فيلم مغربي عن ظاهرة التحرش


*نزار الفراوي

حاز فيلم مغربي يتناول ظاهرة التحرش الجنسي صدارة الأفلام المعروضة بالقاعات السينمائية في المملكة، من حيث حجم الإقبال الجماهيري خلال النصف الأول من العام الحالي.

ويعكس النجاح الذي حققه عرض الفيلم -الذي أخرجه محمد عهد بنسودة في ثاني أعماله الطويلة- حساسية الجمهور المغربي تجاه تفاقم ظاهرة ظلت مسكوتا عنها لزمن طويل في الدراما والسينما المغربية، من جهة، كما يوطد جاذبية الفيلم الاجتماعي الواقعي لدى شريحة واسعة من الجمهور، من جهة ثانية.
وإلى غاية نهاية يونيو/حزيران المنصرم، أفادت أرقام المركز السينمائي المغربي -المؤسسة الوصية على السينما بالبلاد- بأن فيلم “خلف الأبواب المغلقة” سجل قرابة ٩٤ ألف تذكرة، وهو إنجاز كبير بالنظر إلى استمرار مسلسل اندثار قاعات السينما في المملكة ومعه ظاهرة العزوف عن الذهاب إلى دور العرض. 
ولأن الجمهور والنقاد ليسوا دائماً على قلب رجل واحد، فإنه من اللافت أن نجاح الفيلم في اختبار القاعات لم يواكبه ترحيب نقدي من نفس الحجم، إذ اعتبر كثيرون أن الفيلم يتكئ على حساسية موضوعه لمراودة وتر الجمهور، وأنه أقرب إلى فيلم تلفزيوني منه إلى عمل سينمائي.
قصة بسيطة نمطية، ردود أفعال متوقعة، سرد خطي بلا توترات انتقالية فضلا عن السقوط في خطاب وعظي مباشر. تلك كانت بعض السمات التي أثرت على جمالية الفيلم.
ويختار مؤلف السيناريو الكاتب عبد الإله الحمدوشي فضاء مهنيا داخل شركة لكتابة فصول قصة تحرش تتشابه مع قصص كثيرة تروى عن الظاهرة في الإدارات والمؤسسات، فضلا عن السلوكيات المكشوفة في الشارع العام.
سيناريو الواقع
ويرسم الفيلم في بدايته ملامح الشخصية التي ستكون هدفا للمتحرش.. (سميرة)، الموظفة الجميلة والأنيقة، التي ترفل في سعادة زوجية في البيت وتستمتع بعمل تحبه في الشركة، قبل أن يطرأ ما يغير حياتها إلى منحى مأساوي.
يحط مدير جديد رحاله في المؤسسة فيضع الموظفة المتميزة نصب عينيه منذ النظرة الأولى. ويبدأ إستراتيجية الكمائن والإغراءات، وإذ يصطدم بالرفض، ينتقل إلى التضييق والضغط، فتضطر سميرة إلى نصب فخ يخلصها من براثنه بعد أن أوصد الجميع الباب في وجه شكاويها، بما في ذلك زوجة المدير المتحرش وزملاؤها في العمل.
وفي محاولة لتقديم نظرة شمولية على الظاهرة، يقترح الفيلم حكاية تحرش موازية تجري في خلفية الحكاية الرئيسة، يتورط فيها حارس عمارة دأب على ترصد عاملات النظافة لإشباع نزواته المريضة، وهي إشارة إلى أن التحرش ظاهرة تهم كل الطبقات والشرائح.
يُعتبر الفيلم دعوة إلى فضح التحرش الجنسي والمتحرشين وكسر تابوهات (محرمات) نظام اجتماعي يدين الضحية ويحمي الجلاد أحيانا، خصوصا إن توافرت له السلطة والقدرة على شراء الصمت. 
وقد سبق للفيلم أن حصل على جوائز مهرجانات عربية ودولية من بينها جائزة الخنجر الذهبي لسينما المرأة في إطار مهرجان مسقط بسلطنة عمان وجائزة أحسن سيناريو في مهرجان تريبون بالولايات المتحدة.
هيمنة مغربية
ويزكي النجاح الجماهيري لفيلم “خلف الأبواب المغلقة” هيمنة الفيلم المغربي على شباك التذاكر في دور السينما القومية، إذ أظهرت النتائج حصول الأفلام المغربية على المراكز الثلاثة الأولى، قبل أن يحل رابعا الفيلم الأميركي “ذئب وولف ستريت” للمخرج مارتن سكورسيزي، وبطولة ليوناردو دي كابريو.
ويستحوذ الفيلم المحلي منذ سنوات على أزيد من نصف سوق توزيع الأفلام في دور السينما المغربية، الأمر الذي يرتبط بالطفرة الكمية التي حافظت عليها حركية الإنتاج السينمائي المغربي في العقد الأخير، بينما تتوزع باقي الأفلام المتنافسة على العرض بين هوليود والسينما الهندية وغيرها.
وتحظى أفلام الشباب والعنف الحضري والكوميديا بأعلى نسب الإقبال في القاعات المغربية، حسبما يتبين من قوائم الشباك خلال السنوات الأخيرة.
_____
*الجزيرة نت

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *