*
بعد إصدارها لمجموعة من الروايات العالمية ضمن سلسلة “ألف راء” مثل “ساعي بريد نيرودا” للروائي الشيلي أنطونيو سكارميتا و”زوربا اليوناني” و”حديقة الصخور” لنيكوس كازنتزاكي، دخلت دار مسكيلياني في تجربة كتاب الجيب بالعمل على مجموعة من أبرز الروايات العالمية ونشرها بأسعار رمزية تتلاءم مع القارئ وقد أطلقت على هذه السلسلة الجديدة اسم “نصوص مهاجرة” ويشرف عليها الشاعران شوقي العنيزي ورمزي بن رحومة، ويشتمل المشروع على نشر ثامني روايات صدرت مؤخرا الرواية الأولى منها وهي رواية “نعاس” للروائي الياباني الكبير هاروكي موراكامي لأوّل مرّة باللغة العربية وقد تكفّل بتعريبها الشاعر رمزي بن رحومة وعن هذه الرواية يقول: “النعاس” تلك اليد الشفّافة التي تتسلّل إلى وعينا كلّ يوم فتعبث به وتأخذنا في جولة سحريّة عبر عالم مليء بالألغاز.. أيّ معنى لحياتنا في غيابه؟ كذا تساءلنا جميعا في لحظة بعينها من لحظات حياتنا مستمتعين بلعبة الاحتمالات المنسابة أمامنا كفقاعات الصابون.. ولم نظفر بشيء، ولكنّ بطلة هذه الرواية استطاعت أن تحوّل الاحتمال إلى واقع، حين وضعها المصير في غمار التجربة. وبمجرّد وقوفها هناك.. عند الضفّة الأخرى، ضفّة اللانوم واليقظة الدائمة، لم يعد يشغلها سوى الإجابة عن سؤالها الأكثر إلحاحا: “أيّ معنى لذهابنا اليوميّ إلى الفراش وإغماضنا أعيننا في انتظار النوم؟” فإذا بها تنقّب عن الأجوبة الممكنة في رفوف الذاكرة وبين طيّات الكتب دون أن تحظى بجواب شاف تتخذه بديلا من إجابتها المؤقتة: “حتّى ذلك الوقت كنت أعتبر النعاس دفعة تحت الحساب من رصيد الموت” هكذا كانت إجابتها، ولكن من تراه يعود من عالم الأموات ليؤكّد الإجابة لنا أو ينفيها؟ حتما لا أحد!! رواية هاروكي موراكامي هذه ليست مجرّد سرد شيّق للأحداث فحسب بقدر ما هي منظار مكبّر يسمح لنا بتأمّل ما لا يُرى من تفاصيل وجودنا في دهشة مشوبة بحزن شفيف. وإذا كانت بطلة الرواية قد توقفت عن النعاس نهائيا فإنّ قدرة موراكامي على الإدهاش سرعان ما تنقل عدوى البطلة إلى قارئ الرواية ليحد نفسه مُورَّطا في عوالمها الغريبة غير قادر على النوم قبل إنهائها.
___
*تونس
___
*تونس