نجوى درديري
أكد الكاتب المصري إبراهيم عبدالمجيد أن ما حدث من تحرش في ميدان التحرير جريمة وحشية ومُدبرة، قامت بها مجموعة من “البلطجية”، هدفها إفساد فرحة المصريين بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الأخيرة، وعبّر عن إكباره للرئيس منوها بزيارته لفتاة التحرير المتحرش بها في المستشفى، قائلا: “أتمنى أن يكون ذلك أسلوب حياة وليس موقفا عابرا”.
عقب عبدالمجيد في حواره مع “العرب” معبرا عن سروره بتكريم الضابط الذي أنقذ الفتاة من قبضة “البلطجية”، واستنكر السخرية التي انتشرت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هذا التكريم، وأضاف أنه إذا كان الضابط قد قام بواجبه تجاه الفتاة فإنه يستحق ذلك التكريم، ولا نستطيع وصف ذلك بـ”التطبيل” أو التمجيد للداخلية، مشيرا إلى أن السبب في شعور البعض بذلك تجاه وزارة الداخلية هو أن هناك حالة من التوتر مسبقة معها، وزاد من ذلك قانون التظاهر الذي صدر مؤخرا، ففيه من تقييد للحريات ما يعيدنا مرة أخرى إلى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وأكّد عبدالمجيد وجود مادة في قانون التظاهر تطالب المتظاهرين بذكر الشعارات التي سينادون بها خلال المظاهرة في طلب مسبق للداخلية. وقد جعل هذا القانون من وزارة الداخلية مرة أخرى المدافع عن سياسات الدولة، وليس قيامها بدورها المنوط بها في الحماية والتأمين.
دولة الشباب
يقول الكاتب عبدالمجيد: “إن الشيء المطمئن الآن في البلاد هو الهدوء السائد في مجريات الأمور بالشارع المصري، منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم، مشيرا أيضا إلى أن الحكم النهائي على “السيسي”، بالنجاح أو الفشل، لن يكون قبل مرور عام على توليه المنصب، لأن البلد تمر بتحولات كبيرة، ولا بدّ أن تتضح الصورة بشكل كامل”.
ويضيف قوله: “هناك عدة قرارات أصدرها رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب تدعو إلى الدهشة، وتؤكد أن مصر لم تعرف هويتها بعد، منها مثلا تحصين عقود الدولة مع المستثمرين، فهذا يدل على كون مصر لا تزال دولة فاشية ولم تقترب بعد من فكرة الدولة الرأسمالية، وقال إن الحكومة الجديدة التي شكلها “محلب” أخيرا تعيد تكرار بعض أخطاء الحكومات السابقة”.
“في البداية لم يكن المصريون مهتمين وكانوا غير مدركين لخطورة توغل جماعة الإخوان المسلمين في المجتمع”
ويؤكد عبدالمجيد أن الرئيس السيسي تحدث في خطابه الأخير بشكل جيد للغاية عن ثورة يناير، وكذلك المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق، وأردف قوله: “ولكن أتمنى ألا تكون مجرد أقوال بل أفعال”، وأشار إلى أنه حزن بشدة بسبب الحكم الصادر على الناشط السياسي علاء عبدالفتاح بحبسه ومعه آخرون بـ15 سنة سجنا في القضية المعروفة إعلاميا بـ”مجلس الشورى”، واصفا الحكم بـ”القاسي”، وأكد أنه يتمنى أن يكون لهؤلاء الشباب دور في الحياة خلال المرحلة المقبلة”.
وعن مصير حمدين صباحي بعد إعلانه عدم ترشحه في الانتخابات البرلمانية، يقول إبراهيم عبدالمجيد: “لا بدّ أن يكون له دور في الفترة المقبلة، فهو مناضل بطبعه، وسيعمل في إطار القانون والديمقراطية المتاحين أمامه، ولولا أن عددا كبيرا من الناخبين قاطعوا الانتخابات لكانت النتيجة قد اختلفت نسبيا”، مشيرا إلى أنه كان يتوقع لصباحي، نتيجة مختلفة تماما عما حصل عليها، لا تقل عن 35 بالمئة من الأصوات.
ويبرر عبدالمجيد النتيجة البائسة لحمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية بأن هناك حسابات أخرى منها أن “الناس العادية عايزة ترتاح فاختارت السيسي”.
وحش السلفية
وعن مستقبل الثقافة في مصر، يقول عبدالمجيد: “كل نظام حاكم يسيرها على هواه”، ويستطرد قائلا: “كنت قد اقترحت من قبل أن تتحول مقرات الحزب الوطني إلى قصور ثقافة بالمحافظات والأقاليم، وأن تُفتح أبوابها أمام الفرق الشبابية ليعرضوا بها إبداعاتهم بتأجيرها بأجر رمزي، أو دون أجر نهائيا”. ويوضح عبدالمجيد أنه “من الناحية القانونية لا توجد رقابة على الكتب، كذلك على المسرح والسينما، وذلك منذ عهد السادات، ورغم ذلك تم رفع قضايا ضد مؤلفين كثيرين في عهد مبارك ومرسي أيضا”.
ويشدد عبدالمجيد على أن “إلغاء وزارة الثقافة وتأجير مقراتها لرجال أعمال وتحويلها إلى مقرات لعرض أعمال الشباب، سوف يساهم بشكل كبير في إنعاش الحياة الإبداعية في مصر، وعلى الدولة أن تشرف فقط على دار الأوبرا، ودار الكتب والوثائق وكذلك جوائز الدولة”.
يقول الأديب المصري: “عندما فكرت في كتابة ثلاثية “طيور العنبر”، و”لا أحد ينام في الإسكندرية”، وأخيرا رواية “إسكندرية في غيمة”، وجميعها تؤرخ للأحداث التي مرت على مدينة الإسكندرية، تلك المدينة التاريخية والتي تمثل بوابة لمصر من جهة البحر الأبيض المتوسط، كنت أريد أن أقفز بعيدا عن التناول النمطي للتاريخ، فكنت لا أريده أصم، فالناس لا تتقبله، فاخترت حدثا اجتماعيا ومن خلاله كانت الأحداث التاريخية”.
ويتابع عبدالمجيد قائلا: “مرت تلك المدينة المليئة بالتنوع في الأديان واللغات، وجميع الأجناس والأطياف، بمرحلتين من الضياع، الأولى عقب حرب السويس عام 1956، حيث خرج منها الأجانب، وبقي فيها المصريون، لكن بقيت فيها الروح الحلوة من النظافة والجمال، والضياع، الثانية كانت بعد حرب أكتوبر عام 1973، عندما واجهت هذه المدينة وحش التيارات السلفية الذي نال منها، وبدأت الدعوة إلى حجاب المرأة، والتكفير والتحريم بدون مبرر، ثم تجنيد الأجهزة الأمنية للطلبة التابعين لجماعة الإخوان المسلمين قصد القضاء على الطلبة اليساريين، وتلك هي أحداث الرواية الثانية “لا أحد ينام في الإسكندرية”.
ويستطرد عبدالمجيد قائلا: “من هنا كانت بدايات الأحداث في الرواية الثالثة “إسكندرية في غيمة”، وفي البداية لم يكن المصريون مهتمين وكانوا غير مدركين لخطورة توغل جماعة الأخوان المسلمين في المجتمع المصري، باسم الدين”، مشيرا إلى أن اختياره لاسم هذه الرواية، كان دالا على أنه يرى أن الأخوان في مدينة الإسكندرية ما هم إلا غيمة وستزول، وقد كان.