*يوسف أبو شعيب
( ثقافات )
بَعد أن شمّعت قلبها باللون الأحمر و لفّته بذلك الشَريط التَحذيري حتى بدا وكأنه أول هَدية تُقدمها للمجهول بعد غَرق مَحاصيل فَرحها في آخر فيضان للدموع أخذت تُقارن بين تلك البصمات التي جمعتها من مكان الحادث بأخرى تَذكرُ أنها كانت عالقة على جدران قلبها الموشومة بلمساته .
كان الأمر أشبه بجريمة قتل …لكنّ جنس الصورة المرسومة على أرض الواقع غير مَعروف وتلك الدلائل التي لا تنفك تضع سبابتها في عين الحقيقة كان تُشير إلى اعتبار أن جرعة زائدة من الحزن تسببت بالوفاة .
لقد أصبح المكان قديماً عَكس ذكرياتها التي كانت تتوالد في رأسها كل لحظة…فصرخات ولادة الموت صمت أذني المكان مثلها مثل الفراغ الذي بدأ يَعم روحها التي أعلنت ببالغ الحُزن والأسى حالة الفوضى والكَساد .
وهاهي تُجبر نفسها على إعادة تلك المشاهد التي لطالما بثتها لحظات انتظاره حصرياً على موجات قلبها ومُباشرة وعلى الهواء …أجل لقد كانت تتعمد ترديد نوتات الضجر التي ألفتها في تلك أماكن أصيبت مثلها بحمى انتظاره…
كم كرهت نفسها تأكدت بأنها أصبحت مثل المعجونة في يَدي حيرة أخذت على عاتقها أمر تُشكلها كما تشاء …فالأخرى كانت صديقتها التي كانت تقرؤها مثل كتاب مَفتوح دون أن تعلم هي أنها كانت تبحث عن حروفه اسمه في كتاب أصيبت فهارسه بالهذيان.
لم تسأل الأشياء عن اسم الميت لأنها قرأته عنواناً رئيساً في أول صفحات الغياب لهذا كانت تكتفي بتفتيت حُزنها لطيف عصفور نجا من آخر إعصار ضرب القَفص ، أجل تكتفي بالعيش وحيدة على هامش أغنية أحبتها لأنها مثلها وحيدة.
ومع أن حال الرزنامة التي لم تعد تنفل أو تُفلي أوراقها بحثاً عن تواريخ أيام إجازته ، أو إنشاد ما كانت تحفظه عن ظهر قلبها من حِكم و أناشيد كان يزعجها لكنّ ما أزعجها أكثر بقايا ذلك الماضي التي أخذت تفوح منها رائحة الفُضول والعبث فقلبه الذي أصبح آخر مكان يمكنها أن تعود إليه فقد أصبح مُغلقاً على جثة امرأة أخرى كانت تنازعها على العيش فيه.
______
*كاتب من فلسطين