مريم حيدري *
تحتل المرأة اليوم مكانة لا يستهان بها في الشعر الفارسي المعاصر؛ مؤلفة أو مؤلّف عنها، بينما لم تختلف مكانتها في الشعر الفارسي القديم عما كانت عليه في التراث الشعري العربي، أو التراث العالمي كله. فالشعر الفارسي منذ أولى نصوصه كان شعرا فحوليا.
ولم يقتصر احتقار المرأة في الشعر الفارسي القديم على شعراء من طراز ثان أو آخرين غير معروفين، بل شمل الأمر كبار شعراء فارس من الفردوسي حتى النظامي الكنجوي وسنائي وسعدي الشيرازي وجلال الدين الرومي. فها هو الفردوسي يعتبر أن الالتفاف بالكفن أفضل من الرضوخ لأمر المرأة، ونظامي الكنجوي الذي يصفها بمصدر الكيد والمكر، ويذكر أنكم لن تجدوا الوفاء في ثلاثة: “الحصان، والسيف، والمرأة”، بينما يوصي سعدي الشيرازي بأنه عليك أن تغير المرأة في كل ربيع!
وإن حدث وتجاسرت واحدة أمام هؤلاء الفحول الماسكين بعنان اللغة وكتبت الشعر، فإنها لن تنجُو من رماح ازدراء الكتّاب ومدوّني التراجم الذين راحوا يصفون الشاعرات بألقاب تتعلق بالجواري والراقصات اللائي لا يصلحن إلّا لاكتمال متعتهم، كالمليحة والظريفة وحتى الساقطة. ولم تستثن شاعرة في هذا الأمر من رابعة بنت كعب التي عبّرت عن حبها وحالاتها الصوفية في نصوصها إلى المرأة الشاعرة في عهد القاجار وبعده. ولم تستطع المرأة الكاتبة أن تحرر نفسها من تلك الأغلال إلا في القرن العشرين، فهناك الشاعرة “بروين إعتصامي” (1907-1941) التي كتبت الشعر وأصدرت الدواوين غير أنها لم تتجاوز القوالب واللغة الذكورية، وكأن واحدا من آبائها الشعراء يكتب، وليست هي.
ومن جهة أخرى نجد أنّه ثمة استهانات بالمرأة في قصائد شعراء ظهروا في بدايات القرن المنصرم، أي عندما بدأت الحداثة تدخل إلى إيران، وعلت الأصوات المطالبة بحقوق المرأة وحقّها في التصويت.
هذا ويمكن اعتبار أنّ الشاعرة فروغ فرّخ زاد (1934-1966)، هي الأولى التي عبّرت في شعرها عن هوية مستقلة للمرأة الشاعرة رغم أنها كانت مضطرة لتذكر الجميع بين تارة وآخرى بأنها “امرأة”، حيث تقول: “وهذه أنا/ امرأة وحيدة على عتبات فصل بارد”.
كتبت فروغ شعرها الجريء الحافل بالمشاعر الإنسانية والنظرة المتأملة لتكون رائدة لشاعرات ظهرن بعدها ليتحدثن اليوم باسم الشاعرة الإيرانية الحديثة بهمومها، ومنظارها الخاص. رغم أنّ هذه الشاعرة لا تزال مضطرة في بعض الأحيان لكي تصرخ في النص وتُذكّر بأنها “امرأة”.
*كاتبة من إيران
|( العرب )