أَنْتِ


ملاك الأشقر*

( ثقافات )


يَغْمُرُني دَائِماً ذَلِكَ الْإِحْسَاسُ بِالانْفِصَامِ
بَيْنَ كَوْنُكِ مَعِي وَضِدِّي ،
فِي الغَالِبِ مَا تَهْرُبُ مِنِّي مَلاَمِحُكِ ،
وترتعش قسماتك عندما تلامسها أَصَابِع رُوحي ،،
رُبَّما كانت المسافات بيننا كبيرةً ،
وعُمْرُ الزمن مُمْتَدٌّ بلا نهاية،
تُرْهِقُنِي مُشَاكَسَاتُ البَحْثِ عَنْكِ ،
وتُصْهَرُ سَكَرَاتُ السَّعَادَةِ بين أَضْلُعِي،
وتَتَصَلَّبُ شرايين الفَرَحِ مِنْ فَقْدِكِ ،
فَلَا أَنْتِ مَعِي ولا أنت ضدي ،
كُلُّ البَشَرِ يَتَغَنَّى بالفصول الأربعة
وَلاَ أَرَى مِنْهَا غَيْرَ فَصْلٍ وَاحِدٍ ،
تَتَسَاقَطُ فِيهِ نَبَرَاتُ شَوْقِي كَمَا تَتَسَاقَطُ أَوْراق الشجر.
مَنْ تَكُونِينَ أَنْتِ فِي عَالمٍ الأحْرارِ وَالعَبيد؟
هَلْ أَنْتِ صَحْرَاءُ جُنُونٍ أَمْ وَاحَاتُ حِكْمَةٍ ؟
أَوْ رُبَّمَا كُنْتِ أَنْتِ كَمَا أَنْتِ… فَلَنْ أعرفك ؟
أَحْسِبُكِ تَارَةً تَتَعَطَّرِينَ بِنَخْوَةِ الْآدَمِيَّة
وَتُدَثِّرُكِ حُرُوفُ الْحُرِّيَّةِ فِي مَعَاركِ الْمَبْدَئِيَّة،
وَأَجِدُكِ تَارَةً مُزَيَّفَةَ الْإِنْسَانِيَّة وأَمَةً تَعْبُدُ الدِّرْهَمَ والبُنْدُقِيَّة،
وَرُبَّمَا أَنْتِ مَزِيجٌ مِنْ كُلِّ هَذَا وَذَاكَ بِلاَ طَعْمٍ
تُشْبِهِينَ السِّيَّاسَةَ وَمَلاَمِحُكِ عَرَبِيَّة
أَوْ أَنَّكِ قِدِّيسَةً تَعْبُدِينَ هَوَاكِ
وَأَنْفَاسُكِ مَعْجُونَةٌ بِمَاءِ الرَّحْمَةِ، وَآهَاتُكِ قَاسِيَّة
أَنْتِ تُشْبِهِينَنِي..ولا أُشْبِهُكِ..
وَرُبَّمَا كُنْتُ أَنَا الَّتِي أَسْتَعْبدُكِ
بِحُرُوفٍ مَسْكُونَةٍ
وأَنْتِ تُحِبِّنَنِي مَكْسُورَةٍ مَجْرُورَة..
ومن تَرَدُّدِ خطواتِكِ أَنَا أهابُكِ ،
فَتَعْلُونِي حرارة السؤال عنك،
ويَغْمُرُني دَائِماً ذَلِكَ الْإِحْسَاسُ بِالانْفِصَامِ
بَيْنَ كَوْنِكِ مَعِي وَضِدِّي ،
فمن أنتِ؟؟؟

* باحثة من المغرب

شاهد أيضاً

الرسالة الأخيرة

الرسالة الأخيرة تيد هيوز-شاعر بريطاني ترجمة: محمد عثمان الخليل- مترجم وأكاديمي سوري   ماذا حدثَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *