“المرأة الخفيّة” جانب ُمغفَل من حياة تشارلز ديكنز


*عادل العامل


كان سيُتعب المرء نفسه لو جادل بأن المخرج رالف فيَينس خائف من عمالقة الأدب الإنكليزي الكبار. فأول فيلم له كمخرج، و هو ( كوريولينَس ) الكثير الصراخ بشكل مؤثر، كان يتناول إحدى مسرحيات شكسبير التي يُستخف بأهميتها مقارنةً بأعماله الأخرى. و الآن يرتبط فيينس بحادثٍ أُغفَل لوقتٍ طويل من حياة الروائي الإنكليزي تشارلس ديكنز، كما تقول تارا برادي في عرضها هذا.
ذلك أن فيلم ( المرأة الخفية The Invisible Woman )، المستمدة قصته من كتاب كلير تومالين، ينصب على علاقة الروائي الغرامية مع ممثلة متوسطة المرتبة، بيلي تيمان. و إذا كان الفيلم و السيرة الشخصية جديرين بالثقة، فإن العلاقة قد أدت إلى انهيار زواج ديكنز المزعزَع آنذاك و أثّرت في الخاتمة المريرة لروايته ( توقعات عظيمة Great Expectations ).
و نبدأ بلقطة كاسحة رائعة للشاطئ في مارغيت. فديكنز ( الذي يقوم بدوره فيّينس ) ميِّت ونيلي ( التي تقوم بدورها فيليسيتي جونز ) ــ الأصغر من الروائي بأكثر من 25 سنة ــ قد تزوجت جورج وورتون روبنسون. و مزاملتها ديكنز معروفة، لكن الصديقات و الأصدقاء و الأسرة غير عارفين بعلاقتها الجنسية معه. و تعود بتفكيرها إلى لقاء جرى في تمرين تمثيلي، بداية العلاقة الغرامية، و تأثيره على حياة ديكنز البيتية، و حادثة تصادم قطارات مشهورة، مصورة في تسلسل حرَكي غير متوقع. 
و ينبغي لأولئك الذين لديهم تخوف من ” سينما التراث الأدبي ” أن يكونوا عارفين أن ( المرأة الخفية ) فيلم جميل و من دون رتوش بالطريقة التي نتوقع أن تكون عليها درامات الفترة الفكتورية. فالعمل الذي تقوم به كاميرا روب هاردي يصل إلى كل الزوايا المعتمة. و تومئ سلسلة متتابعة من اللقطات الرائعة نحو اللوحة المزدحمة للرسام الإنكليزي وليام باول فريث، 1819ــ 1909، و عنوانها ” يوم ديربي ” ( التي ظلت طويلاً غلاف طبعة دار بنجوين من ” دوريت الصغيرة ” ) . و قد أمّنت الأزياء للفيلم الترشيح لجائزة الأوسكار. 
لكن هنالك مادة أيضاً هنا. و يحيط أداء فيَينس المتعدد الطبقات برجولية المؤلف و مقدرته و هو ينقل عدم الاستقرار الذي نتج عن تربيته الرثة. و يمكن القول إن نص آبي مورغان للفيلم غني و ناضج سياسياً في معالجته للشخصيات الأنثوية : إذ تظهر الممثلة جونز المؤثرة بشكل متزايد مشلولةً بعجز نيلي ( صديقة ديكنز ) عن قول الحقيقة الكاملة عن علاقتها، بينما تخلق جوانا سكانلون شيئاً تراجيدياً من زوجة ديكنز القلقة. و أخيراً، فإن محبي الروائي الإنكليزي سوف يحبون الفيلم، الذي يستغرق عرضه 111 دقيقة . أما معظم ما سيجده غيرهم فيه، فيجعلهم يقضون الوقت بصورة مقبولة جداً.
____________
 عن: the irish times

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *