عبد الله عمران: نهاية الرحلة في قلب الصعوبة


طلال سليمان *


.. وانتهت الرحلة في قلب الصعوبة والتي أنجزت ما يفوق تقدير الفارسين العربيين: تريم وعبد الله عمران، بالتحاق الدكتور عبد الله بشقيقه تريم، يوم أمس، إلى جوار ربه، وانطفأ المصباح الثاني في هذه العائلة التي تركت بصمتها على صفحة مشرقة من تاريخ منطقة الخليج العربي.
أمس غادرنا عبد الله عمران بعد عمر حافل بالخدمة العامة في الإدارة والوزارة والعمل السياسي والانجاز في المجال الصحافي حيث أسس مع شقيقه المرحوم تريم عمران جريدة “الخليج” التي غدت الآن مؤسسة كبرى، هي بالتأكيد الأهم في منطقة الخليج العربي عموماً، وهي بين الصحف المعدودات على مستوى الوطن العربي كله.
ارتحل “أبو خالد” ملتحقاً بشقيقه ومثاله في المغامرة في الصحافة تريم. فهما قد باشرا مشروع صحيفة “الخليج” في الكويت بداية، ثم انتقلا معها وبها إلى الشارقة بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعد صعوبات هائلة، بعضها من طبيعة سياسية، والبعض الآخر من طبيعة مهنية تفرضها طبيعة المرحلة التأسيسية للدولة الناشئة والتوازنات داخلها وهي التي احتوت المشيخات التي غدت الآن أجزاء من الدولة الواحدة.
وكما تخلى تريم عمران عن رئاسة المجلس التشريعي في الدولة الجديدة، ليتفرغ للصحافة، كان على الدكتور عبد الله ان يتخلى عن الوزارة ليتولى اكمال الرسالة في مجال الخدمة العامة، بالتعبير عن مطامح أهله، والدفاع عن الهوية العربية عبر مهنة المتاعب.
ولقد شقت “الخليج”، وهي شقيقة “السفير” نهجاً وزمالة ورفقة سلاح، طريقها إلى قمة النجاح مقدمة نفسها الجريدة العربية الأولى في الجزيرة العربية عموماً… ثم أخذت تولد المجلات، سياسية مثل “الشروق”، ونسائية ـ اجتماعية ورياضية، فضلاً عن الملاحق العديدة.
وبعد وفاة تريم عمران كان على الدكتور عبد الله ان يواصل النجاح ثم ان يحميه، وخصوصاً في ظل التحولات السياسية التي ضربت المنطقة جميعاً. ونجحت الصحيفة التي غدت مؤسسة كبرى بهمة عبد الله عمران وقد بات له من خالد عبد الله عمران العون والسهر على الانجاز لحمايته وتأمين أسباب النجاح الدائم.
إن غياب الدكتور عبد الله عمران خسارة لدولة الإمارات وللصحافة العربية عموماً ولـ”السفير” خصوصاً.
وأسرة “السفير” تتقدم بخالص عزائها لأسرة الفقيد الكبير بشخص نجله خالد وسائر أفراد الأسرة التي نقشت اسمها في تاريخ الامارات والصحافة العربية، ولأسرة مؤسسة الخليج بكل مطبوعاتها.
رحم الله الدكتور عبد الله عمران وعوضنا بمثله في الإمارات كما في سائر الأقطار العربية.

عبد الله عمران تريم


انتقل إلى رحمة الله تعالى، صباح أمس، المغفور له بإذن الله تعالى الدكتور عبد الله عمران تريم، رئيس مجلس إدارة دار “الخليج” للصحافة والطباعة والنشر عن عمر يناهز 66 عاماً. تقام صلاة الجنازة على جثمان الفقيد بعد صلاة اليوم الجمعة في “مسجد الملك فيصل” في الشارقة، ويوارى جثمانه الثرى في مقبرة جبيل في الشارقة.
الفقيد من مواليد العام 1948، تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس الشارقة والكويت، حصل بعدها على إجازة في التاريخ من كلية الآداب في جامعة القاهرة 1966، وعلى الدكتوراه في التاريخ الحديث من “جامعة اكستر” في المملكة المتحدة العام 1986.
عمل الفقيد مدرساً في ثانوية العروبة لمدة سنتين، ثم مديراً للمعارف في الشارقة خلال الفترة 1968-1971.
كان الفقيد عضواً في فريق المفاوضات التساعية والسباعية لإقامة دولة الاتحاد، ثم وزيراً للعدل في أول حكومة اتحادية خلال الفترة 1971-1972، ثم وزيراً للتربية والتعليم في أول حكومة اتحادية خلال الفترة 1972-1979.
شارك الفقيد مع شقيقه المرحوم تريم عمران في تأسيس جريدة “الخليج” العام 1970، والتي استأنفت إصدارها في العام 1980 حيث تطورت بعد ذلك إلى مؤسسة دار “الخليج” التي يصدر عنها ست مطبوعات يومية وأسبوعية وشهرية.
تولى الدكتور عبد الله عمران قيادة المؤسسة مع شقيقه المرحوم تريم عمران وعمل على تطوير أنشطتها المختلفة، إلى أن توفي شقيقه تريم عمران تريم في 16 أيار 2002، ليتولى بعدها مركز رئيس مجلس إدارة دار “الخليج” للصحافة والطباعة والنشر.
ترأس الدكتور عبد الله عمران مجلس إدارة مركز الخليج للدراسات الذي يصدر تقارير سنوية وكتباً متنوعة تبحث في القضايا العربية عامة والخليجية خاصة. ومن ضمن أنشطة المركز إقامة الندوات والمحاضرات وكذلك المؤتمر السنوي الذي يستضيف أهل الخبرة والفكر للتداول في القضايا العربية والخليجية والمحلية.
ترأس الفقيد مجلس إدارة مؤسسة تريم عمران تريم للأعمال الثقافية والإنسانية. له مؤلفات حول قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، والتعليم والتنمية والكثير من المقالات الفكرية والسياسية.
يعتبر الفقيد أحد أعمدة الصحافة الإماراتية والعربية، يشهد له بمواقفه من القضايا المفصلية، وعناده وثوابته التي لا تتغير تجاه القضية الفلسطينية والثوابت العربية والقومية.
اختير الدكتور عبد الله عمران تريم شخصية العام الإعلامية في العام 2009 تقديراً له على عطاءاته وخدمته للصحافة الإماراتية خاصة والصحافة العربية عموماً، وعن مجمل عطائه على مدى عقود في خدمة الإعلام العربي وما يمثله من قيمة مهنية عالية وضعته ضمن قائمة أبرز قيادات العمل الإعلامي العربي على مدى أكثر من أربعين عاماً.
وكان عبدالله عمران أول وزير عدل في الدولة بين العامين (1971 – 1972)، ثم عاد بين الأعوام (1990 -1997) مرة ثانية ليشغل حقيبة وزارة العدل. عمل خلال هذه الفترة ضمن فريقه الوزاري على صياغة العديد من التشريعات التي كان لها كبير الأثر في تقويم البنية التشريعية للدولة في مختلف المجالات القانونية.
وخلال توليه مناصب للتربية والتعليم (1972 -1979) كلفه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بتأسيس جامعة الإمارات، وكان أول رئيس أعلى للجامعة، كما عمل خلال هذه الفترة على وضع العديد من المناهج وطرق التعليم والدراسة.
وخلال الفترة التي كانت تنوء فيها المنطقة تحت ثقل الاستعمار الذي كان دأبه زرع عوامل الفرقة بين ساكنيها، وتضييق سبل العيش على أهلها، كانت تلك البيئة القاسية بكل معانيها مصدراً لأحلامه، ومحفزاً لآماله، فانطلق يسعى إلى العلم وسيلة إلى تحقيقها، كانت البداية في الشارقة، وحينما ضاقت وسائل التعليم فيها شد الرحال إلى الكويت طالباً في مدارسها، ومن ثم إلى القاهرة ليتخرج في جامعتها في حقل الدراسات الإنسانية، وفي سنوات لاحقة حصل على شهادة الدكتوراه في تاريخ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة من “جامعة اكستر” البريطانية.


– السفير 

شاهد أيضاً

ليست مرثيّة لإميل حبيبي

(ثقافات) ليست مرثيّة لإميل حبيبي: الإنسان في جوهره مرزوق الحلبي عندما اتخذ الحزب الشيوعي قرارًا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *