*
المعرض الفردي الأول في منطقة الشرق الأوسط في غاليري كوادرو بمركز دبي المالي العالمي تحت عنوان “خارج الجسد” للفنانة التشكيلية المولودة في أذربيجان آيدن سالاخوفا، التي تعتبر من رواد الفن المعاصر بروسيا، المعرض يعتبر بمثابة ملحمة فنية لعالم المرأة الشرقية الداخلي، ليشمل مختلف أنواع الفنون البصرية من خلال الجسد والأيدي والأشياء. يستمد المعرض الذي يستمر حتى 7 نوفمبر الجاري، ويضمّ 25 لوحة ومنحوتة وعملا مفاهيميا وزخارف هندسية إسلامية، من شمولية الفكرة وعمقها، حيث تناولت آيدن التي تخرجت في معهد الفنون سويكوف عام 1987، عوالم المرأة الداخلية الخفية والغامضة برمزية، تحدت فيها نفسها، خاصة في المنحوتات التي شكلتها من رخام كاريرا الأبيض والغرانيت الأسود.
يعود الزائر عبر لوحات آيدن إلى عوالم المرأة الداخلية، فعلى الرغم من تسربلها بالسواد، إلا أنه يستطيع النفاذ إلى البعد الخفي بين العلم الذي تحمله إلى تفاعلها مع الحياة الخارجية، إما باستسلام لتتحول روحها إلى كفن، تحمله بين يديها بحزن دفين أو بحنو وعذوبة، وإما بالرفض الحاسم من خلال الكف البيضاء الرخامية الخارجة من دمعة سواد الغرانيت، ولتعكس هشاشة عالمها من خلال رسم أجزاء ملامح الوجه البادية من الحجاب والأيدي بقلم الرصاص فقط.
وبقدر ما تبدو أعمالها رومانسية وشاعرية، بقدر ما تحمله من جدلية وتساؤلات، جمعت بين تناقضات عالم المرأة الخارجي والمستتر، وتحمل كل لوحة أو منحوتة فكرة بحدّ ذاتها، ففي منحوتتها “بييتا”، تحمل المرأة المحتجبة بسواد الغرانيت طهرانية روحها البيضاء من رخام الكاريرا، الذي طوعته ليتحول إلى طيات من القماش اللين، لتنتقل إلى منحوتة أخرى أظهرت إبداعها وقدراتها الفنية، لينساب الرخام كالحرير الأبيض برشاقته وخفته الافتراضية.
تعتمد آيدن في إبراز فكرتها من خلال بساطة التكوين واختزال التفاصيل بدقة مدروسة على وحدة لونية، تجمع بين الأسود والأبيض والأحمر القرمزي واللون الذهبي، الذي يضفي إيقاعا لونيا، يعيد الزائر إلى عوالم الفن الإسلامي، حيث يتجلى إبداعها الفني في كسرها لمساحات السواد الثقيلة بلمسة من اللون الأحمر أو الذهبي.
يعتبر معرض آيدن الحالي استمرارية لمشروعها البحثي الفني حول عوالم المرأة الشرقية، الذي بدأته قبل سنوات لتقدم أضخم معرض فردي لفنان في متحف موسكو للفنون الحديثة في نهاية العام الماضي، وتمضي بفكرتها لتتناول هيمنة الذكورة على العالم الشرقي من خلال مجموعة لوحات رمزية، رسمتها بقلم الرصاص والفحم، لتنتقل إلى سحر الشرق عبر الزخارف الهندسية في فنون “الأرابيسك”.
_________
*(العرب)