راؤول سوريتا شعره ليل طافح بالأزهار


*تحسين الخطيب

في سماء عمياءَ هابطة، يكتب راؤول سوريتا رسائل حُبّه الهالكة، ويفتح النشيد على آخره: نشيد الشاهد الأوحد مرفوعًا على الصّليب-الصّحو، والصمت الذي يكبر في الكلمات التي لا تقول الوصفَ مجرّدًا من عزلته، ولثغة لسانه، ونبض خافقيه، وارتعاش بياضه، بل كلامَ الزهرة التي هي الوجه في اقتضاب الأشياء، وكلام الوجه الذي هو الزهرة في اقتضاب الليل؛ نشيد صحراء تشيلي التي تفتح رموشها عاليًا، وتسقط، كغيمة، على السنوات والفصول والحيوات الأبديّة؛ نشيد البحر الذي تغرق الأحلام في دوّاماته الفضيّة، وتصعد، بيضاءَ في الليل، كألسنة اللهيب، مضمّخة بالدم والورد، كأنها السماء الأبد في الأرض التي تصعد بالأرض.

ولأنّ العزلة تخلع أشجارها في الأرض السوداء، كجوقة صلبان، فإن عمى الأصابع هو ما يقود سوريتا، العاشق، إلى جسد حبيبته الذي بلون اللوز والبحر.
إنّه العمى المطوّق بالأشجار، الهابط في نوتات الحُبّ، على بساتين هائلة تسقط، وتغنّي. عمى العيون التي أطفأوا نورها وهو ينسرب، في القصيدة، إلى خدر الأصابع، فيضيء طريق العاشق بأزهار أقحوان تحني نفسها في الريح، وتصعد في قبر الأرض وهي تصغي إلى نشيد الأسماك الصاعدة بأجنحة البخور حتى السماء. وحبيبة سوريتا بيضاء في الأرض السواد، كالسماء الشفيفة، كشاش الثلج، تعانق، في ضريح البحر، ليل شاعرها الطافح بأزهار أقحوان تنحني أمام الصليب، وتنتحب.
وفي هذا العمى، وفي تلك العزلة، لا تموت الحبيبة، بل تفتح نفسها على حلم الشاعر، كي ترى وطنه/الجسد في الأرخبيلات والبراكين والصحارى والشواطئ والبحيرات وفي حقول الجليد. ولن تموت، لأن كلمات شاعرها سوف تعيش أكثر من العزلة والزمان والأحلام.
يعدّ راؤول سوريتا، لدى طائفة واسعة من قرّاء الشعر، أكثر الأصوات قوّة في أميركا اللاتينية اليوم. وينظر النقاد إلى قصائده بوصفها جزءًا من ثورة في اللغة الشعرية بدأت في سبعينات القرن العشرين؛ ثورة سعت إلى إيجاد طرائق تعبير جديدة، مختلفة، جذريًا، وعميقًا، عن تلك التي لبابلو نيرودا، عبر مجابهة جميع أشكال العنف السائدة في الزمن المعاصر، ومن ضمنها العنف الممارس ضدّ اللغة.
ولد سوريتا في تشيلي سنة 1950. وبالرغم من اعتقاله وتعذيبه في سجون الطاغية بينوشيه، إلّا أنّ ثلاثيّته الدّانْتية الشهيرة، “المَطهر” (1979)، و”قبل الفردوس” (1982)، و”الحياة الجديدة” (1993)، قد تحدثت عن الحُبّ بوصفه أيقونة البشرية جمعاء. وفي العام 1985، وأثناء حكم الديكتاتوريّة العسكرية، ينشر سوريتا، الشيوعيّ العنيد، كتابه “نشيد من أجل حُبّه المفقود“، تتمحور تيمته الأساسية حول المجازر التي ارتكبها بينوشيه وطغمته الحاكمة. وثمة، اليوم، بيت من تلك المجموعة، منقوش على النصب التذكاري الذي أقيم، في سانتياغو، تخليدًا لذكرى الضحايا الذين لم يُعثر عليهم، لأن الطاغية كان قد ألقى بجثثهم من الطائرات في البحار وعلى رؤوس الجبال وفي أفواه البراكين، وفق التصريح الرسمي الذي ألقاه الرئيس التشيلي، ريكاردو لاغوس، في التلفزة، سنة 2001.
ولمّا كان جنود الطاغية بينوشيه، يعصبون عيون ضحاياهم، قبل أن يطلقوا عليهم الرصاص، فإن الشخوص التي في قصائد سوريتا لا ترى، ولكنها تسمع فحسب، كما قال في التقديم الذي افتتح به الطبعة الأميركية من كتابه “INRI”، في العام 2005، والذي نستل منه هذه المختارات.
البحر

سمواتٌ هائلةٌ، أيامٌ، وأحلامٌ تغرقُ في الدواماتِ الفضيّةِ للأمواجِ، سمعتُ أفواهَ السمكِ الفضيةَ تلتهمُ وداعاتٍ غير منتهيةٍ. سمعتُ سهولَ حُبٍّ فسيحةً تقولُ كفى. ملائكةً، ونوتاتِ حُبٍّ موسيقيةً تقول كفى.


***

ها البحرُ، تقولُ، قبورُ السّمكِ آكلةُ اللحومِ. وها الجسدُ الذي بلونِ اللّوزِ والبحرُ. البحرُ ينتحبُ. وفيفيانا تنتحبُ.


***

ثمةَ سمواتٌ لا نهائيّةٌ من أشجارِ لوزٍ، من نجومٍ، كثمارٍ تقولُ وتسقطُ. طعومٌ مدهشةٌ تسقطُ منَ السماءِ كالنجومِ، كالثمارِ التي تسقطُ على العشبِ. وثمّةَ أكوانٌ أبديّةٌ في مَعِدِ الأسماكِ، النجومِ، وبساتينِ اللوزِ. تسمعُ فيفيانا بساتينَ هائلةً من أشجارِ لوزٍ بحُمرةِ الدمِ تسقطُ في البحرِ. أيامُ صَحْوٍ لا نهائيّةٌ تمطرُ على الزّبدِ الأحمرِ للبحر.


***

حقولٌ محروثةٌ، وأراضٍ مقدّسةٌ تمطرُ من السماءِ بظهورٍ مكسورةٍ، قِطَعٍ من أعناق لم تكُن هناكَ بعدُ، غيومٍ فجائيّةٍ من ربيعٍ يدومُ. رُمُوا. ثم أَمطروا. حصائدُ رجالٍ مذهلةٌ سقطت كطعامٍ للأسماكِ في البحر. وفيفيانا تسمعُ الأراضي المقدسةَ تمطرُ، تسمعُ ابنها يسقطُ كغيمةٍ على الصليبِ الصّحْوِ للمحيطِ الهادئ.


***

سمواتٌ لا نهائيّةٌ تسقطُ، سمواتٌ لا نهائيّةٌ من سيقان مكسورةٍ، من أذرعٍ طُويت على الأعناقِ، من رؤوسٍ لُويت على الظهور. السمواتُ تنتحبُ ساقطةً في وضعيّاتٍ مكسورةٍ، في غيومٍ من ظهورٍ مكسورةٍ وسمواتٍ مكسورةٍ. إنها تسقطُ، إنها تغنّي.


***

البحرُ مقدّسٌ، ومقدّسةٌ هي السهولُ الفسيحةُ التي من ثمارٍ آدميّةٍ تسقطُ، والأسماكُ مقدّسةٌ. سمعتُ أيامًا لا نهائيّةً تسقطُ، أجسادًا سقطت مع سمواتٍ، بحقولٍ لُمحَتْ بينها، بأشجارٍ كجوقةِ صُلبانٍ غنّت في مياهِ أغنيةٍ تمّ غناؤها.


***

أنصتي إلى أغنيةِ الأسماكِ الصاعدةِ حتى السماءِ. محترقًا، محيطُ تشيلي المقدّسُ يحترقُ. ألسنةُ لهيبٍ كبخورٍ مخضّبٍ بالدمِ والوردِ حقولُ المحيطِ الهادئِ المحترقةُ.


برونو ينحني ويسقط

سمعتُ حقلَ أزهارِ أقحوانٍ بيضاءَ لا ينتهي. إنها تنحني في الريحِ. أسمعُ أنينَ السويقاتِ الرفيعةِ وهي تنحني. إنّه صوتٌ عالٍ يصرُّ. وحينَ تتوقّفُ الريحُ يرجعُ الصمتُ.


***

المدنُ صغيرةٌ وبيضاءُ في الليلِ. وفي الأمامِ البحرُ، وحدَهُ خيطُ الزبدِ الأبيضُ مرئيٌّ على حَرْفهِ. البحرُ، وعتمةُ الليلِ الكثيفةُ.


***

الأرضُ التي تغطّي بْرُوْنُوْ سوداءُ. ووجهُ برونو أبيضُ. ولكنّني لا أعرفُ إن كانت أرضًا أو مياهًا سوداءَ أو هواءً أسود. ووجهُ سوزانا أبيضُ تحتَ الهواءِ أَوِ الماءِ أوِ الأرضِ السوداءِ.
***

أذكرُ رحلةً قربَ البحرِ. على الأفقِ السماءُ شفيفةٌ بلا حدٍّ فأسمعُ الصمتَ الذي يكبرُ. كان برونو صديقي. وسوزانا الآنَ ألفُ سوزانا. ويُرجعني الصمتُ إلى طريقٍ أسفلتيٍّ قربَ الجبالِ والأرنبُ الصغيرُ، مذهولًا وبلا حراكٍ. أتوقّفُ ثم أرجعُ. ثمةَ بقعةُ دمٍ صغيرةٌ على فمهِ، وعلى فروِ عنقهِ أيضًا، ولا وزنَ له في يديَّ. أسمعُ صوتَ أزهارِ الأقحوانِ وهي تنحني.


***

في مخيّلتي، أكتبُ رسائلَ حُبٍّ هالكةً.


***

محاجرُ العيونِ المفقوءةِ. ينحني برونو، ويسقطُ.


***

كلماتُ الحبِّ هشّةٌ، كما الليلُ هشٌّ، وكما سويقاتُ الأقحوانِ، ولكنّها تصرخُ حينَ تحنيها الريحُ. تصرخُ فأسمعها. رسائلُ حبّي هشّةٌ. وثمّةَ نمشٌ من دمٍ ورضابٍ عليها.


ينحني، ويسقط

برونو مخلبٌ أسودُ. وسوزانا مخلبٌ أسودُ. تنحني أزهارُ الأقحوانِ صارّةً. ها أزهارُ الأقحوانِ، والشّاشُ الثلجُ على الجبالِ. خطُّ زيدِ الأمواجِ المتكسّرة.


أبكي وطنا هو عدوي

المدنُ البيضاءُ الصغيرةُ تنتظرُ برونو، المدنُ البيضاءُ الصغيرةُ المضاءةُ بالمصابيحِ في الليلِ تنتظرُ سوزانا. إنّهُ النهارُ، وهما ليسا هناكَ بعدُ وأبكي.


الهبوط

ألمسُ إهابكِ، جسدكِ، وأطرافُ أصابعي، التي اعتادت أن تلاحقَ أطرافَ أصابعكِ، تحسُّ في العتمةِ بأننا نهبطُ. لقد دمّروا الجسورَ جميعَها وسلاسلُ الجبالِ تغرقُ، والمحيطُ الهادئُ يغرقُ، وما تبقّى منه يغرقُ أمامنا آنَ بقايا قلبنا تغرقُ. وفي وجه الموتِ، قالَ لنا شخصٌ شيئًا عنِ البعثِ والنشورِ. هل يعني ذلكَ أنَّ محجري عينينكِ الفارغينِ سيبصرانِ؟ وأنّ أطرافَ أصابعي ستواصلُ لمسَ أطراف أصابعكِ؟ أصابعي تلمسُ في العتمةِ أصابعكَ ثم تهوي كما رؤوسُ الجبالِ الآنَ. والبحرُ يسقطُ. كحبّنا الميّتِ. كتحديقتنا الميّتةِ، وهذي الكلماتُ الميّتةُ تسقطُ. كحقلِ أقحوانٍ يتثنّى، ألمسُ إهابكِ، جسدكِ، ويدايَ تحاولانِ أن تجدا في العتمةِ إهابَ الثلجِ الذي قد نعيشُ فيهِ ثانيةً. ولكن، كلّا، لا يبقى من رؤوسِ جبالِ الأنديزِ سوى آثارِ هذي الكلماتِ، ومِن هذي الصفحاتِ الميّتةِ، وحقلِ الأزهارِ الميّتِ الواسعِ هذا، حيث سلاسلُ الجبالِ كأكفانٍ بيضاءَ، ونحنُ تحتها، لا نزالُ نعانقُ بعضنا، ونغرقُ.


***

جبالُ الأنديزِ نجومٌ ميّتةٌ في قعرِ بحرِ الحجارةِ. والمحيطُ الهادئُ نجمةٌ ميّتةٌ في قعرِ بحر الحجارةِ. تحتَ الحجارةِ ضريحُ البحرِ وسلاسلُ الجبالِ كَلَيلٍ طافحٍ بالأقحوانِ والنجومِ الميّتةِ. نجومُ جبالِ الأنديز الميّتةُ وصليبُ المحيطِ الهادئِ في قعرِ الحجارةِ. ينحني الأقحوانُ أمامَ الصّليبِ وينتحبُ. في بلد عدوٍّ، مباحٌ للنجومِ أن تُكوّنَ صليبًا فوقَ وجهينا الميّتينِ.


***

نسمعُ البحرَ يسقطُ، رؤوسَ الجبالِ والسهولَ، وكانَ جسدانا الأعميانِ قد سقطا ثم تكوّما تحتَ الحجارةِ. زهورُ الأقحوانِ تئنُّ، لعلّها الأصابعُ التي تجدنا وتلمسُ فينا السواحلَ المُفرغَة. ربّما مباحٌ للأزهارِ. وربمّا، في بلد عدوٍّ، مباحٌ لزهورِ الأقحوانِ أن تنحني فوقنا وتلمسُنا في البحرِ الساقطِ. وربّما، في بلد عدوٍّ، تلمسُ زهورُ الأقحوانِ الجبالَ آنَ تصعدها بأصابعها.


***

ألمسُ جسمكِ، إهابكِ، وأطرافُ أصابعي تبحثُ عن أطرافِ أصابعكِ، علّني إن أحببتكِ وأحببتني لا كلُّ شيءٍ يضيعُ. الجبالُ تنامُ في الأسفلِ وربّما أزهارُ الأقحوانِ تضيءُ الحقلَ بزهورٍ بيضاءٍ. حقلًا حيثُ الأنديزِ والمحيطُ الهادئُ يستيقظانِ، متعانقينِ، تحتَ الأرضِ الميّتةِ، وعيوننا منبجسةً في الربيعِ الجديدِ تصيرُ أفقًا من زهورٍ. هل ستكونُ؟ أمثلِ هذا تكونُ؟ تواصلُ أزهارُ الأقحوانِ انحناءها على البحرِ الذي هو ميّتٌ، على القممِ الهائلةِ الميّتةِ وفي العتمةِ، حين نسقطُ، كإهابينِ مُفرَغينِ يبحثانِ عن بعضهما، أصابعي تتلمّسُ كي تلمسَ أصابعكِ، وإن لمستُكِ ولمستِني، فربّما لن يضيعَ كلُّ شيءٍ ونستطيعَ أن نعرفَ شيئًا من الحُبِّ لا نزالُ. مِن كلّ الحُبِّ الميّتِ كُنّا ومن حقلِ أزهارٍ سينمو حينَ كفنانا الأبيضانِ، حينَ كفنانا اللذانِ من ثلجِ كلِّ الجبالِ الغارقةِ تُقبّلنا ونحنُ ممدّدينِ على وجهينا فنديرُ رموشَ أعيننا منتصبةً إلى الأعلى ثانيةً.


ممر في العزلة

ومثلما تنطقُ الأشجارُ، تحكي الأرضُ، وأحكي لكِ. وعمى أصابعي يحكي لكِ آنَ تلتمسُ طريقها فوقَ جمجمتكِ، أنفكِ، محجري عينيكِ، والسماءُ الأبدُ قد هوتْ ثم نطقتْ وهي تصعدُ من محجري عينيكِ اللذينِ عاثت فيهما الديدانُ. وكمنظرِ أرضٍ تصعدُ بالأرضِ راحَ وجهانا يصعدانِ من وجهينا الميّتينِ، ثم، وكما تنطقُ الأحجارُ، وتحكي الأرضُ، حكيتُ لكِ، يا جثّتي، ويا حبّي، ويا عظامي، ويا البؤبؤَ المدوّرَ الصغيرَ لكلِّ الحُبِّ الذي يصعدُ والذي هو نشيدُ عينيكِ وهما تنظرانِ إليَّ.


أستطيع أن أراك

وآنَ تنظرينَ إليَّ، عمياءَ وتنظرينَ إليَّ، وعمياءَ كالسّماءِ برمّتها ناظرةً إليّ، وتنظرينَ إلى بلدٍ من صحارى فترينني.


***

ولن نموتَ. ولن نموتَ ثانيةً لأنّكِ، وكمن تفتحُ نفسها على حلمٍ، نظرتِ إلى بقايايَ فرأيتِ وطنًا مُخلّعًا في الأرخبيلاتِ وبقايا جسدينا في الأسفلِ كأرخبيلاتٍ. ولن نموتَ ثانيةً والقنواتُ التي تنفتحُ في الأرخبيلاتِ ستُريكِ السمواتِ والسّمواتُ جرداءُ لا نجومَ فيها والبحرُ أجردُ، لن تُفقأَ عيناكِ ثانيةً كجُزرٍ مخلّعةٍ تسقطُ في المياهِ. بلى، لأننا لن نموتَ ثانيةً وهذي الكلماتُ ستعيشُ أكثرَ من عزلتنا، أو زماننا، أو أحلامنا العاصفةِ.


***

ثم نُقبّل بؤبؤي بعضنا الفارغينِ ونبكي. لأنّ ممرًّا في العزلةِ قد فُتِحَ وعيوننا الفارغةُ تلتصقُ بالسماءِ، فلمستُ سمواتكِ وسَمواتي في عيوننا ثمّ، وفي وطنِ البراكينِ والصحارى، وطنِ الشواطئِ وحقولِ الجليدِ، وطنِ البحيراتِ والمحيطاتِ، رأينا جسدينا يتحرّكانِ في الأمواجِ ثمّ كانا السّهولَ مرّةً أخرى.
________
*العرب

شاهد أيضاً

العتبات والفكر الهندسي في رواية “المهندس” للأردني سامر المجالي

(ثقافات) العتبات والفكر الهندسي في رواية «المهندس» للأردني سامر المجالي موسى أبو رياش   المتعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *