أيفي وايلد.. و “كل الطيور تغرِّد”


*ترجمة: عادل العامل

” عندما أنتهي من تأليف كتاب، لا تكون لدي فكرة بالتحديد عن أي شيء هو حتى أتحدث إلى الناس، و أُجري مقابلات عنه. و ببطءٍ، أبدأ بإدراك ما يقوله حين يخبرني الناس بما جنوه من كتابي. فالرواية شيء جسيم جداً و أنت تكتبها. “

لقد التقيت أيفي وايلد أول مرة حين كانت في منتصف كتابتها ذلك الكتاب ” الجسيم “، ( كل الطيور تغرد All the Birds Singing )، حيث كانت تحاول أن توضح معنى العالم الذي تقوم بخلقه. و الكتاب المنجَز تبَعٌ لرواية ظهورها الأول على صعيد الكتابة ( بعد النار، هناك صوت صغير ساكن ) الحائزة على ثناء كبير. و قد رسخ ذلك الكتاب مكانتها ككاتبة ذات موهبة استثنائية، و نالت عليه جوائز عديدة، و ساهم في أن تجد نفسها على قائمة غرانت لأفضل الروائيين البريطانيين الشباب في أوائل العام الماضي. و قد ركزت القصة على أجيال مختلفة تغيرت حيواتها بفعل الحربين الكورية و الفيتنامية. و كان كل ما فيها ذكورياً بشكل مميز ــ الآباء و الأبناء، الحياة العسكرية، و قصص رجلين. أما روايتها هذه، ( كل الطيور تغرد )، فتمضي في الاتجاه المعاكس، إذ تدور حول جيك، و هي امرأة تهجر الحياة في منطقة حدودية لجزّ الصوف في أستراليا و تعيش حياة عزلة في جزيرة ” Isle of Wight. “. فالقصة هنا تحوّل من الثنائية إلى الحياة الفردية، من الذكوري إلى الأنثوي، و من ضمير الشخص الثالث إلى الأول، و هكذا تبدو و كأنها خطوة منسّقة بعيداً عن روايتها الأولى. ” لقد كنت أخشى أن أؤلّف الكتاب نفسه، و لهذا كنت عارفة بأني أحاول القيام بشيء ما مختلف هنا. و هناك شيء من السيرة الذاتية في كل شيء، و هكذا فإن الناس غالباً ما يكوّنون افتراضات حين تكتبين بضمير الشخص الأول كامرأة. “
و نحن نقابل جيك، و المطر و روث الغنم حولها، خلال عاصفة في حقلها النائي. و هناك شيء ما يتربص في الغابة و يُترك القارئ يتساءل عما إذا كان مخلوقٌ ما يقتل خرافها، أم أن شيئاً ما من ماضيها يطاردها.
” لقد أردتُ أن أرسم شخصيةً لا تمثّل إلى حد كبير رجلاً أو امرأة ــ شخصاً ما غير مسحوب هنا و هناك بفعل النشاط الجنسي، فجيك مستقلة و تعيش وفقاً لهواها، و لهذا يفكر المحليون بأنها ساحرة أو سحاقية. فالشخصيات الأنثوية تُصنَّف واحداً من اثنين : نحيفة بشكل خطير، أو امرأة ذات قوام جميل، و هكذا أردتُ لجيك ألا تكون حسناء و لا حدباء : إنسانة لا أكثر. “
إن إعداد كتاب على جانبين متضادين من العالم يجعل الأمر مفهوماً بسبب الخلفية التي تتصف بها الكاتبة. إذ أن وايلد نشأت في بيكنهام مع أبٍ إنكليزي و أم أسترالية. و في طفولتها، كانت الأسرة تعود بانتظام إلى حقل قصب السكر الخاص بجدّيها، و قد تسلل الكثير من تجاربها وذكرياتها هناك إلى نتاجها الأدبي : من الخال الذي قاتل في فيتنام إلى امتداد المنطقة النائية القاحلة.
” و كان جدّي يحتفظ بكنغر أليف و يركب جرّاراً و هو بملابسه الداخلية. و كان هناك شعور بكونهم مكتفين ذاتياً تماماً ــ الصيد و زراعة الغذاء الخاص بهم ــ و كان ذلك أمراً غريباً عليّ. و كنت أحنّ كثيراً إلى أستراليا و أنا صبية لكنني في أي مرة حاولت أن أعيش هناك، كنت أفتقد إنكلترا، و أنا أعتقد بأن الكتّاب غالباً ما يكتبون عن الأماكن التي لا يكونون فيها.”
 عن: the irish times

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *