فنانون يحتجون على تدمير نصب فني في عمان




( ثقافات ) خاص 

أثار تصرف أمانة عمّان الكبرى بإزالة نصب ” الإنسان والتاريخ” الذي كان يزيّن الدوار السابع في العاصمة الأردنية استياء الكثير من المواطنين، فيما سادت الأجواء الجنائزية أوساط الفنانين والمثقفين وتناقلت صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي صور التمثال “المغدور” في تلويحةِ وداع أخيرة لـ”الذائقة الجماليّة”. 
و بدأت الأمانة، الجمعة، أعمال إزالة الدوار السابع لاستبداله بإشارة ضوئية كما أعلنت على لسان مدير دائرة عمليات المرور المهندس خالد حدادين، الخميس، بقوله إن: “الأمانة ستعمل على إزالة الدوار واستبداله بإشارة ضوئية تعمل بطورين؛ لتخفيف الازدحام المروري في منطقة الدوار وتسهيل حركة المواطنين، ولمنع قطع الدوار المباشر إلا من خلال الأنفاق”. 
مستدركا: “ستزيّن منطقة التقاطع من جهة المطار بأعمال معمارية تضفي جمالا على مدخل عمّان، وتبرز روح المدينة العريقة”. 
المثير في الأمر أن الأمانة كانت تستطيع نقل النصب إلى مكان آخر، أو الاحتفاظ به سليما أو حتى التبرّع به، لكنها اختارت تحطيمه دون أدنى التفات للقيمة الفنيّة والجماليّة والثقافيّة التي يمثلّها، وأكدت بتصرفها هذا على أن الثقافة والفنون على آخر سلّم أولوياتها. 
وكان نصب “الإنسان والتاريخ” للنحّات السوري ربيع الأخرس زيّن الدوار السابع في 2001 احتفالا بـ”عمّان عاصمة للثقافة”، بارتفاع ( 5.11 ) أمتار وعرض(6) أمتار، كما احتوى على أكثر من تقنية مثل الإسمنت (والاكريليك الزجاجي) جامعا الكثافة والقوة عبر التكوينات الإسمنتية والشفافية عبر الأكريليك الزجاجي. 
وفكرة العمل تقوم على: ” بحث الإنسان عن الديمومة، وتمثل علاقة الإنسان بكتاب التاريخ الذي يمثل أثر الانسان بعد الممات، فلم أعط الإنسان الموجود في المجسم أية هوية؛ فهو إنسان وحسب”؛ وفق الأخرس في تصريح سابق. 
ويضيف: “هذه العلاقة بين الإنسان والكتاب لدرجة احتضان الكتاب لهؤلاء الأشخاص، كما أدخلت مادة أخرى على العمل لتضيف معنى، وهي الصفحات الشفافة من مادة الأكريليك”. 

الأخرس: أمين عمّان يعتذر 
وكشف النحّات ربيع الأخرس –في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”- عن مكالمة هاتفية جرت بينه وبين أمين عمّان عقل بلتاجي وضّح تفاصيلها بقوله: “أمين عمان بعد اتصال هاتفي بيني وبينه اليوم ،اعتذر منّي على إزالة مجسم (الإنسان والتاريخ ) وطالبني بعمل جديد لي تعويضاً، ظناً منه أنني أدافع عن عمل لربيع الأخرس”. 
وتوالت منشوراته الغاضبة التي استنكر فيها تصرف الأمانة قائلا: “عربياً؛ ليس غريباً أن يُقتَل كل ما يمس الروح الإنسانية. في عمان قتلوا ( الإنسان والتاريخ) في الدوار السابع، ولن أستغرب أن يُقتل في أي مكان من المحيط للخليج”. 
وأضاف: ” لو كان الدوار السابع في باريس مثلا ومجسم( الإنسان والتاريخ ) عليه، هل كانت تتجرأ أي جهة جكومية على إزالته دون حساب ؟، حتى وإن كانت هي الجهة التي وضعته، بعد 14 عاما من وجوده لم تعد الجهة هي التي تملك قراره ولم يعد الفنان هو المالك؛ المالك الحقيقي هو الإنسان والتاريخ”. 
مشيرا إلى: “للعلم والتاريخ والمستقبل: نفذت مجسم( الإنسان والتاريخ في الدوار السابع في عمّان) قابلاً للنقل ويمكن حمله من مكانه؛ تحسبا لمقتضيات تطور مدينة عمان، وحتى لو كانت عودة إلى الخلف لوضع إشارة مرور”. 
ردود أفعال 
ونشرت الفنّانة التشكيلية نعمت الناصر صورا للنصب في صفحتها الشخصية على “فيس بوك”، وأضافت في تعليق: ” العزاء النا يا ربيع بتحطيم عملك اليوم انتهينا كفنانين وحركة فنية في الأردن، اللي صار اشي مخجل ومعيب وسابقة سيئة لقيمتنا وقيمة الفنون في المجتمع الأردني ، عنجد احنا آسفين انه نحنا هيك”.
وقالت قمر دروبي: ” يقتلون كل شيء جميل. الرؤى الظلامية تنتصر للأسف في زمن بحث الإنسان عن الحرية والتعلم وإثبات كينونته الإنسانية”، فيما علّق محمد وسيم: “لا غرابة إزالة أعمال المبدعين وتغيير ملامح جمالهم وقيمته الفنية عند من لا يتنفس إلا الدينار ولا يفقه إلا لغة المصالح والإملاءات”. 
كما نشر فيصل العظم صورة للنصب في صفحته معلقا: ” في عالمنا لا قيمة للإنسان فكيف سيكون هناك قيمة للتاريخ والفن والثقافة؟. أنا حزين لإزالة عمل “الإنسان والتاريخ” للمعلم والصديق السوري الحر ربيع الأخرس. سلبونا الإنسانية وشوهوا التاريخ واليوم يحرقون الثقافة هذا من إنجازات العالم العربي “.
فيما لفتت سحر كمهاوي إلى: “كان الأفضل مخاطبة الفنان قبل إزالته كنوع من احترام العمل الفني مهما كان هذا العمل، لأن الأعمال الفنية لا تقدر بثمن؛ فهي نتاج خبرات وعمل وجهد وليس حجارة أو قماش (كنفاس ) أو قطعة زنك أو نحاس “. 

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *