك شريحة كبيرة من سكان الدول العربية تحت خط الفقر، وظروفها المعيشية والأمنية صعبة، لكن هناك الكثير أيضاً في ظروف ممتازة.
يقال إن الفراعنة هم أول من أنشأوا المكتبات وكانوا يكتبون على بابها «هنا غذاء النفوس وطب العقول» كما أن «اقرأ» كان أول أمر خاطب به جبريل رسولنا والبشرية كلها، وكان الأسير المشرك في بداية عهد الإسلام يمكن أن يفتدي نفسه بتعليم القراءة لعشرة مسلمين، مع أن المسلمين كانوا في أمسّ الحاجة لاستخدام هؤلاء الأسرى كورقة ضغط على قريش، لكن الرسول، صلى الله عليه وسلم، آثر القراءة. وكما قال «عباس العقاد» فالقراءة تضيف إلى عمر القارئ أعماراً أخرى هي أعمار وتجارب المفكرين. إن القراءة هي السبيل لاكتساب المعرفة وهي التي تقودنا للابتكار والإبداع. لن ننهض من كبوتنا إلا إذا وجهنا اهتمامنا إلى القراءة، ولنبدأ بأنفسنا الآن، فإذا كنا ممن يقرأون فلنحاول مساعدة الآخرين على القراءة، وإن كنا لا نقرأ فلنبدأ فوراً بزيارة أقرب مكتبة أو استعارة كتاب من أحد أصدقائنا، المهم أن نبدأ.
______
*الإمارات اليوم