حمْـلٌ واحـد


*سعيدة تاقي

( ثقافات )

حين دسَّت جسدها الضئيل في الجينز الأزرق و القميص البني و جمعت شعرها على شكل ذيل حصان، و انتعلت حذاءها الرياضي الخفيف، لم تكن تتوقّع أن تلقَى جموحَه عند عتبة الباب، ينتظرها باشتعال لا تدري متى سيلوح أمامها دخّانُه.. مرَّت بهدوء، دون أن تتوقّع أنه سيفسح لها مكاناً لكي يسعَهما معا إطار الباب الضيِّق.. و لم تصدق مرة أخرى، أنّها قد أفلتتْ من الميتة التي تستحِقُّها.. لم تصدق أنه قد تركها تعبُر أمامه دون أن يعتقل رقبتها بين يديه، أو يغدق على خصلات شعرها ماء النار الذي يليق بانفلاتِه.
كان عائداً من جامع الحي، ليتْمِم نومه حتى موعد صلاة الظهر. و كانت متوجهة إلى الجامعة، قبل أن تواصل باقي اليوم بالمتجر، حيث تناوِب مساءً على صندوق الأداء بدل صاحبة المحل. طريقان مختلفان تتباعد مسالكهما كل يومٍ أكثر. قلبُ الأم القابعة في الداخل، وحده كان يجمعهما بوجعٍ و حسرة على الحَمْـلِ الذي لم يكن له على الأرض، أن يظلَ واحداً لتوأم غير حقيقي.
______
*شاعرة وكاتبة من المغرب

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *