فوز الروائي سلمان رشدي بجائزة ‘بن- بنتر’ الأدبية البريطانية


*عدنان حسين أحمد

مَنح نادي القلم البريطاني جائزة “بن-بنتر” لعام 2014 للروائي البريطاني، الهندي الأصل، سلمان رشدي (67 عاما) تقديراً لدعمه المتواصل لحرية التعبير ومساعدته السخية لكُتّاب آخرين. وقد سُميت الجائزة باسم الكاتب المسرحي الراحل هارولد بنتر الذي كان مؤيداً قوياً لحقوق الإنسان، ومدافعاً عن القضايا الاجتماعية، وهي ذات المبادئ والمفاهيم التي يؤازرها رشدي ويدافع عنها بشكل مستميت.

يقترن اسم رشدي برواياته المعروفة التي حققت له شهرة واسعة في مختلف أرجاء العالم مثل “أطفال منتصف الليل”، “العار” و“الآيات الشيطانية” التي أثارت جدلاً واسعاً لم تنتهِ تداعياته حتى الوقت الراهن.
قضايا شرقية
الجدير ذكره هو أن “غريموس” هي روايته الأولى التي أصدرها عام 1975 قد مرّت مرور الكرام ولم تحظَ بأي اهتمام نقدي، لكن روايته الثانية “أطفال منتصف الليل” نزلت نزول الصاعقة على المشهد الروائي العالمي حيث أدخلت رشدي إلى تاريخ الأدب العالمي من جهة، وأشّرت لموهبته السردية التي سوف تؤثر لاحقاً، بحسب رأي النقاد البريطانيين، على شكل الأدب الهندي- الأنكليزي ومراحل تطوره الشكلية والمضمونية. فلا غرابة أن تحصل هذه الرواية على جائزة “البُوكَر” مرتين، كما نال رشدي جوائز أخرى مهمة عن رواياته التي جاءت بالمرتبة الأولى ومن بين هذه الجوائز المعروفة جائزة “ويتبريد”.
لا بدّ من الإشارة إلى أن أحداث غالبية رواياته تدور في الهند والباكستان، وهي تجمع في أسلوبها بين الواقعية السحرية والسرد التاريخي لفحص واستكشاف طبيعة العلاقة الشائكة بين الشرق والغرب.
لم تكن “الآيات الشيطانية” أفضل رواياته على الرغم من الشهرة الواسعة التي حصلت عليها هذه الرواية، فالسبب في ذيوعها وانتشارها الواسع يعود إلى ثيمتها الإشكالية التي أثارت حفيظة العالم الإسلامي برمته وقد اتخذت الحكومة البريطانية إجراءات أمنية مشددة بهدف الحفاظ على حياته إثر الفتوى التي أصدرها الزعيم الإيراني آية الله الخميني والتي أباح فيها هدر دمه بحجة إهانته لشخصية الرسول الكريم محمد “ص”.
أما أبرز رواياته وأهمها على الإطلاق فهي “أطفال منتصف الليل” التي عُدّت أنموذجاً للأدب ما بعد الكولونيالي لأنها تتناول مسيرة الهند منذ الاستعمار البريطاني حتى الاستقلال وتقسيم الهند. ونظراً لأهمية هذه الرواية فقد أُضيفت إلى قائمة أعظم الكتب الصادرة في القرن العشرين.
أصالة أدبية
رأست لجنة التحكيم لهذا العام الروائية مورين فريلي وضمّت اللجنة في عضويتها كلاً من مايكل بيلينغتون، أنتونيا فريزر، سيمون جينكينز، كاميلا شامزي.
وقد صرحت فريلي قائلة: “إن هذه الجائزة هي طريقة نادي القلم الأنكليزي في شكر سلمان رشدي ليس فقط لكتبه ولسنواته العديدة التي أمضاها في الدفاع عن حرية التعبير، بل أيضا لأعماله الكريمة التي لا تحصى”. فقد عُرف عن رشدي دفاعه المتواصل عن الكُتاب الذين يتعرضون للمحاكمات أو الذين يُساقون إلى المنافي، أو الذين يُحط من قدرهم بطريقة مجحفة سواء من قبل السلطات القمعية أم من قبل المجتمعات التي لم تتلمس طريقها إلى التطور والازدهار. وقد وُصف رشدي بأنه “الكاتب المنهمك الذي لا ينام”.
علّق رشدي على فوزه بهذه الجائزة قائلاً: “إنه أمر مثير للمشاعر أن أنال هذه الجائزة التي حملت اسم صديقي هارولد بنتر” الذي عُرف بموهبته الأدبية الأصيلة وحبه للعدالة الاجتماعية التي كرّس لها جزءاً كبيراً من وقته وتفكيره. وقد أُسندت هذه الجائزة من قبل إلى كلٍ من توني هاريسون، حنيف قريشي، ديفيد هار، كارول آن دوفي وتوم ستوبارد. وسوف تسلم الجائزة في حفل يقام بالمكتبة البريطانية في لندن يوم التاسع من أكتوبر القادم حيث سيقدم رشدي كلمة بهذه المناسبة.
أُسس نادي القلم البريطاني في لندن عام 1921 وكان هدفه الرئيس “تعزيز التعاون الفكري بين الكُتاب في جميع أنحاء العالم، والدفاع عن حرية الكلمة، والوقوف بحزم في وجه مضايقة الكُتاب، ودرء الأخطار التي يتعرضون إليها والتي تصل في بعض الأحيان إلى السجن والقتل”.
كان نادي القلم يضم في عضويته “شعراء وكُتاب مقالة وروائيين” وهي تمثل الأحرف الأولى من كلمة (PEN) التي تعني (Poets, Essayists, Novelists) لكنه يضمّ الآن كل أنواع كُتاب الأدب إضافة إلى الصحفيين والمؤرخين.
________
*العرب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *