*ماجد شاهين
( ثقافات )
أنا الآن
أعيد ُ الحكاية إلينا
إلى الصفحة الثامنة والخمسين
من كتاب الصرخة
أو من دفتر التراب
أو من حكاية أوّل ولد ٍ
فرحت به الجارات ،
أو ممّا خبأته الجدّات
عن رغباتهنّ
في أن يثمر الشوق ُ عن ولد ٍ
يملأ الشارع َ لهواً
و حين ينهره عابر ٌ ،
يصيح الولد ُ : يا أبي ْ !
أنا لا أحصي أسمال الفقير
و لا أ ُتلِف ُ قصّة
خبأها الولد في النافذة ،
أنا ابن النافذة
و رفيقها و توأم شمسها
و أنا الولد ْ !
أنا لا أفتح دفتر التاريخ
لكي أشطب سطراً في الرواية
أو لكي أضيف صورة
عن بطولات ٍ لي زائفة
أو لكي أرسم جدارا ً
عند البحر
و أزعم أنه جدار بوحي
في الأيام الفائتة ،
أنا أعيد الآن الحكاية
أستحضر الوجه الذي كنتُه
قبل اندلاع الوقت ِ
و قبل أحوالي الطارئة ،
و قبل رحيل جدّتي
تلك التي كان اسمها
عند أهلها ( كاملةْ ) ،
و لأنّنا نريدها لنا ، كما نشتهي :
جاء أهل ُ جدّي بدفتر الأسماء
و منحوا زوجة ابنهم اسماً جديداً
و قالوا : هذه آمنة ْ !
و آمنة كانت تخبّيء ابن ابنها
ملفوفاً بالقماط
بحجم نصف ِ ذراع ِ اليد ِ ،
كما قالوا ،
آمنة ُ كانت ترفع الولد
و تواريه هناك
في زاوية في الغرفة
فوق شوالات القمح
أو الطحين !
آمنة ُ كانت تقطع المسافات
من دارها هناك
إلى مادبا البلد ،
كانت تجيء لكي تراني
لكي تراقب كيف يكبر الولد !
هل كانت تدري آمنة
أن الذي تراه في القماط خفيفاً
أو تراه قليلا ً ،
سيغدو أنا ، الذي يحرس الأوقات
و يكتب في الدفاتر
عن عائشة و آمنة
و عن المدن الجميلة
و عن الفتى الذي يحبّ الناس ،
هل كانت تدري آمنة
أنّني ، في الصفحة الثامنة والخمسين
سيعلو صوتي حين أناديها
و أهتف في البلاد :
يا آمنة أنا ابن النافذة
رفيق اليمام ،
أنا الولد !
2014