( المنذورة) للشاعرة الفلسطينية مجد يعقوب


( ثقافات ) 

صدرت للشاعرة الفلسطينية مجد يعقوب، مجموعتها الشعرية الثانية عن (دار صفحات للدراسات والنشر- سوريا)، بعنوان (المنذورة)…
ضمت المجموعة (42) قصيدة توزعت على الهم العام والذاتي والوطني والإنساني…
ومن عتبة المجموعة باعتبارها المصافحة الاولى للقارئ، تضعنا الشاعرة أمام أسئلة يشي بها العنوان رغم أنه اسم معرف وإخباري.. لماذا هي المنذورة بالذات؟ ومن هو المؤهل لنذرها؟ ولماذا؟ ولأي هدف؟.. أهو إحساس ذاتي، أم نتيجة إرهاصات كثيرة تمور بها الحياة بكل تناقضاتها؟


قصائد المجموعة لا تجيب عن هذه الاسئلة المواربة.. فهي غير معنية بالإجابة عنها، وإنما تعتمد إثارتها. وهذه واحدة من شروط الإبداع .. فهي ترسم حالات ومناخات ورؤى تشكل معادلاً نفسياً وفنياً لإرهاصات العالم المأزوم من حولها، القريب منه والبعيد، بما يبلور موقفاً واعياً يبتعد عن المباشرة إلى التلميح والإشارة .. والشاعرة في قصائدها تعبر عن هذه الأزمة (الخارجية) من دون التأثر السلبي والموقف المتشنج كرد فعل منفعل، باختلاف تفاصيل الأزمة وحيثياتها المزمنة وتناقضاتها الصارخة.. على المستوى الجمعي، وباختلاف الأجناس والهويات، والمستوى الفردي، الإنسان باعتباره الفاعل (تأثرا وتأثيراً)، فرداً وجماعة أيضاً ، وتعتمد الشاعرة في ذلك الأسلوب الحكائي أحيانا كثيرة، والسرد الشعري أحيانا أخرى، عبر ضمير المخاطب، وضمير المتكلم، بثنائية متضادة، تتحرك على مساحة مشتركة فوق صفيح ساخن…
الفضاء العام للمجموعة الذي تدور فيه القصائد يشي بالغربة والوحدة والخسارات غير المبررة (موضوعياً)، في لغة مكتفية بذاتها وبمحمولها الذي أرادت الشاعرة إيصاله إلى القارئ ولا تشتت ذهنه ولا تبعده عن معاناتها.. التي هي بالضرورة معاناته.. في صور مرسومة بدقة ووضوح شديدين، كل منهما يحمل زمنه الخاص ضمن الزمن الفيزيائي العام.. مؤطراً بشفافية ترى الأشياء بوعي ولا تبتعد عنها إلا بالقدر الذي يؤكد ان الأزمة خارجية إزاء تصالح داخلي غير مأزوم أو منغلق.. يصطدمان على مساحات قصائد المجموعة التي تستوقف القارئ للتأمل والمشاركة.. تاركة له بعض الالتماعات المغلفة بغموض محبب.. تبدو قريبة على الرغم من عمقها الذي آثرت الشاعرة إشغال القارئ به ، بما يشكل ويضيف جمالية أخرى إلى قصائد المجموعة .. أداء و بناء ..

شاهد أيضاً

سيرة توازي بين القراءة والكتابة بدون تفاصيل الحياة

(ثقافات) سيرة توازي بين القراءة والكتابة بدون تفاصيل الحياة عبد الجبار الرفاعي يكتب عن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *