حل كبير المتصوفين في العالم الإسلامي، جلال الدين الرومي، المعروف بـ”مولانا” ضيفا في وسط العاصمة اللبنانية بيروت، من خلال معرض للرسام اللبناني جورج مطر حمل عنوان “محيط الرحمة”.
وقال مطر ان المعرض الذي افتتح، مساء الخميس، في وسط بيروت وضم أكثر من 20 لوحة فنية وبعض المنحوتات للـ “الدراويش”، كان نتاج تلبية دعوة الرومي له لإتباع منهجه وطريقه.
وأوضح أن المسار الروحاني والصوفي الذي يعيشه جعله يترجم ما يشعر به من سمو روحي ضمن “محيط الرحمة” وهذه اللوحات.
وعن سبب اختيار منهج الفقيه جلال الدين الرومي ليترجمها في هذا المعرض، قال “أنا لم اختر الرومي بل هو الذي اختارني، فهو موجود بشكل دائما والواجب علينا أن نفتح أعيننا وآذاننا ونكون يقظين لالتقاط إشاراته”.
وأوضح مطر أنه زار مدينة قونيا في تركيا حيث مقام الرومي عام 2009 لأكثر من 15 يوما “عشت فيها تجربة روحية مميزة، وما زلت الى اليوم أنمي هذه البزرة الصوفية في قلبي”.
وأشار الى أنه اعتمد على أقوال للرومي وترجمها في لوحاته إضافة لبعض آيات الإنجيل فـ “كوني مسيحي أملك تاريخا مسيحيا مازال موجدا فيّ”.
ولفت الى ان أكثر لوحة استطاع أن يعبر فيها عن منهج التصوف الرومي هي اللوحة الأولى التي رسمها لهذا المعرض وحملت اسم “لوحة محيط الرحمة”، موضحا أنها تضمنت “الدراويش” الذين يعبرون عن كل إنسان، وهم “يدورون بحركة لا اتجاه لها ولا زمن… بل بالحاضر الإلهي”.
والدراويش الدوَّارون بثيابهم الخاصة، معروفون برقصهم “الكوني” الذي هو من أشهر فنون الطريقة المولوية، وهو طقس له رمزيته، فالملابس البيضاء التي يرتديها الراقصون ترمز إلى الكفن، والمعاطف السود ترمز إلى القبر، وقلنسوة اللباد ترمز إلى شاهدة القبر، والبساط الأحمر يرمز إلى لون الشمس الغاربة.
من جانبه، قال جنكيز ارأوغلو، مدير المركز الثقافي التركي في لبنان “يونس امره”، الذي حضر افتتاح المعرض، أن فلسفة الرومي هي فلسفة عالمية “قادرة على استيعاب كل الأديان والقوميات”.
وأشاد ارأوغلو بالفنان مطر الذي استطاع أن يعكس منهج الرومي على لوحاته “بشكل فظيع جدا ومميز”، قائلا أن يأتي هذا الانعكاس من فنان لبناني مسيحي، هو “الدليل على ثقافة المسامحة الموجودة في الدين الإسلامي وخاصة في منهج الرومي”.
وقالت الزائرة لمى مطر أن اختيار مطر لجلال الدين الرومي كموضوع لمعرضه، “يعيدنا الى التفكير العميق بحياتنا في ظل الواقع الذي نعيشه اليوم”.
وولد الرومي في مدينة بلخ بخراسان، في 30 أيلول/سبتمبر 1207، ولقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم، واستقر في قونيا حتى وفاته في 17 كانون الأول/ديسمبر 1273، بعد أن تنقل طالبا للعلم في عدد من المدن، أهمها دمشق.
وكان الرومي مثالا عظيما للتسامح، متّبعا تعاليم الدين، وكان يحيطه أشخاص من الديانات والملل الأخرى، وضرب مثالا للتسامح معهم، وتقبلا لآرائهم وأفكارهم، وكان كل من يتبع مذهبه، يرى أن كل الديانات خير، وكلها حقيقية.
ويمكن تلخيص فلسفة الرومي بأن الشرع مثل قنديل يضيء الطريق، فإذا كنت لا تحمل القنديل، لا تستطيع أن تمشي، وعندما تتقدم في الطريق، تكون رحلتك هي الطريقة، وعندما تكون قد وصلت إلى الهدف، تكون قد بلغت الحقيق.
_______
*ميدل إيست أونلاين