حوار مع الكاتبة الإشكالية أناييس نن



*ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي
في سلسلة الحوارات التي أترجمها مع أهم أدباء العالم في القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين ،نتعرف إلى آليات الفعل الإبداعي لدى النساء والرجال ونجد في اختلاف الرؤى والمواقف والأساليب ما يثـري نظرتنا ومعرفتنا عنهم وعن الفوارق بين توجهات مبدعي الشرق والغرب وتباين مواقفهم مما هو ذاتي واجتماعي ،فنتلمس طغيان الفردانية والذاتية المفرطة لدى الغربيين – بينما يحتكم الشرقيون إلى تبني الهموم الجمعية وإغفال ماهو شخصي وذاتي غالبا ،ويأتي الحوار مع ( أناييس نن ) كنموذج يؤكد على الفردانية والذاتية في أبرز تمظهراتها داخل الوعي الغربي المتمحور حول أبيقوريته واحتفائه الباذخ بالحياة واغتراف متعها .
تقول أناييس نن في (خلاصات ) ضمن كتاب مختارات من يومياتها ( من ترجمتي – صدر عن دار المدى -2013) عن نزعتها في العيش حياة حقيقية يمتزج فيها الجانب المضيء والمعتم من شخصياتنا الإنسانية :
(-كيف يمكن عيش الحاضر عندما لا يكون هناك أحد معي في هذا الحاضر ؟؟ لا أحد يتقاطع معك ولا أحد بوسعه الرد على أسئلتك ، إن الحاضر مصنوع من متعة اصطدام جسدين غير سماويين في اندماج سماوي) .
أناييس كاتبة رواية و قصة قصيرة ويوميات ولدت في فرنسا عام 1903 لأب موسيقي إسباني و أم دانماركية و توفيت في لوس أنجيلس بكاليفورنيا عام 1977، ترسخت مكانتها الأدبية المرموقة عند صدور المجلّدات الثماني ليومياتها الشخصية التي تنعكس فيها – كما في كل كتاباتها الأخرى – تأثيرات الحركة السريالية و التحليل النفسي . انتقلت والدة أناييس مع ابنتها عام 1914 إلى نيويورك حيث تلقّت فيها أناييس تعليمها ثم عادت الاثنتان إلى أوروبا ، و قد أطلقت أناييس الشرارة في مهنتها الكتابية مع نشرها لكتاب ( دي. إج. لورنس : دراسة غير مهنية D. H. Lawrence : An Unprofessional Study ) عام 1932، و هو الكتاب الذي كان السبب في أن يجمعها بصداقة حميمة امتدت حتى آخر حياتها مع الكاتب الأمريكي هنري ميللر .
مع بداية الحرب العالمية الثانية انتقلت أناييس إلى نيويورك ونشرت عدداً من الروايات والقصص القصيرة التي لم تنل أي حظ من الاهتمام بين الحلقات الأدبية على الرغم من إشادة بعض كبار النقّاد بها ثم جاءت أولى خطوات تكريس أناييس كاتبة مؤثرة مع نشر أول مجلدات يومياتها عام 1966 و كانت هذه اليوميات هي السبب في إعادة النظر الشاملة بجميع مؤلفاتها السابقة و بخاصة سلسلة رواياتها المعنونة ( مدن داخلية ) التي تضمّ خمس روايات منها : ( سلالم إلى النار ) عام 1946 ، و ( أطفال القطرس ) عام 1947 ، و ( القلب الرباعي الحجرات ) عام 1950 .
بقيت مساهمات أناييس الأدبية مثار جدل متصل في حياتها، و بعد وفاتها فقد أشاد الكثير من النقّاد بقدرتها الفريدة في التعبير عن المشاعر الأنثوية واحتفوا بأسلوبها السردي و بصيرتها السايكولوجية ، في حين رأى نقّاد آخرون في إنجازها الأدبي نوعاً من النرجسية المفرطة و محاولة توكيد هويتها الذاتية حسب، واتسعت الهوة بين فريقي النقاد مع نشر عملها ( دلتا فينوس ) بعد وفاتها عام 1977 مع مجموعة روايات أخرى كانت تدور كلها في الفضاء الإيروتيكي كتبتها أناييس أيام عوزها المالي الشديد في مقتبل أربعينات القرن الماضي وقبلها، و من بين هذه الروايات الأيروتيكية نذكر : مجموعة القصص القصيرة ( تحت الناقوس الزجاجي ) عام 1944 ، و ( بيت المحرمات ) عام 1936، و ( إغواء المينوتور ) عام 1961 ، و ( كولاجات ) عام 1964 ، و ثلاث روايات قصيرة جداً نشرت بعنوان ( شتاء المكيدة ) عام 1939.
الحوار التالي مع أناييس نن من كتاب بعنوان ( حوارات مع أناييس نن ) حررته وندي إم . دوبو و نشر عام 1994ويضم مجموعة مهمة من الحوارات الإبداعية الكاشفة التي تقدم لنا فكر وإبداع أناييس نن وعلاقاتها بأدباء عصرها والحركات الفنية والأدبية في القرن العشرين واشتغالها بالتحليل النفسي . ،أجرت الحوار Sharon Spencer التي نشرته أصلا في فصلية الكتابات الأمريكية Quarterly of American Writings ..
الحوار:
* في كتاباتك كما في حياتك : تبدو قدرتك مذهلة على توليف أبعاد مختلفة للحقيقة والخروج من هذه التوليفة بتركيبة فريدة . ما هي القدرة الكامنة لديك التي منحتك إمكانية حياكة هذه الأبعاد في تركيبة مخلّقة مبهرة ؟
– أعتقد أن هذه الإمكانية تعود إلى حقيقة أنني كنت دوماً – بسبب من كوني شاعرة – منجذبة بقوة عجيبة إلى عالم الأحلام ، و بذات القدر الذي كنت منقادة إلى القناعة العلمية بأننا لا نستطيع العيش ما لم يتّحد الجزء الواعي فينا مع الجزء اللاواعي ، وقد كنت على الدوام مندهشة من حجم الخصوبة و الثراء الناتجين من هذا الاتحاد الفريد ، فإذا انكفأنا على أحد الجزءين منفردا سنموت ،و تلك حالة غالباً ما نشهدها في الثقافة الأمريكية . نأمل من الاتحاد بين الواعي و اللاواعي فينا الحصول على حياة رحبة الآفاق ،و هذه مسألة بعيدة عن موضوعة الحاجة إلى الفن أو الشعر : إنّها -بالنسبة لي – حاجة إلى الحياة ذاتها … الحياة الكاملة .
* شهدت مهنتك كفنانة في الولايات المتحدة إحباطات كبيرة بسبب هيمنة الذهنية الأحادية النظرة : طريقة التفكير التي ترى ان كل شيء ينبغي ان يكون صارم التحديد و معقلناً بالكامل . هل ترين أن هذه النمطية في التفكير قد تضاءلت منذ أن عدت إلى الولايات المتحدة عام 1940 ؟
– ما زلت أعتقد بقوة أن ثمة مقاومة عظيمة لنمط الكتابة التي تجنح إلى تجاوز البعد الأحادي ، فلا تزال الكثير من دور النشر و المؤلفين و المجلّات و حتى المحاورين يتعاملون في إطار تلك النظرة الأحادية ، و أرى ان من الصعوبة للغاية أن نشهد رواية جديدة و نمطاً جديداً في الكتابة ، و لكن برغم كل هذا فثمة إدراك متعاظم أن الكتّاب الشباب – الذين يقرأون هيرمان هسّه مثلاً – لهم قدرة عجيبة على إدهاش الآخرين ،و لكن هذا الوعي بقدرة الجيل الشاب لم يتمّ قبوله بعد في الأطر المؤسّساتية . على العموم لا أظن هذا الانحياز تجاه الكتابة المجاوزة للأحادية السائدة قويا كما يجب.
* إذا ما نظرنا إليك كامرأة فنانة تملك نوعا من حساسية يرقى رفض النقّاد لها إلى مقام البداهة المحسومة ، هل واجهت أية صعوبات مشخصة في ما يخص هذه المسألة تحديدا ؟
– نعم بكل تأكيد ، و لكن متى ما صارت النساء أنفسهن ناقدات ستكون النساء الكاتبات في موقع أفضل بكثير فلطالما راجع الرجال من النقّاد أعمال الكاتبات و كان الكثير منهم رائعين جداً بينما كان آخرون منحازين للغاية بالضد من النساء و رأوا في الحساسية الأنثوية أمراً سطحياً و محدوداً . أحمل الكثير من الآمال العريضة للمستقبل و أرى أن الكثير من الكاتبات يكتبن الآن بكثير من الموضوعية العالية ،و مع ذلك لا يفقدن الحماسة و الوضوح اللازمين في كل عمل أدبي ذي شأن .
* إذا اتفقنا أن الناقدات يملكن ذات الحساسية التي تؤهّلهن لفهم أعمال نظيراتهن من الكاتبات ، فكيف يمكن إذن أن نفهم أن الكثير من الناقدات هاجمن بلا هوادة رواياتك القصيرة التي نشرت عام 1940 ؟
– أعتقد أن النسوة اللواتي هاجمنني في نقدهن المفرط القسوة لأعمالي المنشورة في حقبة الأربعينات كنّ ببساطة يقلّدن الرجال و قد بالغن في القسوة إلى حد الإفراط المعيب حتّى لا يحسبن على تيار ” الكتابة النسوية ” و لحيازة نوع من القبول من جانب الرجال تحت ستار ادّعاء موضوعية و حيادية صارمتين في الأداء.
* ربّما كان هذا ما يلقي بعض الضوء على المشكلة المزمنة عند النساء في استكشاف ملامح سايكولوجيتهنّ الشخصية و هي الحاجة الملحّة التي لطالما أكّدت عليها أنت بإلحاح واضح في الجزء الخامس من يومياتك . هل يمكن للنساء أن ينجحن في معرفة معالم سايكولوجيتهن من خلال تقنيات التحليل النفسي العتيدة على الرغم من ان 90% من المحللين النفسيين هم من الرجال و أن أغلبهم منقادون إلى صورة النمطيات الجاهزة عن طبيعة النساء ؟
– سبق لي شخصيا أن تعاملت مع أحد هؤلاء المحلّلين النفسيين من الذين يضعون تحديدات قاسية على عالم النساء و لا يتعاملون مع نتاج النساء بجدّية كافية ، و لكن من جانب آخر كنت قد عولجت مرة على يدي المحلّل المبدع الدكتور أوتو رانك Otto Rank الذي يكنّ احتراما عالياً للفنان و يتعامل مع إبداع النساء على قدم المساواة مع الرجال المبدعين . النوع الأرقى من المحللين النفسيين هو من يقيم وزناً إلى اعتبارات النمو الانفعالي و السايكولوجي للمرء و لا يرى أهمية تذكر لأية اعتبارات أخرى .

* تحكين في روايتك ( القلب الرباعي الحجرات ) و بطريقة درامية عن واحدة من الثيمات المتواترة في يومياتك : التعقيد الكامن وراء طيبة المرأة و عادتها المعروفة – سواء كانت موروثة أم مكتسبة عن طريق التعليم – في وضع حاجات الآخرين و رغباتهم قبل حاجاتها و رغباتها الشخصية . كيف ترين ان هذه الطيبة البشرية الأنثوية ترتبط مع بحث المرأة عن سيكولوجيتها الخاصة ؟
– أعتقد ان هذه الطيبة مفروضة على المرأة و يتم تلقينها لها وفقاً للأخلاقيات المسيحية – اليهودية ، إذ يفترض في المرأة وفقاً لهذه الأخلاقيات الصارمة أن تكون غير أنانية و مكرّسة لحب الآخرين و العمل على إسعادهم فتكون النتيجة المنطقية أن تشعر المرأة أنها واقعة تحت عبء عظيم من الإثم إذا ما خرجت عن نمط المرأة المعطاء ذات الإيثار المطلق للآخرين . تتساءل جونا Djuna في روايتي التي أشرت أليها في سؤالك قائلة : ” هل أنا طيبة فعلاً ؟ أم أنني أحاول أن أتواءم مع شكل ما ، أو هيكل ما ، أو نموذج ما منذ البدء ؟ ” ثم تواصل جونا تساؤلها عن الأسباب التي تجعلها تنغمس في علاقات مع متمرّدي الروح من الذين لا تقيدهم تلك القيود الثقيلة التي تقيّد روحها ، أناس بوسعهم فعل كل ما تشتهيه أرواحهم ، و بمحض صدفة عجيبة تكتشف أنها كانت طوال حياتها تسعى لرمي أعباء قيودها على كاهل الاخرين . متى ما سلكنا مثل ما سلكت جونا طوال سنواتها سنرى أنفسنا مسؤولين عن الناس الموصوفين بكونهم ” سيئين ” لأننا نشعر انهم يعيشون في الجانب المظلم غير المعلن من حياتنا في ذات الوقت الذي يتعزّز فيه شعورنا بكوننا ” طيّبين ” ، و لكن جونا تكتشف ان هؤلاء ” السيئين ” هم اكثر نزاهة منّا نحن ” الطيّبين ” لأننا نعاند تلك الرغبات الدفينة الكامنة فينا بينما هم لا يفعلون و هذا اعتراف صعب للغاية و شديد القسوة و له تبعاته و لكنه يستبطن مكافأته الجميلة أيضاً : أن تعرف منذ البدء أنّك وحدك المسؤول عن حياتك و عن أفعالك كلها – بضمنها المظلمة و المسكوت عنها – و إنك متى ما قبلت بهذا سيمكنك ان تتحكم بزمام أفعالك بدل ان تتسبّب هي لك بقلق عظيم يصعب علاجه .
* تعود مسألة انغماس شخص ما في حياة شخص أخر إلى الظهور ثانية في عملك الروائي ( مدن داخلية ) و في يومياتك أيضاً . تقولين في الجزء الخامس من يومياتك : ” كتب دي. إج. لورنس بالضد من الانغماس ، و لكن هذا الانغماس هو ذاته ما أحبه و أسعى إليه ” . كيف ترين أن هذه الرغبة في الانغماس ترتبط مع سعي المرأة لاستكشاف سيكولوجيتها الخاصة ؟
– الانغماس ميل طبيعي لطالما امتلكته المرأة منذ أقدم العصور ، فعادة تطمح النساء إلى الغوص في دواخل رجالهن و يمكن أن يكون هذا أمراً خطيراً و هو يعتمد أساسا على كيفية اختيار المرأة لشريكها الرجل ، و من جهة أخرى تميل بعض النساء إلى اختيار رجل ضعيف لا يمكنه ان يشكّل تداخلاً مع نموهن الانفعالي و هو الأمر الذي أراه طريقة سلبية في البحث عن الحرية الموعودة للمرأة .
* في مفهومك عن الحب : هل يبدو الانغماس أمراً لا غنى عنه ؟
– نعم و لكن الأمر يستوجب تعريف مفردة ” الحب ” بشكل دقيق للغاية و هنا أقصد الحب الذي ينطوي على جميع مفردات التعاطف و المشاركة الوجدانية و الفهم الحدسي لمشاعر الشريك ، و أشير بشكل غير مباشر إلى الفعل المعقّد و الممتع للدور الذي يؤديه التناغم بين الشريكين . لا يمكن للانغماس ان يستمر ثابتاً و على إيقاع واحد ، تحدث لورنس ذاته عن هذا الأمر : فثمة أوقات يحتاج فيها الرجل أن يكون وحيداً تماماً مثلما تحتاج المرأة أن تنفرد بروحها وحيدة أحياناً ، ينبغي لكلّ من الرجل و المرأة أن يمتلك روحه الخاصة على الدوام .
* هل لا زلت ترين نفسك ” كرة الكريستال التي يرى فيها الناس انسجامهم السحري ” كما كتبت في الجزء الثاني من يومياتك؟
– يبدو أن هذا الأمر لا يزال صحيحاً . سمعت مؤخراً عن رسّام كان يحارب الاكتئاب و قرّر في لحظة انهيار مقاومته وضع حد لحياته ، فاشترى الحبوب المنومة اللازمة لعملية انتحاره مع نسخة من يومياتي و عندما جلس ليلاً يقرأ اليوميات قبل أن ينتحر رمى الحبوب المنومة بعيداً و قرّر أنه يريد مواصلة الحياة . ليس ثمة معجزة حصلت : الإيمان بالحياة – سواء كانت حلوة أم مرّة – و رفض اليأس و التبنّي الراسخ لكل مظاهر الحياة يمكن أن تكون معدية للأخرين !! أرى في نفسي شخصا قادرا على إصابة الآخرين بهذه العدوى و عنادي و ثباتي و حبّي العميق للحياة كلها أمور معدية ّ .
* عندما سُئلتِ مرة لماذا لم تسمحي لنفسك بالانفجار للتعبير عن حرّيتك و بعدك عن الخوف ، كان جوابك أن هذا لا يتّفق مع كونك امرأة . هل يمكنك أن توضّحي لماذا أجبت هكذا ؟
– لطالما كنت مشغولة إلى حد الهوس بفكرة التسامي على الغضب و تحويله إلى طاقة أو قدرة تخليقية ، و أردت على الدوام أن نتمكن من تحويل عواطفنا السلبية – كالغيرة و الحسد – إلى نظائر إيجابية و إن دور المرأة كصانعة سلام peace – maker فكرة متجذّرة عميقاً في داخلي لأن هناك على الدوام حاجة مستديمة لموازنة حب الرجل للحرب و العداء الطبيعي المتأصل في داخله .و لاتزال هذه المسألة تشكّل هاجساً كبيراً لي و أتطلع إلى حدوث الثورات و التطوّرات دونما مظاهر عنفية مؤذية ، إن كوني امرأة يعني لي أساساً حب الحياة و الحفاظ عليها أكثر من حب السلطة التي لا تزال الهاجس الأعظم و الأكثر مأساوية بذات الوقت للرجال ، فالتأريخ كما نعلم هو سعي حثيث من أجل الاستحواذ على السلطة .
* كتبت مرّة : ” إن البعد المأساوي للحب يظهر فقط عندما يحاول أحد ما أن يزاوج بين حب مفتوح النهايات مع حب محدود . كل ما حولي يهمس لي أن الواحد لا يكفي ، و الاثنان لا يكفيان ، و النساء اللواتي اعرفهنّ يبحثن دوماً عن إضافة حب فوق الآخر . ” . هل ترين أن هذه الرغبة في ” إضافة حب فوق الآخر ” يمكن أن تتوازن مع مفهوم الزواج المشروع الذي يحكمه القانون ؟
– أعتقد أننا سنستغني عن مفهوم الزواج المحكوم بالإجراءات القانونية خلال السنوات القليلة القادمة ، فمسائل مثل الزواج و الطلاق لا ينبغي لها ان تكون سلعة يتكسّب من ورائها المحامون المتلفّعون برداء القانون ، و ينبغي للمجتمع أن يدرك أن كل الأطفال متساوون سواء جاؤوا من زواج قانوني أو بأي شكل أخر من أشكال العلاقة بين المرأة و الرجل . ينبغي للزواج أن يكون محض خيار حرّ لشخص حر ليكون في المركز من حياة شخص آخر ، و إن فكرة العلاقات المتعددة كانت تعدّ على الدوام أمراً مفروغاً منه بالنسبة للرجل و أرى ان ذات الشيء ينبغي أن يحصل مع المرأة.
* عندما تأكد أن الحرب العالمية الأولى باتت على الأبواب كتبت في يومياتك : ” البطل المعاصر هو من يستطيع الإمساك بلجام عصابه neurosis و لا يسمح له أن يستحيل عصاباً جمعياً ،،، هو من يكافح بالضد من الأساطير المؤذية التي تلحّ عليه و تدعوه إلى القتل و يعلم تماماً أنه هو من صنعها ،،، هو الذي يدخل المتاهة و يحارب الوحش القابع فيه ” . ما الذي يمكنك ان تقوليه لتشجيع هؤلاء الذين لا يزالون خائفين من اتخاذ قرار المشاركة في ” الرحلة الخطرة ” للحياة ؟
– سأقول لهؤلاء : احتفظوا دوماً برؤيتكم عن الهدف الأسمى ، و عيشوا حياة رحبة خالية من موجبات القلق و الصراع القاتلين ، و لا تنسوا أن الإنجاز يكمن في الحب و القدرة على الخلق ، و لا تدعوا الإحساس المبهج بالإنجاز العميق يفلت من بين أيديكم.
______
*روائية ومترجمة من العراق /المدى

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *