*رضاب فيصل
أصبح من الصعب اليوم تجاهل ذلك المد الروائي الذي طال ساحات الثقافة في مجتمعاتنا العربية، ليس فقط على صعيد النتاجات الأدبية أو على صعيد المؤلفين الجدد من الشباب أو حتى من الجيل القديم، إنما على صعيد القراء الذين باتوا يتطلعون بالدرجة الأولى إلى قراءة الرواية. وربما أكثر ما يلفت النظر أن المرأة العربية، تشكّل النسبة العظمى بينهم.
ويبقى السؤال: لماذا تتوجّه المرأة العربية الشابة تحديداً، نحو قراءة الرواية؟
وفي حين أننا لا نستطيع أن نرصد الإجابة الحقيقية، نظراً لكثرة الحالات وتعددها وتنوّعها، نذهب إلى تقصي بعض الملامح الخاصة بالحالة العامة. فنظرة خاطفة لمجتمعاتنا، تستطيع أن توحي لنا بأن نساءنا يلجأن ربما إلى الحلم والكثير من الخيال، للهروب من واقع يسيء إلى وجودهن، الشيء الذي تحققه الرواية بعوالمها الساحرة وبأحداثها المشوقة وبشخصياتها الحالمة والملهمة.
كذلك تلعب حياة الرجل التي يقضيها غالباً بالعمل وبالتواصل مع الآخرين على أرض الواقع، دورها في ابتعاده عن القراءة بشكل عام، وبالتحديد عن الرواية كونها تحتاج إلى قراءة مطولة ومتواصلة. بينما تجد النساء الوقت في معظم الأحيان للقراءة والمواصلة والمتابعة. ونحن نقصد أكثر، الشابات منهن اللواتي لم ينغمسن بعد في أعباء الزوج والمنزل والأولاد فضلاً عن الحياة العملية.
بدوره يقول الناشر والأديب حسن ياغي مدير دار التنوير للنشر، إن الرواية لا تزال تحتل مكانة كبيرة هذه السنة، على الرغم من أن النسبة أخذت بالتراجع نوعاً ما بسبب تراجع القراءة بشكل عام، إلا أنها ظلت في المرتبة الأولى، ويؤكد أن الفتيات دائماً أكثر اهتماماً بالرواية وبالقراءة وبالعلم، حيث أن الجامعات في مجتمعاتنا، ذات غالبية نسائية واضحة.
كما يشير هيثم رباح من دار المأمون للنشر والتوزيع، إلى أنّ المرأة الشابة تشكل حوالي 95 % من نسبة القارئين للرواية، بينما تشكل بقية الشرائح والفئات الاجتماعية نسبة 5% فقط. مبيناً وجود اهتمام جديد بالكاتب المحلي مثل وائل الأمير خالد والدكتور عماد زكي. ويقول: “عند مشاركتنا في معارض الكتب بدول الخليج، فإن كل رواياتنا المعروضة في الجناح الخاص بنا، يمكن أن تنفق إذا ما نظمت إدارة المعرض زيارات متتالية لمدارس البنات”.
ومن مكتبة الجامعة في أبوظبي، يوضح سعيد راشد مدى تعلّق المرأة العربية المعاصرة بالرواية، ففي معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، باعت المكتبة أعداداً ضخمة من الروايات الموجودة لديها، خاصة رواية “فرانكشتاين في بغداد” للكاتب العراقي أحمد السعداوي والتي فازت مؤخراً بالجائزة العالمية للفنون العربية. وراوية “ح و ج ن” للكاتب إبراهيم عباس، وكل روايات الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي.
ويرى البعض من العاملين في حقل الرواية الأدبية من ناشرين وموزعين، أن المرأة الخليجية من الأكثر استهلاكاً للرواية بين قريناتها العربيات من دول أخرى، حيث يؤكد علي بحسون من دار الفارابي للنشر، ومن خلال مشاركته بمعارض الكتب في البلدان العربية والخليجية، أنّ نسبة عالية جداً من قراء الروايات، هنّ من الفتيات الخليجيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين الـ 15 والـ 25 عاماً، مشيراً إلى أنهن يقرأن لأسماء عديدة محلية وعربية وعالمية، من بينها أثير عبدالله، فاطمة فهد، ليلى المطوع وأمين معلوف.
وكقارئة مطلعة ومهتمة، تقول لنا شيخة عبدالله من جامعة خليفة في الإمارات، أنها وإلى جانب اهتمامها بقراءة كتب الصحة والكتب العلمية، تتجه نحو الرواية لتقرأها، وفي الحقيقة هي لا تبحث عن أسماء أو عناوين محددة، كل رواية تجدها مثيرةً للانتباه تقوم بشرائها وتقرأها وتنصح صديقاتها بها.
أيضاً تقول الطالبة الجامعية هدى يوسف، إن الوقت يساعدها على القراءة، إذ تستطيع التوفيق دائماً بين الدراسة والثقافة العامة، وأنها تتجه قبل أي شيء لتناول بعض الروايات العربية والأجنبية، حيث تختار أسماء وعناوين ضجّت بها وسائل الإعلام أو سمعت عنها من بعض الصديقات أو عبر وسائل أخرى.
الشيء الذي تؤكده الشابة رانيا عبود المشتغلة في قطاع الإعلام الإلكتروني، والتي تخبرنا عن كون الرواية أولى اهتماماتها إذا ما قررت القراءة والمطالعة. حتى أنها تهيئ نفسها قبل فترة لتستطيع الدخول بعوالمها المتنوعة، مؤكدةً: “بالنسبة لي الرواية أمتع وأكثر تشويقاً من السينما، فأنا من أرسم الصورة في مخيلتي عند قراءتها ولا أنتظر المخرج أو الممثل ليرسمها لي”.
______
*ميدل إيست أونلاين