*
في إقامتها معرض عن شارلوك هولمز، تهدف مدينة لندن ومتحفها، في البحث عن كافة المطبوعات التي تتناول (المواطن اللندني الأعظم الذي لم يعش ابداً ولن يموت ايضاً).
و (مغامرات شارلوك هولمز) بنسختها الأصلية تشكل جزءاً من متحف لندن، إضافة الى ما تميزت به شخصيته الوهمية: قبعة من جلد الغزال، مسدس، بايب، أنف مزيف، قدح جميل، محقنة نحاسية في صندوق مبطن بالحرير.
ويقول المسؤول عن المعرض أليكس ويرنر ” انه اشهر مواطن لندني يم يعش قط ولن يمت ابداً ” ونحن نريد التعرف على شارلوك هولمز ومعرفة شخصيته بكل أبعادها، وهذا الوقت يبدو مناسباً للأمر، فقد توضحت صورته بكل أبعادها.
والشخصية الوهمية للمفتش السري الماهر تتميز بالكبرياء، وهو الذي قال في احدى القصص التي تدور عنه : (ان هواء لندن يصبح انعم في حضوري).
ومع تجاهل المتحف للحقيقة المؤكدة من ان شارلوك هولمز، شخصية خيالية تماماً، فإن المشرفين على المعرض، يحاولون البحث عن كافة الأمور والمظاهر المرتبطة بمرحلته الزمنية: صور فوتوغرافية عن الحياة الاجتماعية آنذاك وإضافة الى ذلك، الاستعانة بعدد من اللوحات الفنية، التي تعكس أجواء لندن آنذاك واجواء “الضباب والدخان” ، لأن هذه الأجواء هي التي جذبت فنانين كبار من الرسامين والكتاب من شتى أرجاء العالم الى لندن، إضافة الى ذلك، الاستعانة بالصورة التوضيحية التي رسمها سيدني باغيت لمجلة ستراند – متخيلاً هولمز : جبهة مرتفعة، شاحب الوجه، والتي ألهمت كل من ادى دور المفتش الناجح.
اما بالنسبة للجيل أعاد اكتشاف هولمز عبر الدور الذي اداه – بينيديكت كيومبيرباتج – بنجاح كبير، بحيث ان هذا المسلسل حقق اضخم نجاح لـ بي بي سي، في خلال عقد من الزمن، وتم بيعه لـ 200 دولة كما يستعير المتحف المعطف العريض الذي استخدمه الممثل وكذلك الرداء المنزلي الذي يرتديه في شقته التي تحمل رقم (221b) في شارع بيكر.
ولم تقتصر الاستعانة بهذه الحاجيات بل تمت الاستعارة بالمخطوطة التي ظهرت عام 1841 .. وهي قصة قصيرة، والتي اعتبرت اول قصة قصيرة عن رجل بوليسي سري، ورواية ادغار الان بو ” القتلة ” ، واعمال آرثر كونان دويل، الذي ابتكر شخصية شارلوك هولمز، وكان معجباً بـ آلان بو.
وكان ادغار بو مفلساً غالباً وتوفي وهو في الاربعين من عمره، ولم يغادر الولايات المتحدة الامريكية قط، ومع ذلك فهو لا يزال يعيش في شارع ضيق في باريس (والتي كانت مسرحاً لرواياته)، وهذا المعرض سيقدم ” كونان دويل ” الذي ولد في ادنبره، بدأ يكتب قصص شارلوك هولمز وهو في بحر الجنوب، وعاش بضعة اعوام فقط في لندن، ولكنه مع ذلك لديه معلومات وافية عن كل شارع فيها وكل عمود ضوء وكافة الازقة الخلفية.
و دويل مثل سائر الكتاب المعروفين، كان يتوق ان يكون كاتباً جاداً للروايات ، وقتل بطله، شارلوك هولمز في عام 1893، في آخر تلك الروايات، دافعاً اياه الى شلالات ريخينباخ وهو مشتبك مع عدوه البروفيسور موريارتي.
ويضم المتحف ايضاً النص الأصلي لـ (مغامرة البيت الخالي) والتي جلبت الفرح للمعجبين بهولمز، وكان كونان دويل قدم ندم على انهاء حياة هولمز، لان مجلة ستراند كانت تبيع نصف مليون نسخة شهرياً من العدد الذي يتضمن قصة لكونان دويل، ولذلك قام بإحيائه في القصص التالية ، ” لأنه لم يمت اثر سقوطه في الشلالات “.وفي عام 1897، منح دويل الرسام سيدني باغيت 52,10 باون ثمناً لصورة شخصية، سيشاهدها زوار المعرض : شاربين سميكين و وجه باهت بلا حيوية.
____________
عن: الاوبزرفر/المدى