ألبوم الطفل الذي كنته


* جميل عمامي

( ثقافات )

صورة أولى
ذلك البرميل الأحمر الجاثي على عتبة الباب مثل حمالة نهد 
منذ عشرات السنوات وهو يقبع هناك …منسيا وصدئا 
كمّ رقص الطفل الذي كنته على صهوته 
كمّ منع رياحا عاتية من العبث بأدباش الجدة .
ذلك البرميل الأحمر الصدئ كان مسلة أحلامه وذخيرة جدته في وجه الطقس 
رحلت تلك الأيام بلا رجعة …والجدة نامت نومتها .
وظل الباب الخشبي المنخور تدميه الأصوات بلا شفقة 
منّ يفتح رأسي ليزيل حشرجة الذكرى. 
صورة ثانية
سعادة
هل لعبتم ألعابنا حتى تكونوا سعداء مثلنا أشقياء 
في انتظار الأب عائدا من السوق بقفة البلح و الخبز 
في صعود و نزول ترتفع معنا الأرض 
تنخفض معنا السماء.
هل لعبتم ألعابنا أيها القطنيون جدا مثل دودة 
لتكونوا سعداء مثلنا أشقياء و طيبين جدا مثل أرانب في حقول الآخرين 
في انتظار القمر كم كنا سعداء و مهملين .
صورة ثالثة 
INTO THE WILD
تماما كالرقم 142 المكتوب على بخط رمادي 
على حافلة مهملة تآكلت اطاراتها المطاطية السوداء
وتعطل محركها في خلاء قصي في فيلم 
“INTO THE WILD” 
ثمة حكايات كثيرة تحكى 
ثمة أصوات موسيقى عارية 
تسمع في صخب الروح
نحن لا نقلد سوى أنفسنا 
نحن لا نحيا في الأقاصي 
نحن نتجاوب فقط. 

الطفل الذي كنته يصعد الجبل
هو لايسكن المنخفضات 
سأصعد الجبل كي أكلم الله
.في الطريق إلى القمة عثرت على رعاة وفلاسفة و شعراء 
ليس ثمة ما أحدثك به 
تقول الصخرة التي أتخذتها بيتا معلقا في صرة الجبل.
ريح الحادي عشر من تشرين الثاني
Haut du formulaire
على الإسفلت المعبد 
بدهسات العجلات المطاطية 
تصفر ريح الحادي عشر من تشرين الثاني 
تتناثر أوراق الكستناء فوق رؤوس المارة 
المسرعين نحو أيامهم الخاوية 
كنت بينهم بخطى متثائبة 
بمعطفي الأسود أختبئ عن فضولهم .
بــــــــــــــــكاء
الشجرة التي تقف وحيدة على باب المقهى
كانت تسترق السمع إلى أنين الكراسي المتعانقة
خلف الجدران
جدران المقهى الوحيد في القرية
ذلك الجدار المرصع بضحكات الشمس
وحده يعرف كم يعذبني بكاء الأغصان. 
Haut du formulaire
________
* شاعر من تونس 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *