ماماس أمرير *
( ثقافات )
هذا ما أفْعَلُهُ كُلّ يَوْمْ
أعدّدُ كمْ حَبَةَ مُسَكِنٍ ابتَكَرتُها حتى الآن!
الأفكارُ الطَيّبَة
تُشْبِهُ الموْتَ البَطيءْ
تُشْبِهُ أحْلامي التي يَنْهَشُها طاعونُ هَذا العالمْ
حينَ كنتُ أرمي بِرَأسي مِنْ حافةِ فِكْرَةٍ مُلِحّةْ
كانتء هَفَواتي الصَغيرة تَتَكاثرْ
وكنت أحمّل رَغَباتي مسؤولية ذَلكْ
أفْكاري
سَألقيها في النّهْرْ
أوْ أتْرُكها عَلى مَقْعدٍ في الحَديقَةْ
أجْلِسُ بعيداً
أتَفَرّجُ عَلى خيْبَاتي
يَلْعَبُ بِها الصّغارْ
وأسْتمتِعُ بِذلكَ
دونَ أنْ أبوحَ لأحَدٍ بالسِرْ
سَأعْتَرِفُ لِلآخرينْ
أنّ مِحْفَظَةُ أفكاري سَقَطَتْ مِنْ رَأسي
وسَأتظاهَرُ بالسّعادَةْ!
لنْ أعْتَرِفَ أنّها وَقَعَتْ في الحَديقةْ
وأنّ أحَدهُمْ مرّ قربَ النّهْرْ
فَشَربَها دونَ أنْ يَدْري!!
حتماً سَيريحني مِنها
وأعْفي رَأسي الذي يَبْتَزّني
سأنْجِبُ أفكارا جَديدَةً
وأتَناوَلُ الكثيرَ مِنَ الشّوكولاتهْ
كيْ تَزيدَ أفكاري الجَديدةَ مِنْ وَزْنِها …
فرُبّما أجدُ سَبيلا
وتَنْمو قُدُراتي اللعينَةْ
وأتجاوَزُ ما يَحْمِلني عَلى تَجَرّعِ هَذا القَلقَ كلّ يَوْمْ
ماذنْبي أنا؟
الكثيرَ مِثْلي تَناولوا الشوكولاتَهْ
وتَضَخّمَتْ أناتهمْ
الكثيرَ مِثْلي
اسْتراحَتْ أفْكارَهُمْ
في الفَنادِقِ وتَناحَرَتْ مِنْ أجلِ المِنَصّاتْ
ما ذنبي؟
أتجوّلُ وَحيدةً في دَهاليزِ الصَمْتِ وبِداخلي صَرْخَةْ
ورأسي يَبْتَزّني
وَيُصِرّ أنّ العالمّ يَموتُ دونَ أن يَكْتَشِفَ نَفْسَهْ
آهٍ … لوْ تَحَوّلَ إلى رأسِ فَراشةٍ ساذِجَةْ!
لا مَواسِمَ في جُعْبَتي
لا مَطَرَ في سَمائي
و كُلما قَرّرْتُ الانْتِحارَ أتَراجَعُ عَنْ قَراري
أرجئُ ذَلكَ إلى موْسِمٍ قادِمٍ..
مَوْسِمٍ تَرْتَفع فيهِ حِرارَةُ رَأسي أكثَرْ.
لا لوْمَ عليَّ
حينَ تَتَكَوّمُ بَقايا رَأسي في جَسَدي
رَأسي لمْ يَعُدْ يَحمِلني
أمْشي وَحيدَةً
بلا رَأسي….
حَلمتُ لأفْكاري
بِحَديقَةٍ طَيّبةٍ تَسْتَريحُ تَحْتَ شَجَرها
لكنّ الصّحْراءَ بِعُيونٍ فارغَةْ
إلا مِنْ سَرابٍ يَبْكي كُلما أسْرَفَتِ الشَمْسُ في حُلمِها
الصّحْراء موحِشَةْ
لم تَمْنَحْني فُرصَة أخيرةْ
فَتَركتُ جِراحي عَلى الطريقْ
ومَشَيْتُ بِدوني
ها أنا مِثاليَةٌ وموحِشَةٌ كما الصَحْراءْ
جِلدي أتونٌ
وذِهْني مُشوّشٌ كجَوٍّ خَماسيني
أما قَلبي فَفِكرَةٌ فاجِرَةٌ أتَنَصَّلُ مِنها
كُلما رَأيتُ أحدا
طريقي قاحِلٌ
تُبَدّدُ صَمْتَهُ السِّحْلياتْ
يا لها مِنء نِهايةٍ مُحْزنَةْ!
أجلسُ الآنَ تَحْتَ سَماءٍ خَرْساءْ
بلا رَأسٍ يَبْتَزّني
أنظرُ إليكَ أيّها العالم
لا أريدُ مِنْكَ شَيئا
لا سَماءْ
لا أنبياءْ
ولا أوْهامُكَ القاتِلةْ!