( ثقافات )
صدر مؤخرا عن دار غيداء للنشر والتوزيع بعمان عمل إبداعي جديد للكاتبة الدكتورة لمى سخنيني بعنوان “دير اللوز: تكسر أصفادها وتعانق الحلم”.
“دير اللوز” هو العمل الإبداعي الثاني للدكتورة لمى سخنيني بعد مجموعتها القصصية “تنويعات على وتر منفرد”.
والعمل رواية يبرز فيها كثير من معالم مرحلة من التاريخ الفلسطيني المعاصر الذي ما زلنا نعيشه، تجس الكاتبة فيها نبض هذه المرحلة التاريخية بكل شخوصها ورموزها، وتتلمس تضاريسها بأغوارها وما ظهر منها على السطح، وتحفر في ذاكرتها ما غاب منها وما لا يزال حيا. وكل ذلك بحِرَفية سردية روائية ترفرف عليها أجنحة الشعر، وبلغة ترقى إلى ما يليق بالعربية من المكانة الأسمى.
أما دير اللوز، فتعلن الكاتبة منذ البداية أنها قرية لن تجدها على صفحات الأطلس “بل فتش عنها في ذاكرتك وذاكرة من مروا ومن سيمرون فحتما ستجدها”، وهي تستوطن مسام الجسم وتسري في العروق ويخفق على إيقاعها القلب. ففي هذه القرية التي موطنها الذاكرة اجتمعت فلسطين كما لم تجتمع في غيرها. ففيها تلاقت أحزانها وأفراحها، خيباتها وآمالها، انكساراتها وتشوفاتها للارتقاء فوق الجراح. في دير اللوز تكثف الكون الفلسطيني.
كتب الأستاذ الدكتور تيسير صبحي يامن، من جامعة السوربون في باريس، عن هذه الرواية يقول: “كثيرة هي الروايات التي قرأتها، لكن قليلة هي الأعمال الأدبية التي جذبتني إلى متنها من حرفها الأول، ومنها هذه الرواية التي بين أيدينا. ذلك بأن في مسيرة حياتنا الطويلة تمر بنا شخصيات عابرة وأخرى تترك بصماتها في الموروث الحضاري بأشكال مختلفة. ومن اللافت للانتباه أن هناك نسبة قليلة جدا من البشر متعددة المواهب والإبداعات. ولم يبخل علينا هذا العصربعدد من المبدعين، ومنهم كاتبة هذه الرواية”.
من أجواء الرواية نقرأ: “يا بشير عمري! أحدق وأحدق في كل شيء واللاشيء. دائماً تمر في خيالي، خيال بعيد عني وعن وجودي، ويصبح عالمي عندك وفي داخلك، بين بتلات وردة على وشك التساقط وعلى جناح نحلة ترقص رقصتها الأخيرة قبل أن تتيه عن قفيرها. وجود مرهون بوجودك، تملي مفرداته، وتصيغ جمله، وأنا لا أجد نفسي فيه، أحاول أن أكتسب بعض مهاراتك، بعض قدراتك. أردد في ذاكرتي كلماتك وحواراتنا، أخاف أن أجد فيها ما يغضبك، فأنت كامل النقاء”.
كما نقرأ: “استشهاد الثلاثة قوس ظهره، سمته الصحف مجزرة فردان. أي ثورة هذه التي لا تستطيع حماية مثقفيها ومقاتليها. استشهدوا في منازلهم وتحت أنظار أطفالهم. ما أحزنه أكثر تلك القصص التي قيلت في الصباحات الحزينة التي تلت ليلة العاشر من نيسان: اختفاء ابن أبو يوسف النجار، الصدمة النفسية لابنته، موت كمال ناصر على شكل صليب، سبحان الله لأنه مسيحي، مع أنه أوصى أن يدفن بجانب صديقه غسان كنفاني في مقبرة الشهداء الإسلامية، والصدفة المقدسة التي جعلت أبا إياد أن لا يكون عند كمال عدوان في تلك الليلة. جنود إسرائيل يطالوننا في أية لحظة من نهار أو ليل ونحن نعد الرصاصات في صدور قتلانا. نتغزل بالموت المرتسم فوق شفاه أحبائنا. يجب أن نطالهم مثلما يطالونا”.